فى يوم مشهود من أيامهن –خاصة- وأيام مصرنا ووزارة الأوقاف -عامة- شهدت واعظات الأوقاف مؤتمرهن الأول الذي أقامته الوزارة لهن فى الخامس من مايو الجاري، وكان لى شرف حضوره وسط كوكبة منيرة من خيرة نساء وعالمات مصر، واعظات الأوقاف من كل محافظات الجمهورية، جئن يشهدن هذا العُرس الاول المحلى لهن، مكرمين، معترفا بحقهن وفضلهن وريادتهن الفضلى والمثلى البينة على المجتمع شتى بنسائه وأطفاله ورجاله.
جاء مؤتمرهن الأول "تأهيل الواعظات ودورهن في مجال الدعوة وخدمة المجتمع" تجسيدًا وتأكيدًا لدورهن الرائد الفريد الذي لا يألو جهدًا الدكتور محمد مختار جمعة وقيادات وزارته من التأكيد عليه، والدفع بهن إلى مقدمة مصاف العالمات، الباحثات، الفاهمات،المدققات، المطبقات، والناشرات لصحيح دينهم، بسلوكه، وأخلاقه، ومعاملاته فى ربوع مساجد مصرنا المحروسة، على امتداد أرضها المباركة.
والحق أشهد أن ولاية الدكتور محمد مختار جمعة لوزارة الأوقاف شهدت –وما زالت- عناية فائقة بملف واعظات الأوقاف الفضليات، علميًا، وتدريبًا، وتأهيلًا تكنولوجيًا، وكل ما يمت بالدفع بهن قدمًا إلى الطريق الأمثل الفريد للداعية المستنيرة، العالمة بدينها المتماشية، والمطبقة لوسائل الدعوة الحديثة، وما استجد عليها من تطبيقات تكنولوجية وعلمية وتقنيات حديثة عصرية، جنبًا لأدائهم الميداني المتميز، أضحت لا غنى عنها، وفرضتها هذه الوسائل الحديثة، وهذا الإعلام الجديد الذي قلب الفضاء الدعوى رأسًا على عقب.
جهود جبارة، مثمنة، تجسدت في عقد العديد من الدورات المتكاملة لهن بأكاديمية الأوقاف الدولية، ودورات "رائدات فكر" مشاركة مع واعظات الأزهر الشريف وأمينات الفتوى بدار الإفتاء، والتى تعد من أعلى مستوى الدورات علميًا وثقافيا، مستعرضة كل ما يتصل بالثقافة العصرية، جنبًا إلى دورات الأوقاف المشتركة لهن مع أكاديمية ناصر العسكرية، والدورات الدولية كدورة أئمة وواعظات السودان وبوركينا فاسو، إضافة لترسيخ أواصر وأركان الوحدة الوطنية فى أجمل صورها وأبهاها، متمثلة فى برامج "واعظات وراهبات" التي تقام بالتعاون مع كنائسنا المصرية.
وجوه ناضرة، نيرة، سمحة، وقامات علمية مرموقة رفيعة، قابلتها وجمعني بهن حوار في مؤتمرهن الأول لواعظات الأوقاف، يحملن في قلوبهن ووجوههن الخير، والبشر، والسماحة، والحب، والتعاون، والرفق، واللين، وكل ما شئت من أخلاق فاضلة قل، يحملنها نحو مجتمعهن، وبنيه، يعلمنها، وينقلنها إلى نسائنا، وفتياتنا، وأطفالنا في المساجد، يغيرن بها وجه المجتمع وسلوكه المعوج، في جهاد فريد، بديع من نوعه، لا يعلم ثوابه إلا الله سبحانه.
ولكم كنت فخورًا بهن جميعًا، وممن تحدثت إليهن منهن، وممن لم أتحدث إليهن، لكن محصلتي وقناعتي الشخصية التي أنقلها لك –قارئي الكريم- أن ثقةً، وإيمانًا، ويقينًا بالله، ستظل بلادنا الحبيبة المباركة، محروسة بعين الله، وأمنه، وحفظه، وحرزه، وكنفه، طالما بقيت هذه الوجوه النضرة، خط الدفاع الحصين الإيماني، يؤدي دوره الدعوي، والتربوي، والاجتماعي، على أكمل وجه، شعارهن جميعًا "إن أجرى إلا على الله وهو على كل شيء شهيد" (سبأ 47).
أعضاء هيئة تدريس بجامعاتنا المصرية المختلفة، ومهندسات، ومحاسبات، وباحثات، وأطباء، ومديرات عام بالأزهر والتربية والتعليم العام، آثرن أن يعملن في الحقل الدعوي تقربًا إلى الله تعالى، وفريضة ووجوبًا لدورهن الدعوي التربوي، الوطني، الاجتماعي، وإيمانًا عظيمًا منهن بما يدعون إليه، إذ بقدر إيمان الواعظة الداعية بدعوتها، وتفهمها لضرورتها وحاجة الناس إليها تنجح في عملها الدعوي، وأيضًا اتصالهن والتحامهن الوثيق بما يدعين إليه، فالناس أحوج الآن إلى الاتصال الوثيق بالله عز وجل، ليستمدوا منه العون والتوفيق، ومن مظاهر هذه الصلة الوثيقة بالله داعية مستنيرة أمينة صادقة تنير لهم الطريق وتهديهم سبيل الرشاد.
وكم كنت مشدوهًا مذهولًا من حكاياتهن وتجاربهن الجميلة الرائعة التي قصونها عليَّ، وكيف أن نساء المساجد وأطفالها، كانوا ينتظرونهن على أحر من الجمر في المساجد، وينصتون إليهن إنصاتًا بليغًا عند تعليمهن إياهن، من دروس، ووعظ، وإيضاح لسلوك يراد فهمه وتعديله، مقترنًا هذا الاهتمام البليغ بالحب، والسعادة الشديدة، أن وجدوا أخيرًا ضالتهم المنشودة من معلمات، أمينات، بارات، أصحاب ورثة رسالة دعوية صادقة تلقفنها، وأخذنها من خيرة علمائنا، وراثة عن نبينا الحبيب "صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم"، وكيف أصبح هؤلاء الواعظات المباركات، أمثلة طيبة، وقدوة حسنة يقتفى أثرهن ويحتذى بهن حتى في ملبسهن الأنيق الذي وفرته لهن وزارة الأوقاف، فى مظهر طيب، يجذب الناظرين، ويسر الأعين بإطلالاتهن الجميلة التي تنم عن تطبيق بديع ديننا الإسلامى الحنيف حتى في المظهر العام.
والآن أستطيع القول بما رأيته منهن، أن واعظات الأوقاف استطعن أن يصممن ويطورن البصمة المصرية لديننا الحنيف، دون زيادة أو نقصان، بل بجودة، وإتقان، وأمانة المرأة المصرية الطيبة، المباركة، وأنه أضحى هناك فتح دعوي جديد بمساجدنا، فصارت المساجد تتسابق في حفظ القرآن الكريم، ومدارسة أحاديث وسنة نبينا الكريم "صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم"، وبات تأثير واعظاتنا دوليًا وعالميًا لا محليًا فحسب.
كان هذا غيض من فيض أحببت مشاركته معكم، ليعلم القاصي والداني مكانة واعظاتنا الرفيعة، فتحية إجلال وإعزاز وإكبار لأميرات الدعوة واعظات الأوقاف فى مؤتمرهن المحلي الأول، وفى انتظار مؤتمرهن العالمي الأول في أواخر أغسطس القادم إن شاء الله، تكريمًا وإعلانًا وعرفانًا بفضلهن، وبتجربة مصر الفريدة لهن، داعين الله أن يديم عليهن تبوء صدارة المشهد الدعوي محليًا وعالميًا.