كي أصل إلى نشر هذا المقال تطلب الأمر مني أن أفهم العديد من النقاط والاستعانة بأحد الزملاء من الخبراء في المجال التكنولوجي والحق يقال إنه لم يبخل علي بمعلومة، فله كل التقدير والاحترام.
بدايةً وكي نتحدث عن الحوسبة السحابية، فيجب أن ندرك أولاً آلية العمل، والتي تكمن في كلمة الاستضافة، فهي المفتاح الرئيسي لفهم هذا الموضوع، لتعكس كلمة الحوسبة حساب المساحة التخزينية التي نحتاجها بهدف الاستضافة المعلوماتية، أي المساحة والمكان الذي أحفظ فيه البيانات والمعلومات والتطبيقات كنسخة احتياطية Backup يمكن استدعاؤها بدون كابلات من خلال شبكة الإنترنت، ومن هنا تأتي كلمة السحابة، ليتشكل لدينا مصطلح الحوسبة السحابية من منطلق تلك المهام المنوطة وترجمتهاباللغة الإنجليزية Cloud computing.
فإذا ما قربنا الفكرة فسنجد أن بعض الشركات الكبرى تمتلك سحابة أي بنية تحتية معلوماتية لحفظ التطبيقات والمنصات والمعلومات والبيانات للمستخدمين لتخصص مساحة تخزينية لكل مستخدم، وكذلك أكبر شركات المحمول أيضا تمتلك سحب، لتتيح استدعاء تلك البيانات في حالة فقدها من جانب المستخدمين.
وفي زمن التحول الرقمي تتجه الدول إلى استخدام البرامج الإلكترونية والتطبيقات التي تيسر من أداء المهام، وكذلك تحويل مختلف البيانات والمعلومات إلى نسخ إلكترونية، ليسهل التداول وتتيسر سبل الحياة، وهو الأمر الذي يحتاج إلى أماكن لتخزين نسخ احتياطية إضافية لتلك المعلومات والتطبيقات الخاصة بالدولة لحمايتها من الفقد، من خلال بناء بنية تحتية معلوماتية خاصة بها وهو ما نطلق عليه السحابة الخاصة بالدولة أو التأجير وفقاً للمساحات التخزينية المطلوبة للحفظ من الدول أو المؤسسات التي استطاعت توفير تلك البنية التحتية المعلوماتية، فليست كل المؤسسات داخل الدولة أو الدول المجاورة قادرة على توفير تلك البنية التحتية المعلوماتية التي تتيح الاستضافة للنسخ الاحتياطية للبيانات والمعلومات والتطبيقات المستخدمة، والتي يمكن أن تستخدم في حالة لا قدر الله تم فقد النسخ الأساسية لدى المستخدم، في تلك الحالة يتم استدعاء النسخ الاحتياطية والتي تم تخزينها وباستخدام الإنترنت بدون وصلات أو كابلات.
فكلما كانت تتمتع تلك البنية التحتية المعلوماتية (السحابة) بطاقة استيعابية أكبر كلما اتسع نطاقها لحفظ المزيد من البيانات والتطبيقات الخاصة بالحكومة، أو حتى البيانات والتطبيقات الخاصة بالقطاع الخاص في الدولة نفسها، وإذ ربما تتيح الفرصة لدول أخرى للاستفادة من تلك البينة التحتية المعلوماتية من خلال التأجير، لتتحول تلك البنية التحتية المعلوماتية إلى مشروع استثماري يجتذب فرص استثمارية داخلية وخارجية للدولة.
وعلاوة على عنصر الأمان التي تتيحه تلك البنية التحتية المعلوماتية، تضاف إلى أهميتها أنها نقطة تجميع لكافة المعلومات والبيانات والتطبيقات والمنصات التي سترتبط بها وتستخدمها كأماكن للاستضافة والتخزين، وبالتالي يمكن أن تتيح فرص التحليل المعلوماتية.
ولتقريب وجهة النظر وعلى سبيل المثال؛ القطاع الصحي، تعتمد مثلا المستشفيات على العديد من التطبيقات التي تيسر من تقديم الخدمات للمواطن بدءاً من حجز العيادات، ومروراً بالفحوصات ووصولاً إلى صرف العلاج المطلوب، فماذا سيكون الحال في حالة اختراق تلك التطبيقات، وفقدها؟ فحتماً سيتوقف العمل، ومن هنا تأتي أهمية الاحتفاظ بنسخ احتياطية من تلك التطبيقات والبرامج Backup في مركز المعلومات والحوسبة السحابية، لتكون نقطة الالتقاء بين جميع المستشفيات الحكومية والقطاع الخاص في حالة التعميم على سبيل المثال، ليتمكن إذا ما رغب متخذ القرار من المتابعة والاستيضاح للأحوال المرضية في كافة بقاع الدولة، ومدى القدرة على توفير العلاج المطلوب، وهو الأمر الذي يمكن من تدعيم تقديم الخدمات بصورة أفضل، إلا أن الأمر يحتاج إلى ضرورة توفر خدمة الإنترنت بصورة متميزة، حتى نتمكن من تبادل تلك المعلومات بسهولة ويسر.
وبالتالي تتركز الإفادة على المواطن أولاً في الحفظ الآمن لبياناته والمعلومات الخاصة به وحمايتها من الفقد، وهو أمن قومي للدولة ككل، من خلال الحفاظ على مقدراتها المعلوماتية، بحيث لا تكون تحت سيطرة أطراف خارج نطاق دولتنا، كما أنها يمكن أن تستخدم كأداة لمتابعة تيسير تقديم الخدمات للمواطن، وكذلك التخطيط المستقبلي وتوجيه الموارد والبحث العلمي بما يساعد على تحقيق التنمية في كافة قطاعات الدولة ولا يخلو الأمر من فرصتها في أن تكون أداة للجذب الاستثماري الداخلي والخارجي من خلال تأجير مساحتها الاستيعابية أو التخزينية، وبالتالي فالإفادة مجمعة وشاملة سواء للمواطن أو الوطن بقطاعاته المختلفة، ويتبقى عنصر الترويج لاستخدام المساحات التخزينية لتلك البنية التحتية المعلوماتية داخلياً وخارجياً، لأتخيل إنشاء مكاتب وكالة في عدد من الدول المستهدفة، أو الترويج إلكترونياً ومن خلال السفارات لإمكانية الاستغلال والتأجير للمساحات التخزينية المعلوماتية لمن لا يمتلك مثل هذه البنية التحتية، ليتحول مشروع الحوسبة السحابية إلى مشروع استثماري أمني تقني فريد يتحدث بلغة العصر والعصور القادمة.
* خبيرة اقتصادية
[email protected]