5-5-2024 | 16:51

يحتفل العالم مطلع مايو من كل عام، بعيد العمال، الذي يعتبر عطلة رسمية في أكثر من 100 دولة.

يأتي عيد العمال هذا العام في وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه سوق العمل الدولية، من بينها زيادة البطالة، وانخفاض مستوى الحماية الاجتماعية الناتج عن معدلات التضخم المنفلتة، وعدم المساواة وفجوة الأجور بين الجنسين، فضلاً عن التحولات العميقة الناجمة عن تغير المناخ، والتحول الرقمي.

هذه التحديات تزيد الضغط على أوضاع التوظيف وسوق العمل، وتفاقم من معدلات البطالة حول العالم.

ووفق توقعات منظمة العمل الدولية من المرجح أن يبحث مليونا عامل إضافي عن وظائف خلال العام الجاري، ما يرفع معدل البطالة العالمي إلى 5.2 % في 2024، مقابل 5.1 % العام الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، يستمر التفاوت بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، ففي حين وصل معدل فجوة الوظائف خلال العام الفائت إلى 12% في البلدان ذات الدخل المرتفع، بلغ 24.2 % في البلدان ذات الدخل المنخفض.

من المرجح أيضًا أن يستمر الفقر في صفوف العمال، إذ زاد عدد العاملين الذين يعيشون في فقر مدقع (أي يكسبون أقل من 2.15 دولار للشخص الواحد يوميًا) بنحو أربعة ملايين على مستوى العالم عام 2022. وارتفع عدد العمال الذين يعيشون في فقر معتدل (يكسبون أقل من 3.65 دولار يوميًا للشخص) بمقدار ثمانية ملايين في العام ذاته.

ورغم جسامة تحديات سوق العمل الدولية، فإن تأثير الثورة التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي وروبوتات المصانع والأجهزة المنزلية الذكية والسيارات ذاتية القيادة، ربما يكون أكبر وأعمق على الموارد البشرية، وستكون له انعكاسات مهمة ولافتة على مستقبل التوظيف.

ومن المؤكد أن هذه التطورات التكنولوجية مهمة ومفيدة من نواحٍ كثيرة؛ لأنها تبشر بمزيد من الإنتاجية وارتفاع مستويات المعيشة، بيد أنها يمكن أيضًا أن تثير المخاوف من تراجع التوظيف وتزايد معدلات البطالة.

فالذكاء الاصطناعي يستطيع أداء المهام الرئيسية التي ينفذها العمال والموظفون حاليًا، وهو ما يفضي إلى انخفاض الطلب على العمالة، وبالتالي يؤثر على الأجور، بل قد يتجاوز ذلك إلى حد إلغاء ملايين الوظائف حول العالم.

وتتوقع مجموعة الاستثمار جولدمان ساكس أن يلغي الذكاء الاصطناعي نحو 300 مليون وظيفة بدوام كامل عالميًا، لكنها رجحت أن يخلق وظائف جديدة، تزامنًا مع تحسن كبير في الإنتاجية.

كما تشير دراسة أخرى لصندوق النقد الدولي إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على 40% من الوظائف على مستوى العالم، ما يؤدي إلى تفاقم مشكلة عدم المساواة في سوق العمل، وتأجيج التوترات الاجتماعية.

ويختلف تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل في الدول المتقدمة عنه في الأسواق النامية، حيث تؤثر التقنيات الحديثة على نحو 60% من الوظائف في دول الاقتصادات المتقدمة.

ومع تزايد إمكانية إحلال الآلات والروبوتات والذكاء الاصطناعي محل العمالة، يرتفع معها عدم المساواة في الأجور ونسبة الدخل الإجمالي التي تذهب إلى أصحاب رؤوس الأموال، وهو ما يثير السؤال بشأن الطريقة التي ينبغي أن توزع بها فوائد تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، أو بصيغة مختلفة، من يملك تقنيات الذكاء الاصطناعي؟

فشركات مثل ميتا وألفابت ومايكروسوفت وآبل تهيمن بصورة كبيرة على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي؛ إذ إن تطوير هذه التكنولوجيات يعد مكلفاً، ويعتمد بصورة ملحوظة على البيانات الكبيرة التي لا يمكن سوى لعدد قليل من الشركات الحصول عليها، وهذا يعني أيضاً أن حفنة الشركات هذه، بوصفها أصحاب رأسمال الذكاء الاصطناعي، تحصل على نصيب أوفر من المكاسب.

فضلاً عن أن كبريات الشركات التي لديها القدرة على الحصول على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الرائدة ربما تتمكن من التأثير على الإطار التنظيمي لجعله متسقًا مع مصالحها، وتوجيه الابتكار نحو أهدافها، وليس لتحقيق الرفاه الاجتماعي.

رغم التخفيف من حدة تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، فإن الأمر يتطلب التعاون الدولي في إصدار لوائح وقواعد تنظم استخدام هذه التكنولوجيا الناشئة، والاستثمار في تنمية مهارات الأشخاص، وإصلاح نظم التعليم، وإنشاء شبكات حماية اجتماعية شاملة، كما ينبغي تقديم برامج لإعادة تدريب العمالة المعرضة لخطر فقد وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي، بحيث يتقاسم الجميع المكاسب الإنتاجية الناجمة عن هذه التكنولوجيا، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز تنمية المجتمعات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة