يقولون: إسرائيل لم تحقق أهدافها، وكأن الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتجويع ليست أهدافاً.
تقولها حماس وتقولها حكومة الصهاينة. كلمة جاءت من جحيم ومرت فوق سعير.. يقولها المنحازون لحماس، ويقولها نتنياهو وترددها عصابته بظمأ للدماء.
ما الذي ينقص لتكتمل أهداف إسرائيل، ماذا تبقى في غزة ليطفئ نيران الصهاينة، بساتين غزة ومزارعها احترقت بنيران لا تفرق بين حجر وبشر، مواشيها بقرت، هواؤها دخان، أرضها مقبرة مفتوحة، وسماؤها لهيب. لا شيء في غزة لا ينزف.. وهل كان لإسرائيل أهداف غير تحويل القطاع إلى جحيم لا طاقة لبشر على احتماله.. إسرائيل نسفت الأحياء على روؤس ساكنيها.. سحقت جماجم الصغار، وألقت بالكهول في مقابر جماعية وأيديهم مكبلة.. فجرت أجساد النساء.. قطعت الرءوس وسلخت الجلود.. دمرت المستشفيات وحولتها لمقابر جماعية. نسفت المساجد والكنائس. التهجير أو الإبادة، هذا نهجهم. "هدف العمليات العسكرية في غزة منذ البداية تهجير سكان غزة" قالتها مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
قبل يومين أعلنها الإرهابي سموترش: "وكما قال الملك داود سأطارد أعدائي وأدمرهم، ولن أعود حتى أقضي عليهم.. ضرورة التدمير الكامل لغزة ومحو ذكر هؤلاء من على وجه الأرض" هذا هو الهدف الذي حددته الصهيونية عند بناء كيانها في الأرض العربية، وعبر بن جوريون عن ذلك: "سنقول للعرب ارحلوا وإن لم يرحلوا سنقاتلهم.." وكتبها وايزمان قبل نشأة إسرائيل: "فليذهب هؤلاء بعيداً عن هنا.." وقبله اعترف بها زعيم الجناح الثقافي في الحركة الصهيونية آحاد هاعام: "إنهم -الصهيونيون- يستشيطون غضباً ممن يذكرونهم بوجود شعب آخر يعيش على أرض فلسطين، يعيش هناك، ولا ينوي المغادرة على الإطلاق".
لم تحقق إسرائيل أهدافها، تجرى الكلمة على لسان المحللين أسرع من جريان الماء في أفواههم، يكررونها ويشرحونها ويبررون ما فيها من اعوجاج.. ثم يأتي زعماء الكيان الصهيوني يعيدون على أسماعنا ذات الجملة بتلذذ مصاصي الدماء حين تقع الفريسة بين أسنانهم، يقولها مجرمو الحرب لتبقى طاحونة القتل دائرة، ولتبقى قنابلهم متفجرة أو تنتظر الانفجار، يقولها نتنياهو وبني جانس وجالنت وسمترش وبن جفير، وكأنهم يتغنون بقصيدة من زمن عتيق.. ينتظر قادة الكيان تحقيق أهدافهم بتهجير أو قتل كل سكان غزة، أو تحويل أرض القطاع إلى بقعة لا تقبل الحياة.
الصهاينة لا يريدون غير ذلك، ولم يقولوا يوما غير ذلك. التهجير أو القتل.. لم يعترفوا يوماً بحق للشعب الفلسطيني، ولم يفاوضوا أبداً على دولة تجاورهم.. صكوا عبارتهم الشهيرة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ومضوا في طريقهم مدججين بأسلحة الفتك والدمار. لم يتوقفوا عند قرارات أممية ولا قوانين إنسانية.
الصهيونية يا سادة تحقق أهدافها منذ تأسست قبل قرن وربع القرن يدعمها الاستعمار القديم، ويمدها بكل أدوات القوة، وتجاورها خرائط ممزقة ومتعاركة ومتآمرة، تمنحها مبررات التهجير أو الإبادة.