إبادة غزة وانتفاضة جامعات أمريكا والغرب

29-4-2024 | 12:29

لم يتوقع أحد في العالم رؤية "انتفاضة" أمريكية وغربية دعمًا لغزة ضد الصهاينة وزاد من أهميتها احتضان معظم الجامعات المرموقة لها..

بدأت الانتفاضة في جامعة كولومبيا يوم 17 أبريل؛ حيث نظم تحالف طلابي يضم أكثر من 120 منظمة طلابية وأساتذة جامعيين اعتصامًا ونصبوا خيامًا على أرض الجامعة، وبعد أسبوع من قمع مظاهرات جامعة كولومبيا المؤيدة لغزة؛انتشرت الاحتجاجات وأقيمت الخيام للاعتصامات في كليات وجامعات في أنحاء أمريكا ووصلت الاعتقالات لمئات من الطلاب وبعض الأساتذة بالجامعات..

طالب المنتفضون بسحب الاستثمارات من الشركات التي تتعامل مع إسرائيل وإيقاف التعامل مع شركات تصنيع الأسلحة وقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية وإصدار بيان يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، جمعت المظاهرات مختلف الأديان والجنسيات وشاركت ناجية من "الهولوكوست" وقالت: "عانيت وأنا طفلة مما يعانيه أطفال غزة؛ ولا مبرر لقتل 15 ألف طفل وأنا فخورة بمشاركتي في الاحتجاجات".

تعرض بعض الطلاب والأساتذة والصحفيين للضرب والسحل والاعتقال، ومنهم نويل مكافي رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري أثناء قمع الشرطة في الولايات الأمريكية "للانتفاضة" الداعمة لغزة وانهارت حقوق الإنسان التي تتناساها السلطات الأمريكية عندما يتعلق الأمر بمعارضة الصهاينة..

ورأينا انضمام مواطنين لمظاهرات الطلاب وبعض أسر المتظاهرين وأعلنوا فخرهم بأولادهم ودعمهم لهم بعد اعتقال بعضهم، وتم استخدام العنف مع المتظاهرين وصعق بعضهم بالكهرباء وطرحوا أستاذة للاقتصاد أرضا أثناء اعتقالها مع تدليل المؤيدين للصهاينة ومراعاة مشاعرهم؛ كما قال أمريكيون استفزتهم التفرقة في المعاملة بين مؤيدي الصهاينة ومعارضيهم، ومنهم نيك استيس أستاذ في جامعة مينيسوتا للطلاب والأساتذة: "كيف لا تقفون ضد دعم حكومتنا وجامعاتنا بشكل ممنهج بالقنابل والأسلحة وماديًا وسياسيًا لقتل أساتذة وطلاب وعمال وموظفي جامعات غزة؟!".

واستقبل طلاب جامعة إكسفورد البريطانية نانسي بيلوسي رئيسة الكونجرس السابقة بعلم فلسطين وقاموا برفعه في وجهها، وأغلق الطلاب الطرق المؤدية لجامعة سيانس بو في باريس تنديدًا بإبادة غزة، وطالبوا بإيقاف الحرب فورًا وإدانة جامعتهم لها، وهتفوا لفلسطين ورفعوا العلم الفلسطيني على نوافذ الجامعة وفي مدخلها  وارتدى بعضهم الكوفية الفلسطينية، وانضمت جامعة سيدني في أستراليا للانتفاضة.

الانتفاضة هي حركة شعبية واسعة لرفض الاحتلال ومناهضته؛ ويُقال انتفض الشيء أي تحرك واضطرب؛ واستخدم تعبير الانتفاضة لأول مرة في 11 ديسمبر 1087 في انتفاضة الحجارة التي انطلقت من غزة رفضًا للاحتلال الصهيوني لفلسطين، واستخدمت الصحافة الأجنبية الانتفاضة بكلمتها العربية حتى الآن.

يواجه "المنتفضون" من أجل غزة العديد من المخاطر والصعوبات والتصدي "الخشن" من الأمن لهم؛ ففي جامعة نيويورك فوجئ الطلبة ببناء جدار خشبي حول ساحتها لمنع الطلبة "والأساتذة" من التظاهر فيها وسخروا منها؛ وقاموا بتشبيهه بجدار الفصل العنصري الإسرائيلي وقام طلاب وأساتذة بالجامعة بتشكيل درع بشري لحماية مخيم دعم غزة ونصرتهم من اعتداءات الشرطة الأمريكية ولمنع فضه بالقوة.

اشتبك المنتفضون مع داعمين لإسرائيل ووصفوا أعمال الصهاينة في غزة بـ الشيطانية ودعوهم للتوقف عن التذرع بالديانة اليهودية والتوقف عن النكبة الجديدة، وانضم ناشطون يهود وطالبوا بوقف المذابح الصهيونية في غزة، ورأينا عروسًا تتظاهر يوم زفافها أمام الجامعة الكولومبية بأمريكا دعما لغزة.

وفي قلب جامعة جورج واشنطن وضع متظاهرون داعمون لغزة الكوفية والعلم الفلسطيني على تمثال جورج واشنطن أول رئيس لأمريكا، ولم تتمكن السلطات في أمريكا من احتواء الانتفاضة أو تحجيمها ومنع اتساعها؛ بل استخدموا العنف ومنعوا الحق في التعبير، وتزايد الغضب من سوء التعامل مع ما يخالف ما تريده السلطة في أمريكا؛ فاتهمهم بايدن بمعاداة السامية، ووصف رئيس الكونجرس الطلبة بالغوغاء!! وتدخل نتنياهو في السياسة الأمريكية واتهم رؤساء الجامعات بمعاداة السامية كما فعل هتلر في ألمانيا!! في محاولات "يائسة" لتشويه الحراك الطلابي لتأثيره في المجتمع الأمريكي والغربي.

وضع متظاهرون علم فلسطين على المبنى الذي سيحضر فيه بايدن العشاء السنوي لجمعية مراسلي البيت الأبيض، ويتابع المنتفضون الأحداث في غزة وسارعوا بإنشاء مكتبة بعنوان "حكايته باقية لن تموت" في مخيم بجامعة ucsi الأمريكية للشاعر الفلسطيني رفعت عرعر بعد استشهاده في غزة.

أول الغيث قطرة كما يُقال عن حق؛ فقد استجابت جامعة بورتلاند الأمريكية لمطالب الطلاب والأساتذة وأوقفت اتصالاتها مؤقتا مع شركة بوينج لصناعة الطائرات لاشتراكها في الإبادة الجماعية في غزة؛ وقالت الجامعة إنها لا تستثمر في بوينج، ولكنها تقبل منها الهدايا فقط.

"فخورون بكم"، "تمنحوننا الأمل"؛ كلمات كتبها غزاويون على خيام برفح؛ كرسائل شكر للمتظاهرين في أمريكا، وسجل أطفال من غزة فيديوهات يشكرون فيها الطلاب والأساتذة الذين يتظاهرون لنصرة غزة.

تعد الانتفاضة الحالية حراكًا غير مسبوق في أمريكا منذ احتجاجات الحرب على فيتنام والتي شهدت مجزرة تعرض فيها طلاب للقتل بعد تعهد نيكسون بسحقهم ثم انتصر الاحتجاج الشعبي وانسحبت أمريكا من فيتنام في عهد فورد.

أكدت أنجيلا دافيس أستاذة بجامعة أوهايو  أن الطلبة هم من يصنعون طريق التغيير؛ وفلسطين هي معيار اختبار العدالة للجميع وما يحدث اليوم سيضمن العدالة للجميع في العالم في نهاية المطاف.

كتبت الكاتبة الإسرائيلية إفرات رايتن في صحيفة هآرتس: "إسرائيل خسرت الجامعات الأمريكية بسبب التحولات التي حدثت في صراع اجتماعي سياسي استمر لسنوات عديدة في المجتمع الأمريكي؛ وهو صراع متجذر إلى حد كبير في المفاهيم والثقافة التقدمية التي اجتاحت الشباب وقد خسرنا الجامعات الأمريكية، وقد نخسر الدعم الرسمي لاحقًا".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: