التحكيم يدفع الثمن

28-4-2024 | 11:20
مجلة الأهرام الرياضى نقلاً عن

كنت دائمًا من المؤيدين لفكرة التعاقد مع خبير أجنبى لتولى ملف التحكيم.. وفى الوقت نفسه كنت من أشد المعارضين لفكرة أن يتحول هذا الخبير إلى رئيس للجنة الحكام.. فالفارق بالنسبة لى كبير.. وقناعتى فى الأمر لها أبعاد كثيرة..

أولها أن مهمة الخبير هى وضع السياسات والأسس والمعايير وتقييم القديم واختيار الجديد لتجهيز صف ثانٍ من الحكام بدون مجاملات أو محسوبيات يمثلون المستقبل للتحكيم المصرى.. أما رئيس اللجنة فله مهام أخرى كتعيين المراقبين والحكام فى المباريات وإعداد المعسكرات وإجراء الاختبارات العملية والنظرية وفرض النظام.. وكل هذا يحتاج إلى رئيس لجنة عاش بين الحكام ويعرف أسماءهم وسيرتهم الذاتية وتفاصيل حياتهم ومشاكلهم وكل أزماتهم..

وكانت هذه هى نقطة الضعف لتولى خبير أجنبى مهمة رئاسة لجنة الحكام.. فجعلت منه مُنفّذًا لآراء وأفكار وحسابات كل المحيطين من حوله.. والذى عيّنهم له مسئولو الاتحاد.. وكانت وراء كل المشكلات والأزمات التى صادفت بيريرا خلال فترة عمله داخل الاتحاد.. فخسر كثيرًا من الكفاءات وأطاح بجيل من المراقبين.. وصدّق مسرحية إبراهيم نورالدين باعتزال التحكيم للفوز بإدارة مباراة القمة.

كلاتنبرج ومن بعده بيريرا أثبتا فشلهما فى إدارة المنظومة.. فالإنجليزى تحوّل من خبير عند التعاقد إلى رئيس لجنة لإنقاذ موقف، وبيريرا سار على نهجه لكسب المال من اتحاد يدفع بالدولار.. بينما هو عاجز عن دفع رواتب الحكام والمراقبين وعمل المعسكرات وتحديث أهم مقومات التحكيم وهو الفار.. الذى تملك الكرة المصرية منه نسخة منتهية الصلاحية ولا تستخدم فى أى مكان..

أخطاء إبراهيم نورالدين فى مباراة القمة حتى وإن اعتبرناها كبيرة.. فهى فى النهاية لا تقارن بالخطأ الذى حدث فى مباراة ليفربول وتوتنهام فى الدورى الإنجليزى هذا الموسم.. والتى قد يدفع ليفربول ثمنها بضياع بطولة الدورى على الرغم من اعتراف لجنة الحكام الإنجليزية بالخطأ وإيقافها حكام اللقاء لعدد من المباريات.. لكن الأمر توقف عند حدود أنه خطأ حدث وانتهى.. عكس ما حدث من أخطاء تحكيمية فى مباراة القمة من الصعب وصفها بالفادحة أو المتعمّدة..

لكن الأمر تحوّل بفعل فاعل إلى مشاهد من فيلم هابط كتلك التى شاهدناها على الشاشات فى الهجوم على بيريرا رغم عدم قناعتى ببقائه.. لكن الممثلين من رؤساء اللجنة السابقين كانوا فاشلين فى أداء أدوارهم.. وحتى محمود عاشور البطل الرئيسى للرواية لم يكن مقنعًا.. ووضح أنه مدفوع إما من أعضاء داخل الاتحاد أو من فريق عبده مشتاق الساعى لتولى رئاسة اللجنة ويهمه إزاحة بيريرا من مبنى الاتحاد.. عاشور يملك قوة هائلة داخل الكاف كانت وراء مشاركته فى كأس الأمم الإفريقية وحجز مكانه فى الأوليمبياد وكأس العالم.. لكن الأهم الباب الذى فتح له فى الإمارات لخوض تجربة احتراف هناك بدعم من عصام عبدالفتاح.

رحيل بيريرا من لجنة الحكام أمر منتهٍ حتى وإن طال لنهاية الموسم.. لكن الأهم هو اسم من سيخلفه فى رئاسة اللجنة.. فهل سيكون من الحرس القديم أم وجهًا جديدًا يتم الدفع به ويتم تحريكه من خلف الستار؟.. الأيام مقبلة والخطط ربما تتغير والأدوار كذلك.. خاصة أن هناك وجوهًا جديدة ستظهر داخل الاتحاد مع تعيين مجلس إدارة جديد مع نهاية الأوليمبياد وقد تكون له رؤية تخالف كل التوقعات.

التحكيم المصرى يملك كوادر ومواهب كثيرة تحتاج إلى أمانة فى الاختيار.. وأعتقد أن مشاركة مجموعة الحكام المصريين فى كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار أثبتت ذلك.. لكن يبدو أن هناك بعض الأشخاص الراغبين فى إبقاء الحال على ما هو عليه لتنفيذ مهام وأجندات أكبر من أن تدركه عقولنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: