Close ad

كارثة التعدي على الحياة الخاصة

25-4-2024 | 09:56

لم يكن ما حدث في جنازة الفنان الراحل "صلاح السعدني" أحد أهم نجوم الفن في مصر والعالم العربي؛ مجرد خروج على المألوف وفقط؛ حيث لم يلتزم المتابعون لمراسم الجنازة حدود التعامل مع أهل النجم؛ وتفهم مشاعرهم؛ خاصة أنهم بشر؛ يؤلمهم ما يؤلم جموع الناس؛ ولا شك في أن الوفاة بكل المعايير هى مصيبة كبيرة؛ تفجر كل مشاعر الألم والحزن.

ولكنه في رأيي جرس إنذار شديد الدوي؛ يلزمنا بالنظر لمثل تلك الأحداث بشكل مختلف؛ لاسيما أننا بتنا نشاهد فيديوهات بدأت تأخذ شكلًا مختلفًا من أشكال الاستفزاز؛ كعنونتها "شاهد انهيار فلان بعد وفاة والده"؛ وكأن ما حدث أو ما نٌقل شيء مختلف يستحق نشره ومتابعته؛ بل أحيانًا أشعر عند المشاهدة بعد قراءة العنوان؛ أنني أمام حدث صحفي جلل؛ والحقيقة غير ذلك تمامًا.

فهو حدث عادي أراه يبرز الحالة النفسية لإنسان فقد أحد المقربين منه؛ أما متابعة هذا الإنسان بتلك الصورة؛ لأنه نجم مشهور وله متابعون؛ فهذا أمر له أبعاد مختلفة.

هناك من يرى أن جمهور هذا النجم لهم الحق في معرفة كل ما يخصه؛ حتى لحظة دفنه!! بل ومتابعة مراسم الجنازة بالكامل؛ وبت أخشى أن يأتي يوم وننقل فيه مراسم الغٌسل أيضًا؛ لننحو منحى لا يجوز؛ ولكن من كان يتخيل منذ عقد ونيف من السنون أنه سيأتي يوم ونشاهد ما نراه الآن!!

وفي المقابل أرى - وعدد مثلي - أن تلك حرمة الموت؛ ولها جلالها؛ ومن ثم لا يصح التعامل معها بتلك الطريقة التي أحيانًا تقتحم الحدود بطرق غاية في الاستفزاز؛ حتى وصل الأمر لسماع ما لا يصح أحيانًا أثناء البث المباشر.

وبينهم هناك من يسعد بمتابعته لحظة بلحظة دائمًا وأبدًا؛ يسعد أن يشاهده الناس أثناء تأديته واجب العزاء؛ وقد يقف يلقي كلمة بهذه المناسبة، ومدى تأثره الشديد برحيل الفقيد. 

هذا نموذج منتشر؛ نراه جميعًا؛ وله حريته؛ ولا لوم عليه طالما لم يمس حريات الآخرين.

بناء عليه؛ أتمنى ونحن في عصر الرقمنة الإلكترونية؛ التي تجعلك تصل لأي معلومة في التو واللحظة؛ صوت وصورة؛ أن نضع آلية نتفق عليها مهنيًا؛ تنظم نقل الأحداث مثل مراسم جنازات المشاهير بشكل يحفظ قيمة الحدث؛ ويحافظ على مشاعر أصحابه من المكلومين؛ حتى تمر تلك الأحداث بسلام؛ ليعرف أطراف الحدث حقوقهم؛ وضوابط التعامل؛ وكيفية التصرف حال الخروج عن الحدود.

في برامج المقالب؛ نجد الضيف في نهاية الحلقة يعلن عن ظهوره؛ وذلك بمثابة موافقته على الظهور؛ حتى لا يعود على البرنامج قانونيًا؛ لأنهم أذاعوا ما يخصه دون موافقته؛ هذا هو الأصل.

أما ما يحدث الآن من إذاعة وبث مشاهد لأٌناس دون موافقتهم؛ أيًا كان ما يتم بثه؛ فهو الاستثناء؛ وليس العكس؛ أتمنى أن نعيد للحياة الخاصة زهوها ووقارها مرة أخرى فهي الأٌولى بالعناية والرعاية؛ وبوضع أسس لاحترامها.

ولنا تكملة في المقال القادم إن شاء الله.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: