وتغيّر جوهر الشرق الأوسط

24-4-2024 | 00:13
الأهرام العربي نقلاً عن

جوهر الشرق الأوسط يتغير بقوة المسيرات والصواريخ العابرة، أدوات الحرب الهجينة الجديدة.

على أراضيه، وتحت سمائه، تقع مبارزة بين متحاربين طامحين للسيطرة عليه، بينما يجد أصحابه الأصليون أنفسهم بين حنين غزاة قدامى، وأحلام تخوم متصاعدة!

ليلة 13/14 إبريل 2024، تسجل توقيتا فاصلا بين عالمين: عالم الغموض، وحروب الظل، وبين عالم الانكشاف، وانكسار الخطوط الحمراء.

 في تلك الليلة شنت إيران هجوما بالمسيرات والصواريخ على إسرائيل، هو الأول من أراضيها، وكانت قد انتظرت 12 يوما على قصف قنصليتها في دمشق.

وبعيدا عن المواقف الجياشة لهذا الطرف أو ذاك، فإن مصالح المتبارزين تجلت واتضحت، وانكشفت، وكلٌ يغني على ليلاه “المنتصرة”،  برغم أن كل الأطراف تعلم، بدقة، ما الذى انتصرت أو خسرت فيه.

الصورة الإسرائيلية “الجديدة”، فى الشرق الأوسط  نحتتها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وقواعد حلف الناتو في أكثر من دولة، عندما تصدت مع حلفائها لسيل المسيرات والصواريخ الإيرانية، وإن أفلت بعضها وضرب قاعدتي رامون ونفاتيم  الجويتين فى إسرائيل، وهى إشارة مهمة لا بد من تحليلها بعناية!

رسائل المبارزة مختلفة، أولاها أن الغرب مهما يكن غاضبا من نتنياهو أو إسرائيل، بسبب إبادة الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة، فإن جوهر إسرائيل “الغربية” هو الأهم، والدفاع عن وجودها يتقدم على أى موقف  “أخلاقى”  آخر، وقد جعلت هذه” الأخلاق”  الرئيس الأوكرانى زيلنسكى يتساءل: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا بنفس الأدوات كما دافعتم عن إسرائيل؟

ثانيتها أن عبور المسيرات والصواريخ فوق الأراضى العربية، ثم تدميرها غربيا على نفس المسرح، يجعلنا نفكر عميقا بالدرس والفحص فى جوهر هذه المسألة المستجدة، وعلى ضوء إدراكها بالكامل، نتحرك ضمن قواعد جديدة، تناسب ما حدث ليلة 13/ 14 الإيرانية - الإسرائيلية.

تغيير الشرق الأوسط حدث وانتهى، فتلك الليلة لا تشبه أيا من الليالى التى جرت فيها وقائع دراماتيكية سابقة خلال ال 45 عاما الماضية، بدءا من الحرب العراقية - الإيرانية أوائل الثمانينيات، نهاية بالربيع الأسود الذي ضرب المنطقة، عن قصد وتصميم، أواخر عام 2010، بدءا من تونس ليشمل عموم الإقليم، ولا تزال أصداؤه مستمرة ومترابطة حتى الآن، وما تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطينى ليس ببعيد، فهو استئناف لهذا الربيع الأسود.

كان غريبا ومفارقا أن المتبارزين الآن تقاطعوا، ذات يوم، فى طريق  الربيع، وعمدوا إلى تحويل الدول إلى فتات، وملأوها بالميليشيات، والتنظيمات الإرهابية، والجماعات الحقوقية الممولة، عابرة الحدود.

نعم.. تغير الشرق الأوسط، ليس وحده، إنما العالم بالكامل، فمن كان يصدق أنه يمكن أن تتحول “المسألة الإسرائيلية” إلى عبء على الغرب؟ وتحتاج، خلال نصف عام، إلى الحماية الخارجية مرتين، الأولى بعد السابع من أكتوبر 2023، والثانية ليلة 13/ 14 أبريل 2024؟ ومن كان يصدق أن: المسألة الفلسطينية” تتحول إلى  دليل على” حرية الشعوب العالمية”؟

نعم تغير كل شيء الآن، وإلى الأبد.

على “الإقليم العربى” أن يعبر الجسر وحيدا، ويحمي وجوده بعيدا عن المتبارزين، ويكتب رسالته الجوهرية إلى العالم، وهي أن فلسطين قضية وطنية أولا، وعربية ثانيا، ومن حق وواجب أهلها الدفاع عنها، طبقا لكل الشرائع والقوانين الدولية التى صاغتها نفس القوى التى تحمى المعتدى، وتناور مع الطامحين فى تخوم المنطقة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة