Close ad

ضبابية الاقتصاد الإقليمي

21-4-2024 | 15:21

في عصر تهيمن فيه الصراعات الجيوسياسية، واضطرابات حركة الشحن، وانخفاض إنتاج النفط، تواجه اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حالة من عدم اليقين.
الصراع في الشرق الأوسط، الذي اتسعت دائرته في الآونة الأخيرة، زاد من ضبابية الاقتصاد الإقليمي، في وقت أدت فيه معدلات الديون المرتفعة، إلى الحد من قدرة العديد من البلدان في المنطقة على مواجهة الصدمات المالية والاقتصادية.

فعواقب الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، التي دخلت شهرها السادس، لا تقتصر فقط على التكلفة الإنسانية والاجتماعية، بل امتدت إلى إلحاق خسائر كبيرة ومستمرة بالناتج المحلي الإجمالي وتدمير البنية الأساسية، مع انتقال التداعيات إلى بلدان أخرى.

ووفق تقرير البنك الدولي الصادر حديثًا، توقف النشاط الاقتصادي في غزة تمامًا، كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي للقطاع 86% خلال الربع الأخير من العام الفائت.

وانزلقت الضفة الغربية إلى هوة عميقة من الركود، مع أزمات متزامنة في القطاعين العام والخاص.

خفض النمو الاقتصادي
وامتدت الآثار الاقتصادية الإقليمية للحرب على بعض القطاعات في الدول المجاورة التي أظهرت تأثرًا مباشرًا، على غرار السياحة والتجارة وأسعار الطاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، أحدثت التغيرات في أنماط التجارة نتيجة للصراعات آثارًا غير مباشرة على النشاط الاقتصادي وإيرادات المالية العامة بدول المنطقة.

وهو ما حدا بالبنك الدولي، لخفض توقعاته لنمو اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.7%، وأبقى الباب مفتوحًا أمام المزيد من عمليات الخفض في حال تحول الصراع في المنطقة إلى حرب مفتوحة، بين إسرائيل وإيران ولبنان، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

اضطراب حركة التجارة
على الجانب الآخر، تؤدي اضطرابات البحر الأحمر، إن طال أمدها، لخسائر تجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.  ففي تقريره "آفاق الاقتصاد الإقليمي"، رجح صندوق النقد الدولي، أن تنخفض صادرات الدول المطلة على البحر الأحمر، بمتوسط يبلغ 10% تقريبًا، كما تتراجع صادرات باقي دول المنطقة 5%..

هذه الأرقام تأتي بناءً على سيناريو يفترض استمرار المستوى الحالي من الاضطرابات في التجارة البحرية حتى نهاية عام 2024، ويحاكي تأثير الزيادة في تكاليف التجارة بنسبة 1% من قيمة الشحن للتجارة التي تعبر البحر الأحمر.

يعد البحر الأحمر شريان الشحن الرئيسي بين آسيا وأوروبا، إذ يمر عبره 12% من حجم التجارة العالمية، و10% و8% من إمدادات النفط والغاز المسال العالمية المنقولة بحراً، على التوالي.

فالقصف الأمريكي والبريطاني لمواقع الحوثيين في اليمن دفع شركات الشحن البحري العالمية لتغيير مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا، بدلاً من باب المندب، للهروب من التوترات في المنطقة، وهو ما يطيل مدة الرحلة بنحو أسبوعين، وزاد من مخاطر وقوع اضطرابات في سلاسل التوريد، مؤديًا إلى ارتفاع تكاليف الشحن وتجدد الضغوط التضخمية.

تفاقم معدلات الديون
بجانب ذلك، تفاقمت معدلات الديون في المنطقة ووصلت في البلدان المستهلكة للنفط إلى 84% من الناتج المحلي، وهو ما حد من قدرة هذه البلدان على مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية.

توسيع دائرة الصراع في الشرق الأوسط يؤثر بدوره على الاقتصاد العالمي، فالمنطقة معروفة بأهميتها الاقتصادية إذ أنها تنتج نحو 30 إلى 40% من إنتاج النفط العالمي.

وتبعات هذا التصعيد قد تتجلى في تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار البترول والسلع، وزيادة التضخم، وانخفاض معدلات الاستهلاك والاستثمار والصادرات وإيرادات المالية العامة، وهو ما يؤدي إلى تراجع النمو العالمي في نهاية المطاف.

لتقليل الآثار السلبية للتوترات الجيوسياسية، ينبغي على الحكومات في المنطقة اتخاذ إجراءات حاسمة ومواجهة على مستوى الاقتصاد الكلي، لتعزيز آفاق التجارة، والعمل بشكل سريع لمعالجة أزمة الديون، والسيطرة على الواردات لتقليص العجز التجاري، وتوجيه الأموال بشكل أكبر نحو صناعات جديدة أبرزها الطاقة المتجددة والابتكار والتكنولوجيا، لاستعادة زخم النمو الاقتصادي.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: