تطرقت دراسة تاريخية أكاديمية لتاريخ بلاد الكرج بين البيزنطيين والمسلمين في القرون الوسطى، حيث حصلت الباحثة مي صلاح الدين عبدالرازق خليل، من مركز نقادة بمحافظة قنا، على درجة الماجستير من قسم التاريخ والآثار شعبة تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة بنها، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة وتداولها بين الجامعات المصرية، وذلك عن موضوع رسالتها المعنونة: "بلاد الكرج بين البيزنطيين والمسلمين (۷۸۷م - ١٠٨٩م) - (١٧١ هـ – ٤٨٢ هـ)".
موضوعات مقترحة
والكرج هو الاسم الذي أطلقه العرب والمسلمون في العصور السابقة على الأراضي الواقعة حاليًا في جمهورية جورجيا، وعاصمتها "تبليسي" التي كان ينطقها العرب "تفليس".
وتوصلت الرسالة التاريخية إلى عدة نتائجة مهمة منها:
ـ استخدم العباسيون المصاهرات السياسية لتأمين وجودهم في بلاد الكرج، وتدعيم استقرار القبائل العربية التابع لهم داخل بلاد الكرج.
ـ تراجع المساندة البيزنطية للكرج طوال فترات التفوق العباسي.
وأثناءحكم الأسرة البجراطية في بلاد الكرج، افتقد الكرجيون إلى قائد سياسي بارع قادر على الصمود في وجه التحديات المختلفة، مؤكدة على أن الصراعات بين الأمراء المسلمين في بلاد الكرج كانت السبب الأول في ضعف السيطرة العباسية على بلاد الكرج، كما أن بلاد الكرج أصبحت مسرحًا للنزاعات بين الأمراء الكرج والصدارية والأمراء المسلمين.
كان تدمير مدينة تفليس "تبليسي ـ عاصمة جورجيا الحالية" أحد الأسباب الرئيسية لضعف النفوذ العباسي في بلاد الكرج، وأثبتت الدراسة أن تنازل القربلاط داوود الثالث عن أملاكه في الطاو للإمبراطورية البيزنطية، كان وبالاً على الكرج، وقد كانت بلاد الكرج بقيادة الفربلاط داود الثالث انتهجت سياسة التحالف مع الملوك الأرمن من أجل فرض النفوذ والهيمنة على الإمارات المسلمة في القوقاز.
وأكدت الدراسة أن تحالف الملك الكرجي جيورجي الأول مع الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، لوقف أطماع بيزنطة في بلاد الكرج، أدى إلى زيادة العداء بين المملكة الكرجية والإمبراطورية البيزنطية، كما أثبتت الدراسة فشل محاولات تحقيق السلام الكرجي - البيزنطي سواء بعقد المصاهرات أو معاهدات الصلح، وأثبتت الدراسة أن بيزنطة نجحت في تعديل مناطق الحدود على حساب الأرمن أثناء الصراع البيزنطي الكرجي، وتوصلت أيضا إلى تشبت الملوك الكرج بأرضهم ووطنهم، رغم ما تعرضت له بلاد الكرج من ضغوط بيزنطية وتهديدات أخرى، كما خسرت الإمبراطورية البيزنطية الكثير عندما سعت جاهدة على مدى سنين طويلة إلى محو الهوية الأرمنية والكرجية.
وأثبتت الدراسة كما تقول الباحثة "مي صلاح الدين عبدالرازق" اختلاف مفهوم الصراع البيزنطي - الإسلامي على بلاد الكرج، فبينما حاولت بيزنطة دمج الدين في هذه الأطماع لم تنهج الخلافة الإسلامية هذا النهج.
كما أثبتت الدراسة أن الصراع البيزنطي - الكرجي كان يتجاوز الأطماع البيزنطية للاستيلاء على الممتلكات الكرجية، بل كانت تهدف إلى هدم الدولة الكرجية نفسها.
وعالجت الدراسة العديد من القضايا؛ كان من بينها أن الصراع البيزنطي الإسلامي على بلاد الكرج لم يكن لتحقيق مكاسب سياسية فقط، وإنما لتحقيق أهداف اقتصادية أيضا، كما أن التفوق الإسلامي والسيطرة على بلاد الكرج كان مرهونًا بالاستقرار السياسي للدولة العباسية، فضلا عن أن الدولة البيزنطية كانت تهدف إلى طمس الهوية الكرجية، بينما لم تسعى الخلافة الإسلامية إلى طمس هذه الهوية.
وبعد المناقشة العلنية؛ التي عُقدت في رحاب جامعة بنها، قررت لجنة المناقشة والحكم منح الباحثة المجتهدة مي صلاح الدين عبدالرازق خليل، درجة الماجستير في تاريخ العصور الوسطى -تخصص تاريخ وسيط - بتقدير امتياز مع التوصية بطبع الرسالة والتبادل بين الجامعات المصرية.
جانب من المناقشة