بحثت عن أفضل العبادات لأختم بها سلسلة مقالات أفضل العبادات؛ وما وجدت أفضل من عبادة الصبر؛ عبادة أجرها "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" سورة الزمر الآية (10).
يوم القيامة؛ يوم العرض على الله؛ يوم الحساب؛ سيحاسب الناس على أعمالهم؛ ويجزى كل إنسان بما عمله؛ ثم يدخل الجنة أو النار والعياذ بالله.
إلا الصابرون يوفوا أجرهم بغير حساب؛ هل هناك أعظم من ذلك؟ بكل تأكيد لا.
يقول الله عز وجل "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" سورة البقرة؛ الآية ( 155).
كلما قرأت الآية الكريمة؛ أمعنت في فهم معناها؛ لماذا أختار الله أحدهم ليبلوه؛ وما جزاء الصبر على الابتلاء؛ ومن هم أكثر الناس ابتلاء؟
إجابة السؤال الأول في رأيي؛ أن اختيار الله لشخص ليبلوه؛ إنما ليسمع تضرعه ورجاءه من الله بالفرج؛ وأيضًا ليختبر صبره ورضاءه بالقدر؛ إن نجح؛ كان جزاؤه الجنة بغير حساب، وهذه إجابة السؤال الثاني.
أما إجابة السؤال الثالث؛ فهم الأنبياء؛ هم أكثر الناس ابتلاء؛ فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد كل أبنائه من الصبيان؛ القاسم وعبدالله وإبراهيم رضي الله عنهم جميعًا، أما بناته صلى الله عليه وسلم فثلاثة منهن توفين في حياته "صلى الله عليه وسلم"، وهن: زينب ورقية وأم كلثوم رضي الله عنهن، وهذا من أصعب الابتلاءات؛ وهناك من ابتلعه الحوت؛ سيدنا يونس عليه السلام. وهناك من عانى مع قومه مثل سيدنا لوط؛ وهناك من لم يؤمن به إلا القليل جدا من الناس؛ حتى ابنه لم يؤمن به وشاهده يغرق مع الغارقين؛ سيدنا نوح عليه السلام، وسيدنا يوسف ظل محبوسًا في السجن لبضع سنين؛ وسيدنا يعقوب أصيب بالعمى حزنًا على ابنه، وسيدنا أيوب الذي صبر على مرضه؛ لدرجة أن الناس تتندر بصبره عليه السلام؛ وتقول يا صبر أيوب.
والابتلاء درجات؛ تبدأ من الإحساس بشكة بسيطة؛ إلى ما شاء الله من نقص في الأنفس والأموال والثمرات.. ألخ.
إن تسلل إليك الظن بأن هناك من هم يعيشون في رغد من العيش دون ملل أو كلل أو ابتلاء؛ وأنهم ومن شابههم؛ يعيشون في نعمة؛ فتأكد أنك مخطئ تمامًا، فهؤلاء لم يتعرضوا لاختبار من الله؛ ولا يحب الله أن يسمع مناجاتهم وتوسلاتهم أن يرفع عنهم البلاء؛ هؤلاء لم يصبروا على قضاء الله، وهم على يقين أن نتيجة صبرهم الجنة بغير حساب، ويا له من فوز عظيم.
وذلك يعني أن كل من تعرض لنقص في الرزق أو ضيق في الحال؛ أو لوجع كبير غير محتمل؛ هو من المقربين؛ نعم من المقربين؛ وليس العكس؛ فهل هناك أقرب من رسل الله إلى الله؟
الحياة قصيرة وإن طالت فالدنيا "الأدنى" فانية؛ وهناك حياة أخرى لا موت فيها؛ حياة خالدة؛ نتمنى أن نحياها في جنان الله سبحانه و تعالى.
عزيزي الصابر المحتسب؛ الموقن بالله الراضي بقضائه؛ هنيئا لك بجنات الله جنات عرضها كعرض السموات والأرض؛ فيها ما لم يخطر على قلب بشر.
الله ارزقنا إياها يا رب العالمين.