كُن ساكنًا في ذا الزَمانِ بِسَيرِهِ
وَعَنِ الوَرى كُن راهِبًا في دَيرِهِ
وَاِغسِل يَدَيكَ مِنَ الزَمانِ وَأَهلِهِ
وَاِحذَر مَوَدَّتَهُم تَنَل مِن خَيرِهِ "الإمام الشافعي"
بدأت مصر مرحلة جديدة في مسيرة البناء والتنمية، مع حلف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة.
وكانت مراسم حلف اليمين لها دلالات واضحة لكل عين ترى، أولى هذه الدلالات هي من المكان، في البرلمان المصري، بمبناه الجديد والعملاق في العاصمة الإدارية الجديدة.. والعاصمة الجديدة ظل حلم يراود الكثير من أبناء مصر، بعد أن ازدحمت القاهرة بصورة غير مسبوقة.. وظل حلمًا حاول عدد من الرؤساء السابقون تحقيقه، ولكنه ظل في منطقة الأحلام، ولم يخرج إلى النور إلا مع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، عندما وضع له حجر الأساس في عام 2017، ومن كان يتخيل أن هذه المنطقة الصحراوية القاحلة.. في 2017 تتحول إلى عاصمة تتم فيها مراسم تلاوة اليمين الدستورية.. في ظرف 7 سنوات فقط، بعد أن انتهت مراحل بناء مقار مختلف أجهزة الدولة فيها، وعدد كبير من الأحياء السكنية، والجامعات الدولية، والمدينة الرياضية، ومدينة للثقافة والفنون، وأخرى طبية وعلاجية.. عاصمة تليق بموقع مصر، وتليق بمكانتها..
الدلالة الثانية هي قدرة الشعب المصري على قهر المستحيل، وتحقيق الإنجازات رغم كل العقبات، وذلك في حال توافر الإرادة والتخطيط السليم.. وهذا ما تحقق في بناء هذه المدينة العملاقة، والتي تم التخطيط لها على أحدث النظم المعمارية والتكنولوجية الحديثة..
توافرت الإرادة السياسية من قرار السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومع تلاحم الشعب وثقته في القرار السياسي الذي تم اتخاذه.. نجحت مصر.. نعم نجحت مصر في تخطي العديد من الأزمات، التي لاحقت الدولة المصرية منذ عام 2013 إلى يومنا هذا.. عقبات الإرهاب، والكورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والأزمات الاقتصادية المختلفة.. عبرت مصر كل هذه العقبات مع تلاحم أبناء الوطن مع قيادته..
وحملت كلمة السيد الرئيس عقب اليمين الدستورية، العديد من الرسائل: أولها كلمة شكر من السيد الرئيس للشعب المصرى، فقال: بداية كلمتى أتوجه بتحية شكر وتقدير لشعب مصر العظيم.. صاحب الكلمة.. وصاحب القرار.. رمز الأصالة والعزة والصمود.. لكم جميعًا يا أبناء مصر الكرام خالص التحية والتقدير، على تجديد الثقة لتحمل مسئولية قيادة وطننا العظيم..
واستكمل السيد الرئيس كلمته، بالإشارة إلى المكان، وتأكيد تجديد العهد لتحقيق الحلم.. فقال: "دعونى ونحن فى ربوع هذا الصرح العريق، الممثل لإرادة شعب مصر، أن أجدد معكم العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن، وتحقيق تطلعات الأمة المصرية العظيمة، في بناء دولة حديثة ديمقراطية، متقدمة في العلوم، والصناعة، والعمران، والزراعة، والآداب والفنون، متسلحين بعراقة تاريخ لا نظير له بين البلاد، وعزيمة حاضر أشد رسوخًا من الجبال وآمال مستقبل، يحمل بإذن الله كل الخير لبلدنا وشعبنا".
مشيرًا إلى الظرف التاريخي، الذي كانت فيه مصر قبل أن يتولى مقاليد الحكم فقال: "منذ اليوم الأول الذي لبيت فيه نداءكم، وسعيت لتحقيق إرادتكم، التى أعلنتموها جلية ساطعة مدوية، وتحركنا معًا كرجل واحد لإنقاذ وطننا، من براثن التطرف والدمار والانهيار، أقسمت أن يظل أمن مصر، وسلامة شعبها العزيز، وتحقيق التنمية والتقدم بها هو خيارى الأول، فوق أى اعتبار، وذلك من خلال نهج المصارحة والمشاركة، بشأن كل القضايا والتحديات التى واجهناها مؤكدًا لكم، أن تماسك كتلتنا الوطنية، ووحدة شعبنا، هى الضمانة الأولى، للعبور بهذا الوطن إلى المكانة التى يستحقها".
وأشار سيادته إلى العقبات التى واجهتنا، فقال: "ولعل السنوات القليلة الماضية أثبتت أن طريق بناء الأوطان ليس مفروشًا بالورود، وأن تصاريف القدر ما بين محاولات الشر الإرهابى بالداخل، والأزمات العالمية المفاجئة بالخارج، والحروب الدوليـة والإقليميـة العاتية من حولنا، تفرض علينا مواجهة تحديات ربما لم تجتمع بهذا الحجم، وهذه الحدة عبر تاريخ مصر الحديث، وهى التحديات التى لم يكن لنا أن نصمد فى وجهها، لولا عراقة شعبنا العظيم، وما بذله من جهود خارقة، عبر السنوات الماضية، لإعادة بناء بلادنا وتقوية بنيانها، بما يمكننا من اجتياز أى صعوبات بمشيئة الله".
وحدد ملامح الفترة القادمة، وأولويات العمل فى عدد من المحاور، وعلى وجه التحديد فى 7 اتجاهات رئيسية، هى بمثابة أجندة العمل خلال الفترة القادمة.
المحوران الأول والثانى هما بمثابة إستراتيجية مصر فى علاقتها الخارجية وأجندتها السياسية، فقال: "على صعيد علاقات مصر الخارجية، أولوية حماية وصون أمن مصر القومى، فى محيط إقليمى ودولى مضطرب، ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف، فى عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه، لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية".."وعلى الصعيد السياسى، استكمال وتعميق الحوار الوطنى خلال المرحلة المقبلة، وتنفيذ التوصيات التى يتم التوافق عليها على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فى إطار تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية خاصة للشباب.
والمحوران الثالث والرابع يتضمنان محاور الإصلاح الاقتصادى.. فقال: "تبنى إستراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات، مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن، وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى قيادة التنمية، والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وزيادة مساهمتها فى الناتـج المحلـى الإجمالى تدريجيًا، وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية؛ للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية؛ لتوفير الملايين من فرص العمل المستدامة، مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلى؛ لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبى.
"وتبنى إصلاح مؤسسى شامل، يهدف إلى ضمان الانضباط المالى، وتحقيق الحوكمة السليمة من خلال ترشيد الإنفاق العام، وتعزيز الإيرادات العامة، والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام، وكذلك تحويل مصر لمركز إقليمى للنقل وتجارة الترانزيت، والطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر ومشتقاته، إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس".
والمحاور من الخامس إلى السابع تتضمن الإنسان المصري بكل احتياجاته من: تعليم، وصحة، وحياة كريمة.
فتعهد السيد الرئيس في كلمته بـ: تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا، وكذا مواصلة تفعيل البرامج والـمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين، واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحى الشامل.
ودعم شبكات الأمان الاجتماعى، وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدى "تكافل وكرامة"، وكذلك إنجاز كامل لمراحل مبادرة "حياة كريمة"، التى تعد أكبر المبادرات التنموية فى تاريخ مصر، بما سيحقق تحسنًا هائلًا فى مستوى معيشة المواطنين فى القرى المستهدفة.
والاستمرار فى تنفيذ المخطط الإستراتيجى للتنمية العمرانية، واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع، مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة، واستكمال برنامج "سكن لكل المصريين"، الذى يستهدف بالأساس الشباب والأسر محدودة الدخل.
فكل التحية والشكر للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى استطاع أن يحقق الكثير من أحلام الشعب المصري، ومازال الشعب يحمِّله أمانة مسئولية الاستمرار في مسيرة التنمية والبناء..
وَللهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.
حَفِظَ اللهُ مِصْرَ وَحَفِظَ شَعْبَهَا وَجَيْشَهَا وَقَائِدَهَا..