لأول مرة.. مكافحة سوسة النخيل بالموجات الكهرومغناطيسية 

15-4-2024 | 11:24
لأول مرة مكافحة سوسة النخيل;بالموجات الكهرومغناطيسية;سوسة النخيل الحمراء
تحقيق: شيماء الشافعي
الأهرام التعاوني نقلاً عن

تصنف سوسة النخيل الحمراء بالأكثر ضرراً بين الآفات التي تهدد المحاصيل، وهي الأخطر من بين 115 آفة تصيب النخيل بل تزيد عن خطورتها مجتمعة، وضررها يصل إلى إنهاء حياة النخلة كاملة.

موضوعات مقترحة


ووفقاً لتقرير لمعمل النخيل بمركز البحوث الزراعية، تُصنف علميا باعتبارها إحدى كبرى الآفات الغازية في العالم، وبجانب وضع استراتيجية شاملة لمواجهة خطرها وذلك بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة « الفاو» ،  وباصدار قرارات حكومية تلزم الزارعين بضرروة الإلتزام بالمكافحة ومعاقبة من يتاخر عنها..  

إلا أن قطار البحث العلمي  يواصل جهوده داخل معامله وفي الحقول دون توقف من أجل الوصول إلى الطرق المثلي في مكافحة تلك الآفة المدمره وكانت من أبرز تلك الطرق إستخدام الموجات الكهرومغناطيسية في مكافحة سوسة النخيل كبديل للطرق التقليدية خاصة وبعد إجراء العديد من التجارب العلمية والوصول لنتائج ايجابية وهو ما أستدعي  « الأهرام التعاوني»  للتعرف علي مدي فعالية تلك الطريقة من خلال الحديث مع  الباحثين المتخصصين والعلماء   .


الموجات الكهرومغناطيسية
يقول الدكتور محمد كمال رئيس بحوث بمعهد وقاية النباتات -  مركز البحوث الزراعية إن الأبحاث المصرية أستخدمت الموجات الكهرومغناطيسية في مكافحة سوسة النخيل الحمراء ، مشيراً بتجربيها من خلال مشروع بحثى لمدة عامين بتمويل من المجالس الإقليمية ، وبالتعاون بين معهد بحوث وقاية النباتات والمعمل المركزى للنظم الخبيرة والمعمل المركزى لنخيل ،  كما كان الباحث الرئيسى اللواء دكتور سعيد مبروك المتخصص فى الموجات الكهرومغناطسبه ووكيل المعمل المركزى للنظم الخبيرة السابق . 


وتابع كمال أن من خلال المشروع تم تصميم العديد من الأجهزة ، كما إنتهت النتائج البحثية  إلى أن الموجات الكهرومغناطيسيه هى فعالة جدأ معمليا وتؤدى إلى موت كل أطوار الحشرة فى وقت أقل من ١٥ ثانيه عند التعريض المباشر  ، كما لوحظ خلال التجارب المعملية أنه كلما كبر الحجم بالنسبة للأعمار اليرقية كانت الموجات أكثر فعالية والعكس بالنسبة لطور البيضة والأعمار الأولى بالنسبة لليرقات ، وخفض نسبة الفقس لبيض المعامل بنسبة تصل إلى 70% ، كما تم التوصل إلى أن أقل زمن يمكن إستخدامه هو 10ثواني ولوحظ أن اليرقات من العمر الخامس إلى الأخير أكثر حساسية من الحشرات الكاملة بدرجة عالية لكن الأعمار الأولى من العمر الأول إلى الرابع كانت أقل حساسية ومات عند الدرجة التي أحدثت موت للحشرات الكاملة ، كما وجد أن تعريض اليرقات لدرجة عالية تنفجر أحشائها الداخلية فأعراض الموت في تلك الحالة تشبه الموت البكتيري . 


ولفت الباحث إلى أنه علي الرغم من الحصول علي نتائج ممتازة في التجارب المعملية ، والتى إستمرت أكثر من سنة وتم خلالها تصميم أكثر من 5 نماذج من الأجهزة إلا أن النتائج الحقلية كانت غير جيدة ، حيث وجد أن الموجات ليس لها قدرة على إختراق أنسجة النخيل ما يخترق هى الحرارة ، فعند إجراء المعامله علي النخيل المصاب يحتاج إلى وقت طويل قد يصل إلى ساعتين حتى تصل الحرارة إلى كل المنطقه المصابة ، كما توجد مشكله أكبر تتمثل في أن درجه الحرارة تصل من ٩٠ إلى ١٠٠ درجة ؛ مما يؤثر على أنسجة النخلة  .
بالإضافة إلى ذلك يظهر تأثير الأشعة الضارة على العاملين إذا تعدت الحدود المسموح بها ، علاوة علي أجهزة الرادار القريبة وإستهلاك كثير من الطاقة الكهربائية عند التشغيل وفي أوقات تشريح أنسجة النخيل وحدوث تشوه وموت للخلايا .


تطبيقات عديدة
واوضح كمال أن الموجات الكهرومغناطيسية هي الموجات التي تمر عبر أي جسم أو مادة عبر الفضاء، ولا تحتاج إلى وسط من أجل الانتقال أو الانتشار ، وتُنتج الموجات الكهرومغناطيسية من الإهتزازات الناتجة عن المجالين الكهربائي والمغناطيسي معًا، وعادةً تتخّذ الأمواج أشكالًا مختلفة ومتنوعة، ويُقاس تردد الموجة بالهرتز، وكلما كان الطول الموجي أقصر، زاد التردد، وزادت طاقة الموجة الكهرومغناطيسية .


وأشار إلى أنّ الموجات الكهرومغناطيسية تُستخدم في العديد من المجالات والتطبيقات اليوميّة والعمليّة، مثل: الاتصال عبر الهاتف الخلوي، وشبكة الواي فاي (WiFi)، والبث الإذاعي، وعلاج السرطان، والتصوير الطبي، والطهي ,وتم تجريب استخدامها منذ أكثر من عشرين عام من خلال شركات إيطالية فى كلا من أيطاليا وبعض الدول الأوربية وكذلك تم تجربها فى المملكة العربية السعودية  لمكافحة سوسة النخيل الحمراء 


واستطرد الباحث قائلاً إن التجارب التي أجريت في معامل المملكة العربية السعودية أعطت نفس نتائج التجارب المصرية ؛ وهو ما يؤكد للجميع أن مشكلة الموجات الكهرومغناطسية مازالت قائمة في عدم قدرتها على أختراق النخيل بسبب إحتوائة على كمية كبيرة من المياة كما وجد أن النخيل المصاب باصابات كبيرة كان يستغرق وقت قصير عن النخيل المصاب بإصابات بسيطة ومتوسطة بسبب عدم وجود الفجوة التى تسهل من أختراق الموجات  .


واشار الدكتور أحمد إمام أستاذ المكافحة البيولوجية -  مركز بحوث الصحراء إلى أن عملية العلاج بالموجات الكهرومغناطيسية علي مستوي المعمل كانت جميعها نتائج إيجابية ومبشرة في مكافحة سوسة النخيل ، لافتاً إلى أن المحك الرئيسي يكمن في التطبيق الحقلي ونتائجه ؛ حيث أظهر إستخدام الموجات الكهرومغناطيسية حقليا آثار جانبية سيئه علي أنسجة النخلة ، وبالتالي لا ينصح إستخدامها في مكافحة سوسة النخيل الحمراء  .


وتابع إمام أن التحكم علي جودة عملية المكافحة الحقلية لغالبية الآفات يختلف عن التحكم في حالة سوسة النخيل فالنسبة للآفات الآخري يكون من خلال ما تحدثه من نسب إماته كالوصول لنسبة 50 %   ، بينما الوضع بالنسبة لسوسة النخيل فمختلف تماما لأن اليرقات ذات طبيعة تغذية داخلية ؛ لذلك من الضروي التأكد من أن نسب موت اليرقات وصلت نسبته إلى 100 % ؛ نظراً لأن بقاء يرقه واحده علي قيد الحياه كفيلة بتدمير النخلة .


أنسجة النخلة
ونوه إلي العديد من النقاط التي يجب اتباعها عند التعامل مع سوسة النخيل الحمراء، حيث نلاحظ من البداية أن الطور البالغ لسوسة النخيل الحمراء كاره للضوء بمعني أنه لا ينجذب إلي المصائد الضوئية بعكس معظم الحفارات الحشرية ، كما أن يرقة سوسة النخيل أيضاً لا تحب الضوء ؛ حيث أنها تعيش كل حياتها داخل أنسجة النخلة ، وإذا تعرضت للضوء فأنها يحدث لها إثارة وتصبح عصبية جدا وتموت .


كما أن الأنثي الملقحة تقوم بوضع البيض علي أنسجة النخلة المجروحه ، بحيث تنجذب السوسة للجروح الحادثه في النخلة ، كما يلاحظ أن النخلة تنجرح ميكانيكيا أما بفعل المزارع أثناء عملية التلقيح وعملية خدمة رأس النخلة وخلال جمع المحصول وفصل الفسائل ، حيث يخرج من النسيج المجروح رائحة تجذب السوسة  ، وقد تنجرح أيضاً بفعل القوارض وآفات النخيل الآخري كالحفارات وآفة ثاقبة العراجيين ؛ وهو ما يعني أن سوسة النخيل تعتبر آفة ثانوية للنخلة بمعني أن سوسة النخيل لا تستطيع إصابتها إذا لم تنجرح النخلة أو كانت أنسجتها سليمة  ، ونظرا أيضاً لأن الطور البالغ للسوسة ليس له القدرة علي الحفر أو إحداث ثقوب في ساق النخلة فانه لا يهاجم إلا النخلة التي تنبعث منها رائحة الجرح .


كما أن طبيعة النمو الداخلية لليرقة تجعلها دائما في مأمن من أي تاثيرات ضارة ، كما تجعلها أيضاً بعيدة عن تأثير المبيدات ؛ لذلك فأن عملية الحقن هي الحل الأمثل والفعال ؛ والذي يضمن تعرض اليرقة وهي داخل أنسجة النخلة إلي الجرعة المميتة من المبيد المحقون .


وأوضح أستاذ المكافحة البيولوجية أنه نظرا لقدرة اليرقة علي الحركة لاعلي ولاسفل في موضع الإصابة ؛ فيجب أن تتم عملية الحقن أعلي موضع الإصابة بحوالي 25 سم وبزاوية ميل حوالي 45 درجة ومن الأربع إتجاهات بما يضمن تشبع محيط الإصابة بالمبيد وبالتالي موت اليرقة .


ولفت إلى أن كل ما تم تجريبه فيما يختص بالكفاءة الإبادية ليرقات سوسة النخيل تحت ظروف المعمل اثبت كفاءه متوسطة إلي عاليه في القضاء علي اليرقات أو إحداث تغيرات فسيولوجية أو مورفولوجية بها إلا أن الأمر يختلف تماما عند التطبيق الحقلي ، لأن اليرقه ذات معيشه داخلية داخل أنسجة النخلة ولا تتعرض إلي الضوء ابدا ، كما تكمن المشكلة في كيفية إيصال وسيلة المكافحة إلي اليرقة داخل أنسجة النخلة ؛ فالمشكلة تظهر في تزاحم أنسجة النخلة الداخلية وكمية الماء التي تحتويها مما يشكل عائق في عدم وصول الجرعة المميته لليرقه أو تخفيفها . 
كما يلاحظ أن الخطأ في تطبيق عملية الحقن لتوصيل محلول المبيد إلي اليرقه ، وكذلك قلة الخبرة في تنفيذ عملية فحص النخلة ومتابعة نتائج عملية الحقن قد تكون أسباب آخري في عدم جدوي المكافحة .


أكد الدكتور محمد عبد المنعم بالحجر الزراعي المصري واستشاري النخيل علي أهمية عمليات الوقاية من الآفات وخاصة سوسة النخيل  ، مشيراً إلى أن العمليات الفنية والمكافحة المتكاملة تعد الطريقة الأسهل والآمنه لمكافحة سوسة النخيل ، كما تمثل أيضاً أهم التوصيات التي يجب التزام المزارع بها لضمان سلامة النخيل وتحقيق مردود إقتصادي مجزي .


وأوضح عبد المنعم أن الأبحاث العلمية المعملية التي اجريت لمكافحة سوسة النخيل عن طريق إستخدام الموجات الكهرومغناطيسية كانت ردا قاطعا علي مناداة البعض بأمكانية إستخدامها كبديل للطرق المعتاده في حقولنا ؛ لافتا إلى أهمية إجراء الأبحاث العلمية وخلق بيئات جديده للتجارب والفكر والابداع بصرف النظر عن نتائجها حتي ولو كانت ضعيفة الا انها تعد تمهيدا وخطوه للبناء عليها في المستقبل وايجاد حلول لمشكلاتها طالما كانت اهدافها تصب في مصلحة المزارع والحفاظ علي ثروة النخيل .

وتابع عبد المنعم حديثه بوجود عمليات زراعية وتوصيات لابد من الوقوف عليها والتزام المزارعين بتنفيذها لضمان الحماية والوقاية من سوسة النخيل الحمراء والحفاظ عليه من الإصابة وضمان عملية الطرح ، كما أن المزارع يهتم فقط بالرش بالمبيدات ، والمبيد يعد جزءا من الوقاية .


وأستكمل بأنه للوقاية من سوسة النخيل الحمراء لابد من الفحص الدوري للنخيل وتقليع الفسائل أولا بأول وعدم تركها متزاحمه ،  والرش مباشرة والتعفير بالملاثيون والترديم مكان تقليع الفسائل ، والترديم حول جذع النخلة وقفل الفراغات لعدم ملامسة الماء لجذع النخلة أثناء الري مما يجعل المنطقة رطبة وتسهل دخول السوسة ، بالإضافة إلي إزالة الرواكيب ثم الرش مكانها والتعفير بملاثيون بودر وملء مكانها بتراب جاف أو رماد أو رمل .
كما يلزم ضرورة إتباع الطريقة الصحيحة في التقليم وترك تاج للنخلة لحماية الجريد من التقحيف أو التهدل ؛ وبالتالي يؤدي إلى عدم وجود جروح في رأس النخلة لتجنب الإصابة القمية ؛ والتي تعد أخطر الإصابات .


توصيات ضرورية
كما يوصي بضرورة التزام المزارع بتعديل العراجين بالطريقة الصحيحة أثناء عملية التقويس لتجنب تحميل العراجين علي الجريد وحدوث الجروح سواء تهدل الجريد أو جرح بين العرجون والجمارة ، بالإضافة إلي عدم الإسراف في التسميد النيتروجيني خاصة اليوريا وسماد الدواجن ؛ حيث أن زيادة التسميد النيتروجيني يجعل الأنسجة غضة سهلة الإصابة ويزيد من ظاهرة التهدل .


ولفت عبد المنعم إلي أهمية التسميد المتوازن وخاصة في فترة ما بعد جني محصول البلح وهي الفترة الهامة لتسميد النخيل لضمان عملية الطرح مرة آخري ، منوها إلى أن إزالة النخيل المنتور والذكور عديمة القيمة أو تنظيفها والتعامل معها مثل النخيل المنتج ، علاوة علي التقليم في الشتاء البارد والرش الوقائي الدوري في المواعيد المناسبة ؛ يعد ضمن أهم طرق الوقاية من الإصابة بسوسة النخيل الحمراء ؛ حيث أن الوقاية عملية متكاملة وجزء منها رش المبيدات والإلتزام بالعمليات الزراعية والفنية بطريقة صحيحة يساعد علي زيادة الإنتاجية والوقاية من الإصابة بسوسة النخيل .


وأضاف أن الاتجاه الحالي في المكافحة يتجه نحو الزيوت والمستخلصات الطبيعية وتقليل التعامل بالكيماويات كتأثير زراعه الجوجوبا وزيوتها الطياره علي وجود سوسة النخيل .

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة