تواجه إدارة الرئيس الكوري الجنوبي، يون صوك-يول، أوقاتًا عصيبة، فيما تبقى من ولايته (3 سنوات) في ضوء الفوز الساحق، الذي حققته المعارضة على حساب حزبه الحاكم، في انتخابات برلمانية، ظهرت نتائجها المثيرة يوم الخميس الماضي.
بعد اعتماد نتيجة الانتخابات، فازت كتلة المعارضة بقيادة الحزب الديمقراطي (المعارض الرئيسي) بـ 192 مقعدًا، في الجمعية الوطنية المكونة من 300 مقعد، في حين حصلت الكتلة الحاكمة بقيادة حزب سلطة الشعب على 108 مقاعد، فقط.
بهذه النتيجة الصادمة للحزب الكوري الحاكم، يصبح الرئيس يون صوك-يول أول رئيس-منذ تحول جمهورية كوريا إلى الديمقراطية في عام 1987- يزاول مهامه الرئاسية مع برلمان، تسيطر عليه المعارضة -كاملا- طوال سنوات ولايته الخمس.
لجنة الانتخابات الكورية أعلنت أن إقبال الناخبين على الانتخابات البرلمانية الأخيرة بلغ 67%، وهو الأعلى منذ 32 عامًا، وسجلت العاصمة نسبة 69.3%، وتشمل سول وضواحيها نصف سكان الجمهورية، البالغ عددهم حوالي 51 مليون نسمة.
الانتخابات ينظر إليها -على نطاق واسع- باعتبارها استفتاء على ما يمكن وصفه بمنتصف مدة ولاية الرئيس المحافظ، يون صوك-يول، الذي حظي في بداية حكمه بدعم شعبي ظلت نسبته تتراجع، حتى بلغت نحو 30% -فقط- في الأشهر الأخيرة.
بعد مرور عامين فقط من توليه السلطة، وتعبيرًا عن مشاعر مريرة بدخول إدارته مرحلة "البطة العرجاء"، لاستحالة تمرير أجندته الإصلاحية، بسبب برلمان غير متعاون، اعترف الرئيس يون بهزيمة حزبه، مؤكدًا إنه سوف يحترم إرادة الشعب، وأن نتيجة الانتخابات تعتبر تقييمًا من جانب الجمهور لأداء الحكومة، وإدارة شئون الدولة حتى الآن، وبالتالي، من المرجح استبدال كبار المسئولين بالدولة، بمن فيهم رئيس الحكومة، وطاقم سكرتارية الرئاسة، الذين عرضوا تقديم استقالاتهم، بالفعل.
على الجانب الآخر، عزز فوز المعارضة الكورية مكانة زعيم الحزب الديمقراطي، لي جيه-ميونج، باعتباره مرشحًا محتملًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة (2027). أيضًا، تعززت اتهامات لإدارة الرئيس يون -رددها الرأي العام الكوري- بأنها غير كفؤة، وتتسبب في تدهور الاقتصاد وسبل العيش للمواطنين بشكل خطير، وإساءة تعامل الحكومة مع قضايا مثيرة للجدل، لصالح إدارة يون خلال العامين الماضيين.
اللافت أن سجالًا تنافسيًا دفينًا بدأ يطفو على سطح الساحة السياسية الكورية، مجددًا، بين زعيم المعارضة، لي جيه-ميونج، وإدارة الرئيس يون، علمًا بأن الأول كان قد خسر أمام الثاني بأقل هامش بالانتخابات الرئاسية الأخيرة (0.73% فقط).
منذ تولي يون منصبه في عام 2022، لم يعقد اجتماعًا واحدًا مع لي، الذي يواجه -هو الآخر- مجموعة متنوعة من تحقيقات الفساد (التي يعتبرها ذات دوافع سياسية) مؤكدًا -بثقة- إنه "سيوقف تراجع شئون الدولة، وسيجعلها تتحرك نحو الأمام".
السجال السياسي المثير بين الزعيمين الكوريين، لي و يون، يقترب نظريًا وضمنيا بما تشهده الساحة الانتخابية الأمريكية، بين المرشحين الرئاسيين ترامب وبايدن.
حزب إعادة بناء كوريا (10 مقاعد) بقيادة وزير العدل الأسبق، جو كوك، ينظر إليه باعتباره الحصان الأسود، والقوة الثالثة المناهضة للرئيس يون بالبرلمان الجديد، بالرغم من أن هذا الحزب جرى إطلاقه قبل شهر واحد فقط من إجراء الانتخابات.
تبقى الإشارة إلى أن الفوز الساحق للمعارضة في الانتخابات الكورية لم يمكنها من الحصول على أغلبية الثلثين في الجمعية الوطنية، وتجاوز حق النقض (الفيتو) الرئاسي، بما فيه الحق في عزل الرئيس يون، وقد مارس يون حق النقض -بالفعل- في السنتين الماضيتين ضد مشاريع قوانين مثيرة للجدل، كما مارسه ضد اقتراحين للتحقيق الخاص، أحدهما يتعلق بمزاعم تلاعب بالأسهم منسوبة ضد السيدة الأولى.
أيضًا، تجدر الإشارة إلى أن توقيت إعلان نتائج الانتخابات النيابية الكورية الجنوبية تزامن مع تصعيد -غير مسبوق- في المواجهة بشبه الجزيرة، حيث نسبت وكالة أنباء الشطر الشمالي للزعيم كيم جونج أون، نصًا: "الآن هو الوقت المناسب للاستعداد بشكل أكثر شمولا للحرب من أي وقت مضى، وكوريا الشمالية يجب أن تصبح أكثر حزمًا واستعدادًا للحرب، التي يجب الانتصار فيها، ودون فشل".
[email protected]