سيناريو قصير.. ولقطة من مشاهداتي:
الزمان: مشهد ليلي بعد الإفطار في رمضان
المكان: رصيف مقهى بأحد الأحياء الشعبية المزدحمة؛ وفناجين قهوة سادة مع سحابات كثيفة من دخان السجائر ـ لتعويض نقص النيكوتين في سويعات الصيام ــ ومباراة ساخنة في (عشرة طاولة)؛ وسهرة ممتدة حتى ساعات السحور.
الحـوار: حديث متواصل ــ بين غير المختصين ــ بفتاوَى لاحصر لها عن ضرورة وأهمية العمل الفوري على ملف الإصلاح الاقتصادي للبلد!
إلى هنا تنتهي هذه اللقطة الفريدة من حديث العامة والبسطاء على المقاهي في الشارع المصري؛ وأعود إلى الحديث عن موضوع هذا "الإصلاح الاقتصادي" المنشود في الوقت الراهن ــ في ظل الحروب الإقليمية المشتعلة من حولنا ــ وأرى ضربة البداية لابد أن تبدأ من فرض الرقابة الصارمة ــ والمستمرة ــ على الأسواق؛ لمواجهة جشع التجار؛ الذين يتاجرون في "القوت الضروري" للشعب؛ والضرب بيدٍ من حديد.. حتى لو وصل الأمر إلى مصادرة البضائع التي يتم بيعها بالمغالاة في أسعارها ــ المُفترض أنها محددة سلفًا بمعرفة لجان التسعير بوزارة التموين! ــ وذلك لإغلاق الطريق على جحافل تلك الفئة المأجورة التي تعمل على تصدير الطاقة السلبية في نفوس الشعب المصري صباح مساء؛ وفي الوقت نفسه.. فإنه يجب على المجموعة الاقتصادية المسئولة عن الاحتياجات الضرورية للشعب؛ سرعة إيضاح كل المشكلات التي تعرقل سرعة إيجاد الحلول للجمهور صاحب المصلحة الأولى في الإصلاح المطلوب؛ لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن الذي لايملك سوى مرتبه أو عائد عمله الذي يتقنه.. ويعيش على جُنَيْهَاتِه.
وأنا لا أعترض ــ إطلاقًا ــ على تلك الآراء المتداولة في أحاديث "الناس" عن الاقتصاد بإيجابياته وسلبياته؛ بل أرى أنها ظاهرة صحية وضرورية؛ ودلالة واضحة على وجود مساحة كبيرة من الحرية "المنضبطة" للجميع؛ طالما لم تمس كيان الدولة بسوءٍ أو اتهام بما يخدش كرامة الوطن والقيادة الوطنية المخلصة؛ ويؤمن بوطنيتها القاصي والداني؛ وكل من يعيش تحت سماء هذا البلد الأمين: مصرنا المحروسة.
ولكني ــ في الوقت نفسه ــ أؤمن أشد الإيمان؛ بحق المواطن في معرفة كيف يتم الإصلاح الاقتصادي برغم الضغوط الهائلة التي تحيط بنا من كل جانب؛ ولهذا التعريف الواجب.. دعوني أستند إلى صفحات "وزارة المالية المصرية؛ وأنقل ــ بتصرف ــ بعض ماجاء على لسان السادة المسئولين في سبيل "الإصلاح الاقتصادي"؛ حتى نستطيع الرد على تساؤلات رجل الشارع المصري في حديث المقاهي والمنازل والمنتديات.. فإنه:
"... بعد تصديق الرئيس السيسي بإصدار تعديلات قانون (المالية العامة الموحد)؛ فإن الدولة تتحرك في مسارات متكاملة.. لتحسين وتقوية الوضع الاقتصادي...".
(ويهدف القانون ــ الذى وافق عليه مجلس النواب ــ إلى العمل على تحسين مؤشرات أداء المالية العامة لتتفق مع المعايير الدولية؛ وما يتطلبه ذلك من إجراءات تشريعية ومحاسبية وفنية؛ وكذلك ضرورة العمل على تكاتف أجهزة الدولة للعمل على تخفيض دين الحكومة في أسرع وقت ممكن).
و" ... أن مصر وفريق صندوق النقد الدولي؛ توصلا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية اللازمة للانتهاء بنجاح من إجراءات في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري؛ ويأتي هذا الاتفاق في ظل ما يتعرض له الاقتصاد المصري من صدمات خارجية متتالية التى كان آخرها الحرب على قطاع غزة؛ وهي التي أثرت على الموارد الأجنبية الواردة من حركة التجارة الخارجية؛ وعبور السفن عبر قناة السويس، وعلى قطاع السياحة بشكل سلبي.. والتى تعد امتدادًا للعديد من الصدمات خلال الأربع سنوات الأخيرة عقب جائحة كورونا؛ وقد تم اتخاذ عدة قرارات تستهدف حزمة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية المتسقة والمتكاملة التي سيتم تطبيقها في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ والعمل على إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد الكلي لمصر؛ لاستعادة استقرار الأسعار في الأسواق المحلية؛ وخفض معدلات التضخم؛ مع الاستمرار في الدفع بالإصلاحات الهيكلية العميقة لتعزيز النمو الاقتصادي بما يسهم في زيادة تنافسية الاقتصاد المصري وخلق فرص العمل للحد من البطالة ...".
إذن .. على المواطن المصري المؤمن بوطنه وبقيادته الرشيدة؛ أن يعلم أن هناك من يسهر على راحته بالعمل الدءوب المستمر؛ لرفع المعاناة عن كاهله وكاهل أسرته وابنائه؛ ولكن يتم هذا بالتدريج وعلى فترات ومراحل؛ بحسب المقتضيات والظروف المحيطة؛ دون الدخول في معارك جانبية مع أعداء الوطن؛ الحاقدين على منجزاته ومكتسباته؛ التي أنجزتها قيادته الوطنية في زمنٍ وجيز.
ونحن بصدد حقبة جديدة بدأت تباشيرها بتنصيب رئيس البلاد ورفع علم العاصمة الإدارية الجديدة لتعلن بدء زمن الجمهورية الجديدة التي تعنى ببناء الإنسان وتصبو نحو التنمية والرخاء، قليل من الصبر يمنحنا الكثير من المكاسب بإذن الله.. تحيا مصرنا المحروسة.