يشهد العالم اهتماما كبيرا بالتكنولوجيا المالية التي قد تشكل تحدياً للمؤسسات المصرفية التقليدية، حيث توفر خدمات مالية ومصرفية، بتكلفة أقل من التي تقدمها البنوك التقليدية، بالإضافة إلى توفير خدمة عملاء مناسبة.
موضوعات مقترحة
وقد نجحت شركات التكنولوجيا المالية في جذب الكثير من العملاء خاصة الذين يخشون التعامل مع البنوك، وبذلك استطاعت الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق مع توقعات بمزيد من التوسع في السوق خاصة في مجال المدفوعات والإقراض.. وتحظى شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، بالنصب الأكبر من حجم الاستثمارات الموجهة للشركات الناشئة، وبذلك أصبحت من أهم القطاعات التي تؤثر في الاقتصاد المصري. وأعلنت مؤسسة فوربس الشرق الأوسط عن قائمة أقوى 30 شركة عاملة في مجال التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط لعام 2023، وجاءت مصر في المقدمة بـ 8 شركات، تلتها السعودية بـ 6 شركات ثم الكويت 5 شركات، وسط هيمنة لشركات المدفوعات على قائمة شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط.
المنافسة تميل إلى التكامل في المرحلة الحالية
قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إنه في المرحلة الأولى، المنافسة ستكون ضعيفة وتميل إلى التكامل، لأن الخدمات التي تقدمها البنوك هي نفسها التي تقدمها شركات التكنولوجيا المالية الغير مصرفية، وفي المرحلة القادمة المنافسة سوف تتدرج وفقا لمدى التطور التكنولوجي لدى البنوك وتطورها أكثر نحو البنوك الإلكترونية.
وأضاف في تصريحات صحفية خاصة لـ بوابة الأهرام – أن الشركات المالية غير المصرفية تنافس البنوك فيما يتعلق بقطاعات معينة مثل التجزئة المصرفية والتمويل الصغير والمتناهي الصغر، لأن السرعة التي يٌتخذ بها القرار الائتماني في تلك الشركات أسرع بكثير من اتخاذ نفس القرار في البنوك، موضحا أن التحليل الائتماني قائم على أسس مختلفة وi score مختلف يعتمد على الوضع الاجتماعي عن العملاء ومعلومات سريعة مخزنة يتدخل فيها الذكاء الاصطناعي وBig data analytics لذلك يتم اتخاذ القرار بسرعة لا تستطيع البنوك أن تفعلها بنفس السرعة.
المنافسة قادمة لا محال
أوضح عبد العال أن البنوك في المرحلة الحالية بدأت تتكامل وتنشئ شركات مالية غير مصرية تابعة لها وتنشئ لها محافظ الائتمانية عندها حتى تضمن استدامة التمويل وتجذب لها أيضا قاعدة عملاء من هذا النشاط.
وأفاد الخبير المصرفي أن المرحلة الحالية وعلى المدى المتوسط سيكون هناك تكامل بين البنوك والشركات المالية غير المصرفية، مؤكدا أن المنافسة قادمة لا محالة وستكون لصالح العملاء سواء عملاء البنوك أو عملاء الشركات المالية غير المصرفية.
البنوك لا تمنح قروضا للمشروعات متناهية الصغير
قال طارق حلمي الخبير المصرفي، إن هناك بعض الأفراد يهابون التعامل مع البنوك وليس لديهم حسابات بنكية، موضحا أن البنوك بدأت في الآونة الأخيرة منح قروض صغيرة ولكن حتى الآن، لا تتعامل مع القروض متناهية الصغر، لأن البنوك ليس لديها الخبرات الكافية في هذا المجال ولا الإدارات التي تتحمل مقابلات هؤلاء العملاء والمراجعة والنزول لمتابعتهم، الأمر الذي يحتاج إلى عدد كبير جدا من الموظفين.
المحافظ الإلكترونية سهلت على العملاء عملية تحويل الأموال
أضاف في تصريحات صحفية خاصة لبوابة الأهرام: في أمريكا هؤلاء العملاء لهم شركات مالية خاصة بخدماتهم، واعتقد أن المحافظ الإلكترونية سهلت على العملاء كثيرا عملية تحويل الأموال، بالرغم من أن البنوك أطلقت تطبيق "انستاباي" لتنافس في هذه الخدمة إلا أنه ما زال مربوطا بالعملاء الذين عندهم حساب في البنك، موضحا أن الذين لا يملكون حسابات في البنوك يذهبون لهذه الشركات التي تقدم خدمات مالية غير مصرفية، بالإضافة إلى شركات الاتصالات التي تخدم أيضا العملاء من المهنيين والحرفيين أصحاب الأجرة اليومية.
البنوك تتفوق لما لديها من إمكانيات تمويلية وكوادر مؤهلة
وأوضح حلمي أن المجتمع أصبح مثقفا ماليا، وسنشهد منافسة من الشركات المالية للبنوك، خاصة بعد أن سمح لها بمزاولة النشاط في السوق وإعطائها تراخيص، موضحا أن التنافس سيكون في منح القروض الصغيرة ومتناهية الصغر لكن في غير ذلك من الخدمات الكبيرة فالبنوك تتفوق لما لديها من إمكانيات تمويلية وكوادر بشرية مؤهلة.
أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، قرارًا رقم 268 لسنة 2023 بشأن قواعد وإجراءات التأسيس والترخيص للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية لمزاولة أنشطة التمويل غير المصرفي، والذي يقضي بتحديد رأس المال ليكون 15 مليون جنيه حد أدنى.
عدد الشركات الناشئة العاملة في التكنولوجيا المالية في مصر تضاعف 5 مرات
حسب بيانات البنك المركزي فإن 46.9 مليون مواطن يمتلكون حسابات مالية، وأن نسبة الشمول المالي، تتضمن امتلاك واستخدام المواطنين من عمر 16 عاما، وتشمل حسابات البنوك والبريد بأنواعها ومحافظ الهاتف المحمول والبطاقات مسبقة الدفع. كما كشفت بيانات البنك المركزي، ارتفاع عدد الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في مصر بنحو 5 مرات ونصف المرة، من 32 شركة في 2017 إلى 177 شركة في 2022. وأظهرت كذلك البيانات أن 30% من تلك الشركات توسعت باتجاه الأسواق الخارجية، عند بلوغ عدد عملائها 100 مليون عميل من الأفراد والشركات المصرية.
محافظ المركزي: تشكيل اقتصادنا لنتحول إلى مجتمع واقتصاد رقمي
وفي إطار توجيهات ودعم محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله، فإن البنك المركزي مستمر في دعم وتعزيز الابتكار، وتشجيع رواد الأعمال المبتكرين بالشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية؛ وكذا بناء جسور الثقة مع العملاء بالإضافة إلى تمكين النظام البيئي لمنظومة التكنولوجيا المالية، بهدف تحقيق التنمية المستدامة المستهدفة، بما يؤثر إيجابًا في زيادة معدلات النمو في مجال التكنولوجيا المالية، ومن ثم إعادة تشكيل اقتصادنا لنتحول إلى مجتمع واقتصاد رقمي يحقق معدلات أعلى من الشمول المالي، ولنصبح في مصاف الدول المحققة للتحول الرقمي.
وحصدت الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 88.7 مليون دولار في فبراير 2024 عبر 37 صفقة، من حيث قيمة الصفقات، فهو نمو متواضع بنسبة 2% على أساس شهري. أما قيمة الاستثمار فشهدت هبوطاً نسبته 88% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. تجاوز إجمالي الاستثمارات في الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 91 مليون دولار في شهر يناير الماضي، عبر 48 صفقة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنحو 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
محمد عبد العال الخبير المصرفي