.. وتصنعنا التجارب أحيانًا

31-3-2024 | 10:18

نعم إنها الحياة التي تحاول في كل مرة أن تعيد تشكيلنا من جديد، تستميت كي تلقننا دروسها إجبارًا لا اختيارًا، وبعد الانتهاء من كل تجربة معها تبقى هناك تنتظرنا وتنتظر إشارة منا ننبئها فيها ونخبرها بأننا قد استوعبنا الدرس جيدًا وتعلمناه في هذه المرة، تجتهد لكي تعيد صياغتنا وتنقش في الحال مفرداتها الجديدة التي تجيد التحدث بها معنا، ثم تنحتها على صفحات قلوبنا. 

تذكرنا الحياة وتكرر علينا دروسها، تتابعنا وتتبع خطوات سيرنا، تختبر عزمنا ما بين لحظة وأخرى، تشهد على تخطينا لتجاربنا التي آلمتنا وعذبتنا، تراقبنا وتراقب من حاكها لنا، وكأن مقدورنا أن ندور معها داخل حلقاتها المفرغة، فعالمنا الذي لم يعد يشبهنا أصبح مرهقًا، ومعارك الاختلاف مع الواقع المحيط بنا أصبحت شبه يومية، معارك الحفاظ على سلامة العقيدة والهوية والقيم الإنسانية كادت أن تفنينا في ميدانها، وتلتهم أعمارنا. 

 منذ سنوات طفولتك الأولى وأنت تقيم هناك داخل حقل تجاربك الخاص بك، تمر باختبار تلو الآخر مع كل شيء يمر عليك أو يحيط بك، تصنع من بعده ذكرى جديدة تعلمك وتؤثر بك، فكل موقف سيء مررت به ترك بقلبك ندوبًا وعلامات، آلام وأنات، نوبات خذلان كادت أن تنال منك وتصيب بالوهن قلبك، لكنك كنت تنهض بعدها إنسانًا آخر، إنسانًا قادرًا على تضميد جرحك بمفردك دون الحاجة لمساعدة أي أحد غيرك.

لقد تأذيت كثيرًا من فهم خاطئ لحديثك الممتلئ براءة أو سوء تفسير لذنب تم إلصاقه عنوة بك، سالت دموعك الثقال وأنت تطوي مرارة تجاربك التي نجحت في بعض الأحيان أن ترهقك وتقهرك، لعلك اعتقدت أنها ستكون نهايتك، لكنها كانت في الأصل بدايتك، الحياة لم تعلم أحدًا من قبل بالمجان، الحياة ستأخذك ثم تعيدك بطبيعة أخرى تناسبك، طبيعة ترتضيها هي لك، وترتضيها أنت لنفسك.

قد تكون تجاربك السابقة هي التي ساهمت في صقلك، لأنها ساعدتك بالفعل على تغيير وجهة نظرك في طريقة تفكيرك، فأنت صناعة تجاربك بحلوها ومرها، تذكر جيدًا هذا المشهد، لاتنس شيئًا مما حدث لك وتعلم من كل موقف، فهذه هي الحقيقة، وهذا هو المذهب.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة