- برغم خبرتي الواسعة لكن خطوطي كلها فوضوية ملتوية ومتعرّجة
موضوعات مقترحة
- أعشق الانطلاق والألوان القاتمة تؤكد الوجوه الحزينة في أعمالي
- حزين على ضياع أصول أعمالي الصحفية من أرشيف مؤسسة روز اليوسف
«اخترت أن أقيم في الشارع وأتلاحم مع البيئة وأتعايش مع الناس»
هكذا يصرّح چورج بهجوري الفنان الذي امتاز أسلوبه بالتلخيص والإيجاز في التعبير بعمق عن قاع المجتمع المصري في ملامح الناس التي تكاد تتشابه برغم اختلاف الديانة، كما تتسم بالتفرُّد وتنطق بالإحساس المتدفق الذي يخترق قلب المشاهد مباشرة من دون وسيط، ولم لا؛ وهو يعبّر عن القيم الراسخة التي تميز المجتمع المصري الذي يحمل بين طياته المد الشعبي من خلال النسيج الواحد الذي يلتحم فيه المسلمون والأقباط في صورة قدمها المشهد المصري عبر التاريخ المتواصل.
لا يرسم البهجوري من الذاكرة؛ بل يشتبك مع البيئة من خلال البسطاء من الناس في الشارع المصري، ليسير معهم إلى صوت كوكب الشرق أم كلثوم التي تحتل مكانا رئيسا في أعماله كأيقونة التف حولها الناس، هؤلاء الناس اختلط بهم هذا الفنان ليرسمهم بعاداتهم وتقاليدهم فينتج لوحات تعبّر عن مائدة الرحمن التي يجتمع حولها المصريون بحب وألفة وتلقائية على اختلاف أوضاعهم الاجتماعية، وكذلك «بائع الفول» و«صانع الكنافة» والمخبوزات، ولا تغفل الذاكرة «صواني» كعك العيد في الأيام الأخيرة من رمضان، بالإضافة إلى المقهى الذي يضم لاعبي الطاولة ويضج بالزبائن التائهة ملامحهم مع دخان «الشيشة» وزحام الروّاد الذين يملؤون المكان ليكاد لا تستطيع أن تطأه قدم إلا قدم «القهوجي» الذي يستطيع بخفة وخبرة أن يخترق طريقة من مكان «المشاريب» نحو الوصول إلى «الزبون» أيًّا كان موقعه الذي يمكن أن يمتد مسافات على الرصيف - بل الرصيف المقابل - خارج الحدود المرسومة للحوائط التي تضم حيّز القهوة.
يرسم البهجوري بفرشاته في إيجاز ما يريد أن يعبر عنه تمجيدا أو سخرية من خلال الملامح المصرية المتشابهة ليتوحّدوا في الهدف كما توحدوا في الشكل الذي يتمثل في الوجوه التي لا تعرف من يجاورها تتجه نظراتها إلى الطعام بعيون شاخصة، وزادهم ارتباطا في الأردية، والسعي نحو لقمة العيش ظل هو الهدف من أجل البقاء والحياة، كما تدعو أعماله إلى التماسك بين طرفي العقيدة، بين المسلمين والأقباط، ليتخذ بعدا ارتبط بالبيئة المصرية قلبا وقالبا لتمس أعماله قلب ووجدان كل من تابعها، ووصل بهجوري إلى مرتبة اختياره من قبل الأمم المتحدة ليحمل الترتيب السابع عشر على مستوى العالم في فن الكاريكاتير.
بعد فترة وجيزة من عملي بمؤسسة روز اليوسف - يقول البهجوري ويضيف - إن لطفي الخولي ترك لي كلمة بعد أول غلاف نُشر لي قائلا: «عظيم يا جورج»
يقول «تيرير» رسام الكاريكاتير الفرنسي: «لا بد من ترويض الحاكم ليدخل قفص الكاريكاتير.. لأن الرسام هو صاحب القفص» مقولة في عبارة يستدعيها البهجوري كثيرا، ولكنه يرى أنه ليس كل الرسامين يمتلكون مفتاح ذلك القفص، فقد تضطرهم الظروف إلى أن يغلقوه على أنفسهم، ويحتفظوا برسومهم معهم خلف القضبان تاركين الحكام خارج القفص حتى تحين فرصة المكاشفة.
نعود إلى الأعمال الفنية واللوحات التي رسمها ولوّنها البهجوري وترتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع لنذكر معرضا كاملا خصصه الفنان لسيدة الغناء العربي أم كلثوم مع فرقتها الموسيقية، يقول عنه: «ارتبطت بصداقة خاصة مع غالبية أعضاء فرقة أم كلثوم، وكانوا كلهم يتحدّثون عنها كملكة بينما كانوا هم أفراد الحاشية، وراقت لي هذه الفكرة وسعيت إلى تحقيقها في لوحاتي التي أرسمها، وكانت في كل مرة تحمل إحساسا مختلفا».
يؤمن البهجوري بأن القدرة على السخرية تُولد مع الإنسان، وإن لم تكن موجودة فمن الصعب تحقيقها، في حين أن المهارة تكتسب، ويذكر أنه في طفولته كان يسخر من عائلته «البهجوري» الذين كانوا - كما يقول - يمتازون بأنوفهم الطويلة، ولكنه لا يستطيع الإفصاح عن ذلك بالكلام؛ فكان يلجأ إلى أن يرسمهم بأنوفهم الطويلة ليجعل من يراها يضحك، فيلقوا برسومي ويطردونني من مجلسهم!.
- كيف ترى لوحاتك من وجهة نظرك؟
الروح المصرية هي المضمون، أما الشكل فيمثّل مفردات التعبير التي أرى أنها تحمل لغة خاصة تشير إلى ما أريد الوصول إليه والذي يتمثل في المشاهد الدرامية التي تعتمد على البهجة والتفاؤل في أسلوب تتداخل فيه الخطوط والمساحات وتتحدد الملامح من خلال الخط الواضح والقوي، أضيف لها ما يثريها من الأساليب المتوافقة، أعْبُر بها لأعَبّر من خلالها عن العلاقات البشرية في قالب يتأكد فيه عمق التعبير وقوّته برغم البساطة في الخطوط وعلاقات الألوان والتي أستمدها من التراث خصوصا الأيقونات القبطية التي واصَلْتُ من خلالها التبسيط في الأداء والوصول إلى الأسلوب الذي يعتمد على التراكيب التي تبدو مثل «الكولاج» في امتداد للعمل على أُطُرِه الأربعة متجاوزا الزمن ليضفي عليها مزيدا من العمق والاستمرارية.
- لعل مشاهد الصلاة خير دليل على ذلك.
بالتأكيد.. لأنها ليست تسجيل للحظة؛ بل هي امتداد لها في زمن يعبر المدى المحدود إلى المطلق في ارتباط العناصر بدلالاتها داخل الموضوع الذي يميّزه الجانب الروحي الذي لا يظهر على السطح، وإنما يستشعره المشاهد من خلال جلال المشهد وعمقه التعبيري المتمثل في تلاحم البشر شكلا ومضمونا، والتطور يبدو في أعمالي من خلال الحكيّ الذي يبدأ مع أول خط أو لمسة تبوح بما يجيش به صدري من أحاسيس ارتبطت بالأحداث وعايشتها من خلال كل الألوان والوسائط المتاحة.
-في فن الكاريكاتير.. المضمون يسبق الشكل؟
في رأيي أن المضمون هو ما يعنيني بالأساس، وفي المقابل يجب أن يكون هناك اهتمام بالشكل، فالكاريكاتير فن يعتمد على طرفي تلك المعادلة: الفكرة الذي تعبّر عن المضمون، والشكل (الرسم) الذي يعبر عن تلك الفكرة، وقد كنت في بداياتي أهتم بالرسم، وبعد الخبرة الطويلة اكتشفت أن المضمون هو الأساس.. وهذه الخبرة منحتني الحنكة في كيفية ملامسة القضايا الشائكة من بعيد.
-من وجهة نظرك.. ما الذي يشد القارئ إلى الكاريكاتير؟
الفكرة اللاذعة أولا، ثم الرسم الذي يعبّر عنها، فهما طرفا المعادلة كما قلت، ويزعجني كثيرا عدم فهم ما أقصده لأنه لا يحمل إلا شيئين؛ إما أنني فشلت في التعبير أو أن القارئ لا يجيد قراءة واستيعاب ما رسمت.
-الكاريكاتير دائما يسبب العديد من الأزمات ما تعليقك؟
بالتأكيد.. وقد حدث معي حينما رسمت جمال عبد الناصر بأنف كبير يكاد يصل إلى كتفيه، ثم رسمته بانحناءة تخفي الفم المبتسم، وكان صلاح سالم قزما بجوار عبد الناصر، والأدهى من ذلك أنني رسمته على غلاف «روز اليوسف» «ينظّف» قبة البرلمان مما سبب أزمة كبيرة وقف فيها إلى جواري إحسان عبد القدوس، ومرت على خير، وأذكر هنا أن أهم ما يميز وجه عبد الناصر - في رأيي - ليس أنفه إنما هو لمعة العين.
-رأيك في فن الكاريكاتير العربي؟
فنان الكاريكاتير العربي للأسف يسعى نحو تقييد نفسه برغم مساحة الحرية التي يتمتع بها وأصبح رقيبا على نفسه، وذلك كان له أثر في على نوعية الأعمال ومدى صدقها، وقد قلّل ذلك من عمليات المصادرة ومنع النشر.
- حدثنا عن تطوّر مراحلك الفنية؟
أعمالي أستطيع أن أقسّمها إلى عدة مراحل: المرحلة الأولى بدأت قبل التحاقي للدراسة الأكاديمية بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، المرحلة الثانية في السبعينيات واتجهت فيها عائدا إلى التبسيط من خلال الجذور المصرية الفرعونية والقبطية، الثالثة استخدمت فيها قلم التحبير، أما المرحلة الرابعة فهي المرحلة التي تنحصر بين الخطوط التي تحدد الشكل، والألوان التي تؤكد الدلالة والقيمة، ولأنني أعشق الانطلاق فلا يسيطر عليّ لون معيّن أو استخدام «مجموعة لونية» أفضّلها عن مجموعة أخرى؛ برغم أنه في فترة ما سيطر على أعمالي اللون الرمادي، وأحيانا ألوان قاتمة تؤكد الوجوه الحزينة في أعمالي.
-في بعض أعمالك أحيانا تخرج عن المألوف ما تعليقك؟
أعد نفسي من الفنانين الذين يقعون في هذه المشكلة برغم أنني أرى أنها سمة واجبة وتميُّز مهمّ يضع الفنان في دائرة خاصة تجتذب المشاهد إلى العمل الفني أو القارئ للرسم الصحفي ليصل إلى اكتشاف الهدف والمضمون، لكنها - في الوقت نفسه - تضيّع الملامح وتجعلها «تهرب» مني، وتحتاج بعض المجهود لاستعادتها برغم الخبرة الواسعة والطويلة التي اكتسبتها من مسيرتي الفنية في الرسم والتلوين على مسطح اللوحة وعلى صفحات الجرائد والمجلات المتعددة والمتنوّعة، لذلك أستطيع أن أقول: إن خطوطي كلها فوضوية ملتوية ومتعرّجة، لكنها في النهاية تفضي إلى الشكل المراد رسمه، فأنا أرسم يوميا بالقلم مباشرة على السطح منذ أكثر من 20 عاما في أي وقت من اليوم وفي أي مكان وبأي خامة تكون متاحة».
إنه العشق الذي لا تحدّه أية حدود ولا تعيق انطلاق الخطوط التي يرسم بها البهجوري أية موانع إلى أن ينتهي من العمل؛ فهو يسعى دوما إلى صياغة ما حوله كما يراه هو بوجهة نظره، الوجوه والناس والبيوت، يحيلها إلى كائنات حيّة تسبح في فضاءات لوحاته تعبّر وتعبر إلى العمق وتتجاوز إلى ما هو أبعد من مجرد حدود وخطوط الشكل المرئي المتمثل أمام عينيه.
- كيف ترى - من وجهة نظرك - ساحة الفن التشكيلي في مصر عموما والرسم الصحفي على وجه الخصوص؟
بعد صمت يكسوه الحزن يقول: أودّ أن أعبّر عن حزني العميق على ضياع العديد من أصول أعمالي الصحفية التي كان يضمّها أرشيف مؤسسة روز اليوسف، وكان يجب الاهتمام بها والحفاظ عليها وتوثيقها؛ حيث إنها تمثل تاريخا وتأريخا للمكان وكذلك الزمان الذي يمثّل مرحلة تاريخية مهمة لمجال الصحافة يظل شاهدا على تطوّرها وتميّزها، ولي أعمال كثيرة من الرسوم واللوحات أيضا فُقِدَت من مرسمي الخاص ولها عندي - مثل معظم أعمالي - مكانة خاصة، ولأن مصر - بطبيعتها - ولّادة، فأنا أؤمن بأنها ستظل تتمتع بوجود أساطين الفن التشكيلي عموما والرسم الصحفي وفن الكاريكاتير على وجه الخصوص، وذلك على مر الأعوام وعبر الأجيال المتتالية.
لديك مواقف عديدة مع رؤساء مصر ومشاهيرها حدثني عنها.
يصمت قليلا ويبتسم قائلا: رسمت كاريكاتيرا للرئيس جمال عبد الناصر بجرأة شديدة، وتصوّرت أنه سيزج بي في السجن، ولكنني فوجئت بأنه أعجب عبد الناصر وأخبروني بأنه ظل يضحك عليه كثيرا، وتعجبت من أنه لم يزج بي في السجن، أما السادات فقد غضب غضبا شديدا حينما رسمته بالكاريكاتير حتى وضع اسمي ضمن قائمة المغضوب عليهم، ومنعت بالفعل من دخول مصر، ولكن غضب أنور السادات الشديد كان من الكتاب الذي كتبته عنه وكان بعنوان «السادات»، وسردت فيه رحلته إلى إسرائيل ولقطات الحب المبالغ فيها من جانب السادات وهو يرتمي في أحضان «مناحم بيجن» ويعامله كصديق حميم، وأفتخر بأنني كنت واحدا ممن رفضوا اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكنت وقتها في باريس ويقيم فيها مثلي ألفريد فرج ومحمود أمين العالم وعباس صالح وأحمد عبد المعطي حجازي وغالي شكري وأمين إسكندر وسعد زغلول فؤاد ومحمود السعدني، وكنا نقوم بإصدار نشرات نُندّد فيها بأسلوب السادات في قمع الحريات والتطبيع مع إسرائيل وطريقة تعامله مع العديد من القضايا السياسية والاجتماعية رافضين هذا الأسلوب والتوجه، وفي عام 1980 أرسل السادات لنا في باريس صلاح جلال نقيب الصحفيين آنذاك حاملا هدايا عبارة عن ساعة لكل واحد منا في محاولة لإغلاق ذلك الملف نهائيا، أما قصتي مع أم كلثوم فكان في رد فعلها الغاضب تجاه كاريكاتير رسمته لحفلتها التي غنت فيها «أنت عمري» يضم واحدا من الجمهور في حالة نعاس في أثناء شدوها مما يعني أنه لم تعجبه الأغنية.
- يوما متميزا لا ينساه البهجوري؟
يوم أن عدت من رحلة خارج باريس عام 1990 فوجئت باحتراق مرسمي حينما دلفت إليه وهو في الطابق الرابع بسبب ماس كهربي واحترقت لوحة واحدة فقط وأنقذت بقية اللوحات، لأكتشف وجود ورقة لم تمسّها النار، فأفتحها لأكتشف أنها دعوة من مهرجان الفنون بإسبانيا يخبرونني فيها بأنني حصلت على الجائزة الأولى في هذا المهرجان وقيمتها مليون بيزة، وتم إرسال تذاكر السفر وذهبت إلى المهرجان لأكتشف القيمة الكبيرة للجائزة، والأهم أنني أصبحت المصنّف رقم واحد في رسم الوجوه في العالم!.
يقول بهجوري :«أنا أسير في تجارب فنية متعددة، وإذا لم أقدّم جديدا فلا داعي للمعرض، ففي كل مرة أقيم فيها معرضا لابد من أن أضيف جديدا، والمسألة ليست كمية الإنتاج الفني، وإلا تحوّل الفنان عن رسالته إلى أن يصبح تاجرا، وإنما المهم هو الكيف أوالمضمون الذي تحمله الأعمال، وأنا بطبيعتي أستلهم أعمالي من وحي الشارع والبيئة الشعبية والإنسان البسيط، والمقهى هو نافذة كبيرة على هذا العالم السحري والذي من خلاله أطل على الحياة الخاصة بالبسطاء، فأفكاري مرتبطة ببعضها البعض، وكلها تهتم بالإنسان وعالم البشر في هذا الكون.
عن بهجوري وسيرته الذاتية وأعماله صدر العديد من الكتب منها الكتاب الشائق :«الرسوم الممنوعة» وقدم فيه دراسة عن فن الكاريكاتير ومسيرته عبر التاريخ وتطوره على يد «جوجان» و«بيكاسو» و»براك» بعد «أونوريه دومييه».
يعترف الفنان بأن باريس تتيح له التواصل مع الفن العالمي؛ حيث يطالع من خلالها أعمال كبار الفنانين، والوطن الفعلي للفنان هو ما يعتد به من مواهب وأفكار تعينه على الاستمرار في عالم الإبداع منتجا ما يميزه من فنون يقدمها مؤكدا بها مكانته في هذا العالم الزاخر بالفنون والتاريخ العريق الذي يمثلها.
تخرّج جورج البهجوري في كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام 1955، وقد ولد عام 1932 في بلدة «بهجورة» بمحافظة قنا، بدأ حياته المهنية بالعمل رسّاما كاريكاتيريا في أثناء دراسته بالكلية عام 1953 لينشر بعض رسومه في صباح الخير وروز اليوسف، ويتمكن من الالتحاق بكلية الفنون الجميلة بالزمالك ليلتقي الكادحين والبسطاء والمهمَّشين في حواري مصر وأحيائها الشعبية ليسكنوا لوحاته ويضعهم في دائرة البطولة في صياغة بليغة تخرج من القلب وتنفذ إلى قلب المتلقي، ولم لا؟ وهي تحتفظ بالمضمون الإنساني والمحتوى الاجتماعي، كل ذلك داخل بوتقة الجسارة والمغامرة في ثراء التجربة الغنية بالتعبير الإنساني وبلاغته الصريحة وكذلك الضمنية.
انتقل الفنان إلى باريس عام 1969 وعلّمته التجربة هناك أن يكون فنانا شاملا؛ ليقتحم عالم الكتابة بخمس روايات، وما لا يعرفه الكثيرون أنه خاض مجال السينما حيث قدّم فيه ثلاثة أفلام منها فيلم فرنسي بعنوان «سائق التريللا»، وقد اشتهر بأنه يرسم كما يفكر، ويفكر كما يرسم، ولا تفارقه الريشة وأوراق وأدوات الرسم والتلوين، وبدعوة خاصة من جمعية محبي الفنون الجميلة بباريس شارك بلوحاته في جناح الكورسول في اللوفر عام 1990 لتمثل الجناح المصري بالمعرض وحصل على الميدالية الفضية عن لوحته «وجه من مصر»، وقد كتب مجموعة من الكتب تحكي سيرته الذاتية بدأها بكتاب «أيقونة فلتس» الذي صدر عام 1997، تابعها بكتاب «أيقونة باريس»، ثم كتاب «بهجر في المهجر»، وكان آخرها «أيقونة شعب»، وقد أصدرت واحدة من قاعات العرض الخاصة كتابا شاملا عن رحلته الفنية يحمل عنوانه توقيعه الشهير: «بهجوري».
يقول بهجوري: «بدأت أكتب بعد سن الستين، لذلك دائما ما أقول: إنني دخلت عالم الأدب من الشبّاك وليس من الباب، وارتبطت كتاباتي بما يسمى (المشهدية) في الأدب، فأنا رسّام في المقام الأول، وحين أصف شخصا ما أو مشهدا بعينه يتخذ هذا الوصف طبيعة متميزة وذات خصوصية ترتبط بشخصي وتؤكد رؤيتي وأسلوبي الذي يُميّزُني ويعرفني الجمهور من خلاله».
.. وبعد كل هذه السنوات؛ لا يزال نهر العطاء والإبداع متدفقا عند الفنان جورج البهجوري.
.
.