يمثل يوم العاشر من رمضان، ذكرى لأعظم انتصارات الجيش المصري في حرب أكتوبر عام 1973، فشهد هذا اليوم أكبر الانتصارات المصرية والعربية، وتمكن المصريون من عبور قناة السويس "أكبر مانع مائي في العالم"، وتحطيم دفاعات خط بارليف الحصينة.
موضوعات مقترحة
كما تمكن الشعب المصري في يوم العاشر من رمضان، على تخطي آلام النكسة والهزيمة التي لحقت بنا في 1967، وتحويلها إلى نصر مدوٍ سجل بحروف من نور في صفحات التاريخ، فقد نجحت مصر في استعادة كرامتها وكرامة أمتها العربية، ومنحت العالم درسا في قدرة المصري على قهر ما يراه الآخرون مستحيلا، ولا يتخلى عن ذرة رمل من أرضه، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
وأثبتت حرب أكتوبر، للعالم أجمع أن الدولة المصرية قوية بما يجعلها قادرة على مواجهة أي أزمات والخروج منها أقوى، فهي خير مثال على قوة المصريين، وقدرتهم على هزيمة المنطق، فقد نجح المصريون من تحويل الهزيمة إلى انتصار، واستعادة كرامة الأمة العربية كلها، والتغلب على خط بارليف الذي وصف بـ"المنيع"، ليعرف الجميع أن المصريين لا يعرفون المستحيل.
انتصارات شهر رمضان
وارتبطت الانتصارات والفتوحات الإسلامية بشهر رمضان، بداية من غزوة بدر، والتي أطلق عليها القرآن الكريم "يوم الفرقان"، وتعتبر أولى المعارك المهمة في التاريخ الإسلامي، ووقعت في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية الهجرية.
وانتصر المسلمون على المشركين، لتبقى أول ملحمة وانتصار تاريخي في سجل الدول الإسلامية، واستطاع المسلمون في العشرين من شهر رمضان بالعام الثامن من الهجرة، فتح مدينة مكة.
ووقعت موقعة حطين بقيادة السلطان الناصر صلاح الدين، في يوم 26 من شهر رمضان الكريم، وأنهت الوجود الصليبي في المشرق، وأسفرت عن تحرير القدس، ومعظم الأراضي التي احتلها الصليبيون.
كما تم فتح مدينة أنطاكية في الرابع من رمضان، ووقعت في 25 رمضان معركة عين جالوت، كما تم فتح بلاد الأندلس، وآخرالانتصارات في شهر رمضان كانت في العصر الحديث وهي حرب أكتوبر.
ويعد شهر رمضان هو شهر الانتصارات على الأعداء، وأن الصيام أعطى للجنود القوة والعزيمة والإرادة والصبر، ويبث الله روح القتال والحماسة في قلوب الجنود، مما أدى إلى نجاح الأمة الإسلامية في تحقيق أهدافها في المعارك الحربية التي حدثت في شهر رمضان، واقتناص النصر للأمة الإسلامية والعربية.
معركة الحسم والعزة
ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه لا يوجد أعظم من شهر رمضان للانتصار على الهوى والشهوات، أو في المعارك الحربية، ففيه حدث أول لقاء مسلح بين المسلمين والمشركين في غزوة بدر، وفتح مكة، والنصر في عين جالوت على يد السلطان قطز، ومعركة حطين، على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي.
كما شهدنا الانتصار في معركة الحسم والعزة والكرامة في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، يوم أن لقن الجيش المصري درسا قاسيا لليهود، وقام بدحر قواهم وكسر كبريائهم، وألسنتهم تلهج بكلمة "الله أكبر".
روح الحماسة
وبث الله سبحانه وتعالى روح الحماسة في قلوب الجنود المصريين في حرب أكتوبر، وزرع بداخلهم روح القتال، وعلى الرغم من صيامهم في مناخ شديد الحرارة، إلا أن الله أعطاهم الدفعة المعنوية، ما جعل لديهم القدرة على القتال والإرداة والإصرار لتحقيق أهدافهم واسترداد أرضنا".
ويقول الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن معظم المعارك الحربية التي خاضها الرسول، وحتى في العصر الحديث وقعت في شهر رمضان، فالصيام يدعو صاحبه للنصر وتحمل المشاق على عكس ما يقال إن الصيام يجعل الإنسان كسولا ومتعبا.
دروس انتصار العاشر من رمضان
والدرس الحقيقي من وراء هذه الانتصارات، بحسب "لاشين"، هو الصبر والمثابرة والعمل على إعداد الذات والنفس هو الطريق الرشيد للانتصار، فالمجتمع الذي يزرع ويصنع ويعمل وينتج ويعطي أقوى أثرا من الذي يأخذ، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
والمعارك والانتصارات الحربية التي حدثت في شهر رمضان، هي رد على من يجعلوا الصيام شماعة لتعبهم وكسلهم، فالمعارك تحتاج للصبر وجهد وبذل مجهود أكبر، ما جعل هذا الشهر شهر انتصارات للأمة الإسلامية.
وكانت آخرها حرب أكتوبر العظيمة التي تم فيها النصر للأمة المصرية، والجنود يحاربون وألسنتهم تلهج بكلمة "الله أكبر"، وبهذا النداء تم تحطيم أكبر خط عرفه التاريخ والعالم أجمعه بأنه مانع لا يمكن لأحد الاقتراب منه أو هدمه.
ويؤكد أستاذ الفقه المقارن، أن عناية الله وتوفيقه تمكن الجنود من الجيش المصري الباسل من تحطيم الخط، على الرغم من أن الجنود صائمون ورفضوا أن يفطروا في هذا اليوم، وهذه الإرادة والقوة والعزيمة التي أدت إلى الانتصار هي رسالة للجيل الحالي بأن الصيام يشجع على العمل والمحاربة والقتال، مستشهدا بقول الله تعالى "ولينصرن الله من ينصره".