فلسفة العمل الأهلي ومقوماتها الأساسية

18-3-2024 | 13:55

في البداية لابد أن نضع تعريفًا لفلسفة العمل الأهلي، هو العمل الذي يؤديه من يقوم به تطوعًا لا يبتغي من ورائه تحقيق ربح أو مصلحة أو منفعة، بل يُقدم عليه صاحبه تطوعًا، وما يقدمونه من خدمات لا ينتظرون مقابلًا من ورائها، مؤثرين مصلحة الوطن ومنفعته على أنفسهم.

إنما دافع هذه المجموعات؛ سواء على المستوى الفردي أو المستوى التنظيمي المؤسسي القائم على تكليف رسمي بمرسوم رئاسي من ولي الأمر.

وهذا ليس جديدًا، فقد كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد صحابته وعهد الخلفاء الراشدين، فالعمل التطوعي هدفه الرئيس وفلسفته يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

النقطة الأولى، المواطنة وحب الوطن حبًا ذاتيًا ينبع من داخل الفرد نفسه، فينعكس ذلك على أفراد المجتمع إيجابًا، من خلال تقديم كل المساعدات لهم من مساعدات اقتصادية، واجتماعية تكافلية، أو خدمات أخرى سواء تعليمية وخلافه.

النقطة الثانية، الذي يقوم بالعمل الأهلي يكون همزة وصل بين المواطن والمسئولين ينقل لهم همومهم ومشكلاتهم بغية حلها.

النقطة الثالثة، فلسفة التطوع حبًا للوطن بمعنى يفعل كل ما فى وسعه للنهوض بهذا الوطن لا يبتغي تربحًا ولا تحقيق منفعة أو مصلحة شخصية له ولمن يعول.

النقطة الرابعة، عقد اجتماعات دورية يمكن أن تكون شهرية أو نصف سنوية؛ للاستماع إلى المواطنين وهمومهم من خلال دعوة المسئولين لحضور هذه الاجتماعات.

النقطة الخامسة، البعد عن العشوائية؛ بمعنى لابد أن يكون من يقوم بالعمل الأهلي من ذوي الخبرات، اقتصاديًا أو دينيًا أو سياسيًا أو ثقافيًا، أو اجتماعيًا ويخضع لفلسفة وسياسة المتابعة.

لا شك أن مصرنا الحبيبة على وجه الخصوص، تعرضت لمشكلات وقضايا شائكة تقتضي وفقًا لفقه الواقع وفقه الحاجة وفقه الضرورة إلى تضافر كل الجهود لإيجاد حلول ناجعة لمثل هذه المشكلات.

نعم تحتاج إلى جنود حقيقيين يقفون جنبًا إلى جنب مع قيادتهم الرشيدة التي لا تدخر جهدًا، بل وتبذل قصارى جهدها للنهوض ببلدنا الحبيب مصر الغالية والعزيزة على قلب كل إنسان نشأ على أرضها وأكل من خيرها واستظل بسمائها وتنفس أريج وشذى عطرها.

نعم قالها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، قالها ماضون في طريقنا، ولن يثنينا كائن من كان عن تحقيق حلمنا، بل ونرى بفضل الله تعالى وفضل المخلصين لهذا الوطن العزيز أن الحلم قيد التحقق بل بات قاب قوسين أو أدنى.

حلمنا، تحقيق تنمية شاملة، تنمية مستدامة، حلم الجمهورية الجديدة، مدينة ليست خيالية، وإنما مدينة فاضلة تتحقق فيها العدالة الاجتماعية، تتحقق فيها النهضة الاقتصادية الشاملة، النهضة الثقافية، هيكلة النظام التعليمي الذي يحقق طموحاتنا وطموحات شبابنا في ظل عالم يعج بعالم المعلومات والتقدم التقني والتكنولوجيات الحديثة والرقمنة والذكاء الاصطناعي والميتافيرس، فكيف سنتواءم مع كل هذه المستحدثات والمستجدات دونما أن يكون لدينا نظام تعليمي معاصر يقوم على بناء عقلية ناقدة متقدة متوهجة تتعلم على أحدث التقنيات بعيدًا عن فكرة حشو العقول حشوًا دونما فهم أو رؤية نقدية حداثية مستنيرة، وهذا ما تسعى إليه دولتنا الآن بكافة مؤسساتها، فكل مؤسسات الدولة تقريبًا أدخلت نظام البرمجيات في إداراتها، ليس هذا فحسب، بل وقد لا تخلو جامعة من جامعاتنا من كليات الحاسبات ونظم المعلومات لمواكبة العصر ومتغيراته، كنا نسمع عن ذلك قديمًا من أن دولة كذا في أوروبا أو أمريكا تعمل بنظام الحاسوبات، ونحن نقف متفرجين، بل وكنا نتعجب من هذه الأشياء، لكن الآن اختلف الأمر فأصبحنا بفضل الله تعالى نمتلك هذه التقنيات الحديثة للمواكبة والمسايرة، فلا يجوز بحال من الأحوال أن دولة بحجم مصر أن يتقدم العالم من حولها ونقف متفرجين، لذلك قالها الرئيس ماضون في طريقنا رغم أنف المثبطين الكارهين لنا الحاقدين علينا.

قس على ذلك في مجال التسليح ما نعلمه من ثورة حقيقية في مجال التسليح من تصنيع بعض السلاح وتطويره، وشراء البعض الآخر من فرقاطات وحاملات طائرات وأنظمة رادارات، وأنظمة دفاعات، ليس هذا فحسب، بل وتدريب جندي قادر على التعامل مع التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، فضلا عن تأهيلهم التأهيل النفسي الذي ينمي روح المواطنة وحب الوطن والتصدي لكل محاولة غادرة تبغي النيل من سلامتنا وسلامة أمننا القومي، شاهدنا ذلك على شاشات التلفاز من خلال عقد الندوات والمؤتمرات التثقيفية لقواتنا المسلحة، فحينما قالها الرئيس الراحل أنور السادات (أصبح الآن لنا درع وسيف)، نقول نعم سيادة الرئيس وأزيدك من الشعر بيتًا أصبح لدينا تسليح يتوافق مع أحدث تقنيات التسليح في العالم المعاصر، فضلا عن المشروعات التنموية التي تخوضها إدارة المشروعات الهندسية من أجل تحقيق رفاهية المواطن المصري، نعم يد تشيد وتبني في وقت السلم، وأيدٍ فتية تلبي النداء وقت الحرب، فلله دركم أيها الرجال النشامى الأبطال.

فلله دركم بأسلحتكم وألويتكم وفرقكم، لله دركم بروحكم القتالية التي وهبت نفسها فداء لتراب الوطن الحبيب.

لله دركم أيها المرابطون على الثغور، أهل نجدة لأبناء وطنكم العربي، لله دركم في حفاظكم على سيناء الحبيبة، لله دركم ودر قادتكم في تصديهم لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين وتوطينهم في سيناء.

لله دركم في وقوفكم بجانب إخواننا الفلسطينيين فلولاكم لكانت قضيتهم ماتت واندرس رحمها ومحي ذكرها.

نعم فى طريقنا لإحداث صحوة ثقافية تقوم على توافق الرؤى حول قضايانا الثقافية وبناء إنسان مثقف؛ بمعنى الكلمة بعيدًا عن رتابة التقليد الأعمى والتحرر من التقليدية والمدرسة الكلاسيكية دونما إفراط أو تفريط، وهذا دور القوى مثلما يقال (القوى الناعمة) التي مبناها الأساسي العقل، فبالإضافة إلى بناء المنشآت وبناء العضلات، ضرورة ملحة لبناء العقول، ولا يكون ذلك إلا من خلال فكر تنويري تجديدي يرثي شبابنا ويخلصهم مما لحق بهم من أفكار جماعات تكفيرية وجهادية ليس لها غرض إلا تدمير أي إنجاز، وأهم إنجاز العقل المصري الذي كانت ثم خطة ممنهجة لتدميره من خلال حشوه بأفكار الدين منها براء، لكن هيهات هيهات، فلن يفلح الساحرون حيث أتوا.

قيسوا على ذلك في النواحي الاقتصادية والاستثمار، فالمشروعات الاقتصادية والاستثمارية العملاقة ليستا منا ببعيد، نقول للحاقدين الكارهين، موتوا بغيظكم، فقافلتنا ستسير مهما عوت عليها الذئاب ونبحت الكلاب، واقتصادنا سيتعافى، فتلك محن عابرة تمر بها كل الأوطان وتلك سنة كونية، يحدث بعض الضيق في العيش، لكن لن يستمر، فليس ثم شدة استمرت وطالت، ورهاننا على شعبنا البطل المناضل الصابر المحتسب وسينجح فى الاختبار، فجيل أكتوبر المنتصر، أحفادهم سيصمدون وسيثبتون للعالم أنهم رجال من أصلاب رجال.

أما إذا ما انتقلنا إلى الناحية الاجتماعية، فنرى العمل الاجتماعي رؤيا العين ونشاهد التكافل الاجتماعي ووزارة التضامن الاجتماعي لا تألو جهدًا بكل المنسوبين إليها من تقديم خدمات للمواطن من معاشات الضمان الاجتماعي مثل تكافل وكرامة وخلافهما.
إن العمل الأهلي ضرورة ملحة الآن للنهوض ببلدنا، وللوقوف جنبًا إلى جنب مع بعضنا البعض من أجل تحقيق حلمنا ألا وهو بناء دولتنا المصرية، لا أقول الحديثة فقط، بل الدولة المصرية المعاصرة.

* أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة