خبراء: استرداد طابا "ملحمة دبلوماسية" توجت نصر أكتوبر 1973
موضوعات مقترحة
"ما ضاع حق وراءه مُطالب".. من هذا المنطلق استردت مصر أرض طابا في 19 مارس 1989 ليصبح تاريخًا يسجل وحدة شعب مصر الذي التفّ حول قيادته وجيشه الوطني وليؤكد للعالم أن المصريين لا يتركون شبرًا واحدًا من أراضيهم وقادرون على حماية تراب وطنهم بكل الطرق، بالحرب أو بالسلام.
وقد أجمع خبراء، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الإثنين، على أنه عقب 35 عامًا من عودة طابا إلى حضن مصر، لا نزال نفتخر ونعتز جيلًا تلو الآخر بقدرة الدولة على فرض إرادتها واسترداد أرض سيناء كاملة، محذرين بكل قوة من المساس بتلك البقعة الطاهرة المقدسة التي اختارها الله ليتجلى فيها.
اللواء فؤاد فيود، أحد رجال حرب أكتوبر المجيدة، يؤكد أن استعادة طابا أعطت درسًا مهمًا لشعب مصر، وهو ضرورة أن يكون يدًا واحدة مع قيادته السياسية وقواته المسلحة؛ إذ إن المصريين أدركوا أن الوقوف على قلب رجل واحد والالتفاف حول القيادة والجيش هو أقوى سلاح لمواجهة العدو وأبرز أسباب الانتصار.
وذكر بأن الإسرائيليين كانوا ينتظرون أن تستسلم مصر، ولكن شعب مصر أبى وأذهل العالم، فبعد النصر العسكري العظيم الذي حققه جيشنا في السادس من أكتوبر عام 1973 استكملنا حربنا بالمفاوضات.
وتابع: "وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عادت العريش إلى السيادة المصرية في 26 مايو 1979، وتبقت طابا بعد أن ادعت تل أبيب بأنها داخل حدودها، غير أن مجموعة القانونيين والدبلوماسيين المصريين استطاعوا أمام محكمة العدل الدولية استرداد طابا تلك الأرض الغالية".
ونوه اللواء فيود إلى أن أرض سيناء كانت دائما مطمعًا للغزاة، إلا أنه منذ إعادة القوات المسلحة لآخر شبر فيها بالحرب والسلام، لم ولن يستطع أحد الاقتراب منها، ومن يفكر في ذلك فهو يحلم بالمستحيل.
من جانبه، يقول الخبير الاستراتيجي اللواء نصر سالم، أحد أبطال حرب أكتوبر، إن الحلم مهما كان بعيدًا فالمصريون قادرون على تحقيقه بالإصرار وحبهم الشديد الذي لا مثيل له لتراب وطنهم.
وأضاف: "عندما خسرنا أرضنا في 5 يونيو 1967 تخيلنا أنه أسوأ يوم في تاريخنا، إلا إننا لم نكن نعلم أن النصر العظيم قادم في السادس من أكتوبر 1973"، موضحًا أن إرادة شعب مصر كانت فوق كل شيء، حيث التف الشعب خلف قيادته ورفض الهزيمة وساند جيشه وحشد كل طاقته حتى استطعنا أن نجعل العدو يقر بنفسه في حقنا وسيادتنا على كامل أراضينا.
وأشار إلى أن الحرب لم تنته في الميدان فقط، حيث استكملنا المعركة أمام التحكيم الدولي، بعد أن سعت إسرائيل إلى إظهار أن مدينة طابا ليست مصرية علاوة على محاولاتها توفيق الأوضاع أي تقسيمها، إلا أن صاحب الحق لا يمكن أن يقبل إلا بإعادة كل شبر من أرضه.
وأثنى على ذكاء المفاوض المصري الذي فوت الفرصة على العدو، ونجح صاحب الحق أمام المحكمة الدولية في الحصول على كافة الأصوات باستثناء صوت القاضي الإسرائيلي الذي اعترف فيما بعد بانه كان يأمل في أن يخطأ المفاوض المصري أمام القضاة، لتعود أرضنا كاملة لا تنقصها حبة رمل واحدة.
من ناحيته، قال مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتور خالد عكاشة، إن أرض سيناء لها مكانة خاصة في قلوب شعب مصر الذي على استعداد دائمًا لتقديم الغالي والنفيس في سبيل وطنه ولاسيما تلك الأرض المباركة المروية بدماء آبائنا وأجدادنا الذين أصرّوا على أن يتركونا نحيا في عزة وكرامة على كامل تراب وطنا لا ينقصه ذرة رمل واحدة.
وأضاف أن يوم 19 مارس يعد واحدًا من الأيام المشهودة في تاريخ مصر، كذكرى غالية لتحرير آخر شبر من أرض سيناء، بعد أن تحدت عزيمة المصريين المستحيل وقهرت الأعداء عسكريًا ودبلوماسيًا وسياسيًا لاسترداد الأرض المقدسة وإثبات أحقية مصر فيها.
ونوه إلى أن ذكرى تحرير طابا تأتي هذا العام في ظل جهود استثنائية تبذلها القيادة السياسية المصرية في الدفاع والذود عن أمن مصر القومي، حيث حذرت القاهرة مرارًا وتكرارًا من أي سيناريوهات أو مخططات إسرائيلية رامية إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تنفيذ مخطط تهجير أهل قطاع غزة من أراضيهم ودفعهم للنزوح باتجاه سيناء.
وثمن الدكتور خالد عكاشة حرص القيادة السياسية على إدماج سيناء في مسيرة التنمية المستدامة الجارية بكافة أنحاء البلاد، وتعزيز الأمن القومي في أرض الفيروز عبر تنفيذ المشاريع الاستراتيجية والتنموية.
واختتم تصريحه بأنه يجب أن نستذكر في هذا اليوم بكل فخر وإعزاز شهداءنا الأبرار الذين روت دماؤهم الزكية أرض سيناء الطاهرة، كما يجب أن نتذكر أعضاء اللجنة القومية العليا لطابا الذين سطروا ملحمة استرداد طابا.
بدوره، أبرز رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، السفير محمد العرابي، أن الدبلوماسية المصرية خاضت واحدة من أعظم الملاحم على مر تاريخها حتى نجحت في صدور الحكم من هيئة التحكيم الدولي بأحقية مصر في طابا.
وذكر بأن معركة استرداد طابا استمرت سنوات عدة، وانتهت بانتصار عظيم، عقب انسحاب آخر جندي إسرائيلي من آخر نقاط سيناء، لتكتب مصر في سجلات التاريخ أنها حققت نصرين لاستعادة كل أرض سيناء: نصر عسكري في السادس من أكتوبر 1973، ونصر سياسي ودبلوماسي في 19 مارس 1989 حينما رفع العلم المصري على مدينة طابا معلنًا السيادة على كل شبر في سيناء وإثبات حق مصر في أرضها.
ولفت إلى أن مصر رفضت التفريط في شبر واحد من أراضيها، وأصرت على طرد آخر جندي إسرائيلي، مشيدًا بأنه تم الإعداد لتلك الملحمة الدبلوماسية إعدادًا مثاليًّا من المسؤولين المصريين، حين تم تكوين فريق علمي كبير على مستوى عالٍ، وإمداده بكل الوثائق اللازمة والحقائق والوقائع والتي جرى عرضها على المحكمة الدولية، حتى تمكنا من النتيجة العظيمة التي حققناها.
وشدد وزير الخارجية الأسبق على أن احتفال هذا العام بذكرى استرداد طابا يتزامن مع عبور جديد يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها منذ نحو 10 سنوات، ولتحقيق التنمية المستدامة التي طالما حلمنا بها ويستحقها هذا الشعب العظيم.