منذ أعلن عن إنتاج مسلسل عن فرقة "آل موت"، أو "الحشاشين"، وتساؤلات كثيرة طرحت نفسها، منها ما حاولت معرفته من كاتبنا الكبير عبدالرحيم كمال بحكم صداقتنا، ومنها ما حاولت استشفافه من القراءة عن تلك الفرقة التي عرفت بأفكارها الانتقامية، وصنفت بأنها من أكثر الفرق التي ظهرت في التاريخ انتقامًا من أعدائها، كان السؤال لكاتب المسلسل لماذا فكرت فى كتابة مسلسل يفترض أنه عمل صعب، وعقائديًا قد يثير جدلا، وقد كان أن أثار المسلسل جدلًا كبيرًا؛ حيث المقارنات بين الحشاشين وجماعات أخرى فى تاريخنا المعاصر، وبدأ الحديث عن عقائدية تلك الفرقة.
كانت الإجابة أنه على مر التاريخ كثيرون كانوا شغوفين بالكتابة عنهم، وتقديمهم فى أعمال فنية، أما عن عقائديتهم فترك المشاهد هو من يستشف ويحلل ويستمتع بالأحداث دون أن يقحم هو ككاتب تفسيرات أو رمزيات قد تفسد متعة المشاهدة.
وبرغم أن الأحداث لا زالت جارية حيث يعرض المسلسل، وفي التوازي يكبر الجدل حوله، إلا أننى أستطيع التأكيد على أن نجاح أي عمل فني يكمن فى قدرة صناعه على تحريك المياه الراكدة كما فعل المؤلف، ومعه فريق عمل من الموهوبين، المخرج بيتر ميمي، والنجوم كريم عبدالعزيز، فتحي عبدالوهاب، أحمد عيد، نيقولا معوض، ميرنا نور الدين، إسلام جمال، عمر الشناوي، سامي الشيخ، سوزان نجم الدين وآخرين.
وفى الواقع فكرة البحث فى التاريخ مهمة شاقة جدًا، وبخاصة عندما تكون عملية البحث فى فترات كانت مليئة بالتناقضات كتلك الفترة التي تناولها المسلسل في القرن الحادي عشر الميلادي، وفي رأيي أن عبدالرحيم كمال، وهو يكتب، يعلم جيدًا أن ما يقدمه سيتم إسقاطه على جماعات اخرى معاصرة، وفرق اخرى، بل وشخصيات أخرى يقترب فكرها ونهجها من فكر ونهج بطل الفرقة، ومن ثم المسلسل "حسن بن الصباح ".
نأتي إلى الدراما التى قدمها "الحشاشين"، كان الرهان على بيتر ميمي، فهو من أكثر المخرجين قدرة على تقديم عمل تاريخي، أكدت التجارب السابقة ذلك، وتصديه لمسلسل يحتاج إلى دقة تاريخية وديكورات صعبة وتصوير فى ظروف لا يظهر فيها عنصر معاصر، لا سيارة، أو موبايل، أو ساعة، أو ملابس ماركات معينة، كلها صعوبات قد تحيط العمل التاريخي، فما بالك ومسلسل عن القرن الحادي عشر، تلك جزئية، أما الثانية فإن البطل هنا نجم سينما من الطراز الأول، أن يغامر في تجسيد شخصية تاريخية مؤكد أنه مقتنع تمامًا بنص مكتوب جيدًا، ومؤلف ماركة مسجلة، وأن الشخصية التي سيقدمها مهما طالها من جدل ومقارنات ستصل إلى المشاهدين.
وثالثة، كيف سيتم توفير القلاع، والملابس، والديكورات، وهي تحتاج إلى ميزانيات، وهنا نشيد بدور المتحدة وتامر مرسي، أن تم توفير كل الميزانيات لديكورات هي عنصر النجاح الأكثر تركيزًا وبدونها لا يوجد مسلسل.
كريم عبدالعزيز، لا يمكن لمن أجهد ذهنه فى تخيل ملامح حسن الصباح قبل أن يرى كريم فى الشخصية أن يصل لتلك الملامح، فهو من كثرة تعايشه مع الشخصية أصبحنا نراه فيها، أما أحمد عيد فهو ميلاد نجم وممثل موهوب، كثيرون لم يعرفوه في دوره بدأ الأحدب "زيد بن سيحون"، ثم كشف عنه حسن الصباح، كما لا يمكن تخيل شخصية "نظام الملك" دون البارع فتحي عبدالوهاب، وشخصية عمر الخيام تميز فيها نيقولا معوض، وبعيدًا عن كبار النجوم جاءت الممثلة ميرنا نور الدين فى دور دنيا زاد معبرة، هناك حالة صنعها المسلسل بين المشاهدين، بدأت بالمقارنات، والانتقادات التي قد يكون للبعض حق في طرحها كاللغة العربية الفصحى؛ حيث يرى بعضهم أن عملا عن فترة كانت اللغة العربية الفصحى هي السائدة في العالم الإسلامي، وأشعار فصحى لعمر الخيام، كان لابد أن يأتي بها المسلسل، لكن الكاتب رأى أن يطرح عملا دراميا للمشاهدين بأبسط مفردات اللغة، فلغة الدراما تختلف عن لغة النص والكتاب.
مسلسل"الحشاشين"، هو أكثر مسلسل أثيرت حوله تساؤلات، وهو يمثل بداية للتفكير فى تاريخنا للبحث عن أعمال بقيمة الدراما المصرية، مفردات مهمة تكاملت لتصنع منه عملًا جيدًا، موسيقى تصويرية لأمين أبوحافة، واسم في عالم الإكسسوارات عباس صابر ونجله محمد في الديكورات، ومونتاج لأحمد حمدى، وأزياء كابوريا، ومحمود فكري، وتصوير البارع دائمًا حسين عسر، عناصر صنعت الفارق في مسلسلات رمضان.