17-3-2024 | 16:49
الأهرام العربي نقلاً عن

صحا الغرب على جيل جديد، يندفع إلى الشوارع، يرفض العدوان الإسرائيلى على غزة، يخالف آراء الآباء، يرفض سياسة المعايير المزدوجة، يهاجم  فلسفة الإذعان للمسألة اليهودية.

الجيل الجديد بين العشرين والثلاثين، يشعر بأنه غير مدين بما جرى فى المحارق النازية، ويرفض تحميله وزر الأسلاف، الذين ارتكبوا المجازر البشرية فى الحرب العالمية الثانية، ولا يهتم بنتائجها الكارثية، وينظر من زاوية مختلفة عن الآباء.

مظالم الآباء المؤسسين لنتائج الحرب العالمية الثانية، وعلى رأسها المسألة اليهودية، ضربت المنطقة العربية فى أعز ما تملك، وهو الاستقرار، ومنعتها من التطور والتحديث، وجعلتها حقل تجارب للفوضى، ومسرحا لتخويف الآخرين من خلال جعلها شاخص تنشين.

الجيل الجديد يسرى فى الغرب كالنار فى الهشيم، لا يتوقف عن التعبير عن نفسه، إلى درجة الانقسام بين المؤمنين بالعدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين والرافضين لهذا العدوان، وما من عاصمة أوروبية تخلو من هذا الانشقاق.

بعض مراكز السلطة فى الغرب، تستشعر الحرج من هذه المواقف الشعبية الجديدة، فيخرج بتصريح حول ضرورة وقف الحرب على غزة، أو ضرورة تقديم مساعدات، لكنه يظل محكوما بتقاليد سياسية بالية، تؤمن بحماية إسرائيل مهما ارتكبت من مجازر، وترفض أن تخرج عن الخط المرسوم فى التعبيرات السياسية، وترفض أن تقول الكلمة الوحيدة الصحيحة، وهى يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية معترف بها دوليا، وينتهى الأمر، ويتخلص الضمير الدولى من عبء نتائج الحرب العالمية الثانية.

هذا هو واقع السلطات السياسية الغربية الحاكمة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ويبدو أنه من شروط الوصول للسلطة أن تؤمن بهذه التقاليد ولا تخرج عنها، ويبدو أيضا أن تيارات الأمواج الشبابية ستجرف هذه التقاليد، كما يتجلى فى الاندفاع الواضح من جيل بات يكفر بكل هذه السياسات البالية.

من لا يرى من الغربال فهو أعمى، لكن الغرب بحداثته الفائقة ليس أعمى، لكنه يتعامى عن الحقيقة، هذا التعامى ابن شرعى للغرور، فهو يعتقد أن قيادته للعالم خلال الخمسة قرون الماضية سوف تستمر، ولن تنازعه أى قوة فى المدى المنظور، وإذا كان هذا الاعتقاد صحيحا من الناحية النظرية، فإنه غير ذلك فى الواقع، فقد استنفد الغرب قواه فى الحروب المستمرة، وفى تزييف الحقائق، مما جعل الجيل الجديد من أبنائه يخرج عن الخطوط المرسومة، وينفجر غضبا وصولا إلى الإعلان عن احتجاجه بالموت حرقا، كما فى حالة آرون بوشنل فى الولايات المتحدة الأمريكية.

فى لندن وباريس وبرلين وواشنطن، عواصم القرار والمال العالمي، يخرج الناس عن أطوارهم، بينما لا تحيد السياسة الرسمية عن أطوارها، كأن هناك شارعين يختلفان من حيث العابرين فيهما، برغم أن الشارعين ينتميان إلى المدينة نفسها.

الخروج الجماعى الرافض لعدوان إسرائيل على الشعب الفلسطينى، أعاد مسألة العداء للسامية، وأعاد إخضاع الخرافات الموروثة للمناقشة العلنية، وجعل الأبناء الجدد يتساءلون: هل ارتكب آباؤنا، آباء الحرب العالمية الثانية خطأ جسيما فى معالجة المسألة الإسرائيلية؟ وهل تسببوا - دون قصد -  فى ولادة عالمية تسمى» المسألة الفلسطينية»؟

ولادة جيل جديد لا يزال فى طور التكوين، لكن طريق الألف ميل تبدأ بخطوة، والخطوة بدأت بالفعل.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة