هلّ علينا شهر رمضان الكريم، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، وشهر العتق والرحمة والغفران والصدقات والإحسان، كما أنه هو الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنة، وتضاعف فيه الحسنات وتغفر السيئات، وتجاب فيه الدعوات وترفع فيه الدرجات.
موضوعات مقترحة
ويعد الصيام في هذا الشهر الكريم أحد أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين، ومن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ولكن كيف نتأكد من قبول الصيام، وما هي مبطلت الصيام، هذا مانوضحه في السطور التالية؟.
يؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، أن هناك علامات لقبول الطاعة، ولكي يكون الصيام مقبولا لابد من القيام ببعض الأشياء، وتجنب العادات السلبية التي تقسد علينا الصيام، حتى لا يقع المسلم في حيرة من أمره، هل قبلت طاعته أم لا.
شروط وجوب صيام
هناك بعض الشروط التي يجب على المسلم الالتزام بها، لوجوب صيام شهر رمضان، وهي:
- النية، فيجب استحضار القلب والعزم على تمسك بنية الأجر والثواب، ليتميز العبد بأفعاله بين العادة والعبادة.
- البلوغ، شرط أساسي لوجوب الصوم، فلا يجب الصوم على الصبي ولو كان مراهقًا، حيث قال الرسول صلى الله على وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة، الصبي حتى يحتلم، والنائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق".
- القدرة، لابد أن يكون الشخص قادرًا على الصيام، فلا يجب على العاجز لكبر السن أو المرض الصيام، حيث قال الله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ".
- الإقامة، يمكن للمسافر أن يفطر ويقضي، فقال الله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".
شروط صحة الصيام
فيما تتضمن شروط صحة الصيام في شهر رمضان الكريم، ما يلي:
- تعد النية من شروط صحة الصيام، وتكون من الليل، حيث قال النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له، ويقال اللهم إني نويت أن أصوم رمضان كاملا لوجهك الكريم إيمانًا واحتسابًا، اللهم تقبله منى واجعل ذنبي مغفورًا وصومي مقبولًا.
- كما يجب أن يتميز الشخص الصائم بالعقل، فالقلم مرفوع عن المجنون، حيث قال رسول الله صلى الله عليه ولم، "رفع القلم عن ثلاثة، الصبي حتى يحتلم، والنائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق".
- الطهارة من الحيض والنفاس، فالحائض والنفساء يحرم عليهما الصيام ولابد من القضاء، لقول عائشة رضي الله عنها: "كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة".
مبطلات الصيام
ويبث الكثير من المسلمين عن مبطلات الصيام في شهر رمضان، حتى لا يتجنب اختلال ركن من الأركان، فيبطل صيامه.
وأصل هذه المُفطرات ثلاثة وردت في كتاب الله في سورة البقرة، حيث قال تعالى: "فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْل".
ومن مبطلات الصيام ما يلي:
- الأكل والشرب عمدًا.
- الحيض والنفاس، فإذا حاضت أو نفست المرأة في نهار رمضان، ولو في اللحظة الأخيرة منه، فسد صومها ويجب عليها قضاء هذا اليوم بإجماع العلماء.
- تعمُّد الاستمناء.
- نيَّة الإفطار، أي إذا نوى الصائم إبطال صومه وعزم الإفطار جازماً مُتعمّداً ذاكراً صيامه فقد بطل صومه وإن لم يفسد صومه بالأكل أو الشرب.
- الرِّدَّة عن الإسلام، حيث اتّفق أهل العلم دون خلاف في أمر من ارتدّ عن الإسلام أثناء الصوم فإنّه يفسد صومه.
- إخراج الدم بالحجامة ونحوها، وعلى هذا لا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم إلا أن يوجد مضطر فيجوز التبرع له، ويفطر المتبرع ويقضي ذلك اليوم.
- القيء عمداً.
- التدخين.
- استنشاق غاز التخدير.
- الجماع، وهو الفعل الوحيد الذي يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفَّارة، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
- الكذب والغيبة والنميمة، وشهادة الزور والسب والقذف والغضب، وجميع آفات اللسان لأنها تبطل الصيام.
العادات السلبية في شهر رمضان
ويؤكد الدكتور محمد هاني استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية، أن هناك بعض العادات السيئة في شهر رمضان تفسد علينا اليوم، يوضحها فيما يلي:
يقوم الكثيرون بطهي عدد كبير من الأصناف المختلفة من الأكلات وهذا أمر غير مستحب ويفضل أن نقوم بعمل أكلات بنفس عدد أفراد الأسرة أو عمل وجبة إضافية ويتم تقديمها لأحد الجيران أو الأصدقاء في حالة إذا كانت الميزانية تسمح.
يقوم الكثير بالنوم في نهار رمضان بحجة الإرهاق وعدم القدرة على الابتعاد عن التدخين، وهذا أمر غير مقبول بنهار رمضان.
-
إدمان التليفزيون في نهار رمضان
يقضي البعض النهار كاملاً أمام التلفزيون دون تنظيم جيد للوقت بين المهام اليومية والعبادة والترفيه، وهذا خطأ كبير فالأفضل دائمًا وضع خطة مسبقة لكيفية قضاء اليوم.
ثواب الصيام في رمضان
ثواب الصيام في شهر رمضان عظيم، وفوائد الصوم كثيرة منها تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر والكرم ومجاهدة النفس، وللصائمين منزلة خاصة في الآخرة، فبفضل الله يدخلون الجنة من باب خصص للصائمين فقط، ويغلق دونهم، وهو باب الريان".
والله سبحانه وتعالي خصَّ شهر رمضان من بين سائر شهور العام بالتكريم والبركة، وجعله موسمًا عظيمًا تنهل منه الأمة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، فرمضان هو شهر البركات والرحمات، يأتي ومعه من الخيرات ما يعجز الحامدون عن أداء شكرها، فمن صامه إيمانًا واحتسابًا يُضَاعَفُ له الثواب، ويُغْفَر له ما تقدم من ذنبه؛ فبدايته رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران.
وثواب الصيام في شهر رمضان كبير، حيث استثنى الله سبحانه وتعالى الصيام من الأعمال التي يُضاعَف أجرها بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وجعل أجره غير محصور؛ وعدَّه من الصبر، حيث قال الله سبحانه وتعالى في أجر الصبر: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب".