في 23 فبراير الماضي، شهدت سماء شبه الجزيرة الكورية مناورات ثنائية بين القوات الجوية الكورية الجنوبية والأمريكية، شارك فيها -لأول مرة- جيل جديد من مقاتلات الشبح، F-35A، بهدف تعزيز الردع ضد التهديدات الكورية الشمالية.
أيضًا، وفي الرابع من مارس الحالي، وبهدف ردع بيونج يانج عن القيام بأي هجوم عسكري مفاجئ ضد سول، انطلقت مناورات عسكرية، دورية، تحمل اسم فريدوم شيلد، Freedom Shield، كورية - أمريكية مشتركة، تستمر حتى 14 مارس. الهدف هو الاستعداد - لما أسمته سول- الدفاع عن شبه الجزيرة الكورية، ومواجهة سيناريوهات تعكس تهديدات أمنية، بما فيها هجمات نووية وصاروخية كورية شمالية، وتعزز المناورات -كذلك- مركز القيادة، والمحاكاة الحاسوبية، والتدريب الميداني، والاستفادة من الأصول البرية والبحرية والجوية والسيبرانية والفضائية.
تشارك في المناورة بريطانيا وأستراليا وكندا وفرنسا، بالإضافة إلى إمكانية مشاركة أصول إستراتيجية (نووية) أمريكية، مثل حاملة طائرات وقاذفة قنابل.
تتضمن التدريبات الميدانية للعام الحالي 48 جولة –أكثر من ضعف عدد جولات العام الماضي- وتشمل تتبع واعتراض صواريخ كروز الكورية الشمالية، وتدريبات جوية وتكتيكية بالذخيرة الحية، بالإضافة إلى تدريبات قتالية مشتركة جو-جو.
كوريا الشمالية أجرت منذ بدء العام، 2024، خمس دفعات من إطلاق صواريخ كروز، ولم تتوقف عن إصدار تهديدات باستخدام القوة العسكرية، والتحذير من إمكانية توجيه ضربة نووية استباقية، آخرها ما نسب إلى الزعيم كيم جونج أون، في أثناء تفقده يوم الأربعاء الماضي قاعدة عمليات عسكرية بمنطقة غربي البلاد.
الزعيم كيم جونج أون كان يرتدي سترة جلدية سوداء ويحمل بندقية، ويشرف بنفسه على تدريبات لإطلاق النار، ووفقًا لوكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، أصدر الزعيم الكوري الشمالي تعليمات للجيش بأن يدخل مرحلة جديدة من تكثيف الاستعدادات لتحسين قدراته القتالية، لاحتواء الأعداء "بقوة ساحقة"، والسيطرة على أي محاولة لإشعال الحرب، ووضع عاصمة الجنوب -سول- في نطاق ضرباته.
في وقت سابق، وصف زعيم كوريا الشمالية إطلاق صواريخ عابرة للقارات -تعمل بالوقود الصلب ويمكنها الوصول إلى كل الأراضي الأمريكية- بأنها تفسير واضح لأسلوب الرد الهجومي، وتطور الإستراتيجية النووية، وتفسر -أيضًا- عقيدة بيونج يانج بعدم التردد بشن هجوم نووي استباقي، عندما يستفزها العدو بأسلحة نووية.
نائبة وزير الخارجية الأمريكية لشئون الحد من الأسلحة والأمن الدولي، بوني جينكينز، أكدت -من جانبها- أن أي هجوم نووي من بيونج يانج ضد واشنطن وحلفائها سيكون أمرًا غير مقبول، محذرة من أن ذلك الهجوم سوف يؤدي حتمًا إلى انهيار النظام الحاكم بكوريا الشمالية.
وأضافت جينكينز -أيضًا- أن أي هجوم نووي كوري شمالي يستهدف كوريا الجنوبية سوف يُواجه برد فوري ساحق وحازم.
في السياق نفسه، وفي ضوء وصف بيونج يانج لجارتها سول بأنها العدو الرئيسي الثابت، أوقفت بيونج يانج اتفاقية تقييد النشاط العسكري على الحدود، وأعادت تسليح جنودها في المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين، وحذفت مقالات تحتوي على إشارات التوحيد السلمي، والوحدة الوطنية، وأزالت صورًا لشبه الجزيرة -تشير إلى التوحيد- من مواقعها الإلكترونية، بالإضافة إلى حذف ما يتعلق بمعلومات عن طوابع تذكارية، تشير بإيجابية لمؤتمرات قمة بين الكوريتين.
كما أمر الزعيم كيم بتفكيك النصب التذكاري للمبادئ الثلاثة لإعادة التوحيد الوطني التي أقرها جده، كيم إيل سونج، وقطع خط كيونج أوي للسكك الحديدية بين الكوريتين، الذي أعيد ربطه في عهد والده الزعيم السابق الراحل كيم جونج إيل.
أيضًا، ومنذ شهر أبريل الماضي ودون إبداء أسباب، لم ترد كوريا الشمالية على اتصالات سول، عبر خط الاتصال الثنائي، وكذلك عبر الخط العسكري الساخن.
على الجانب الآخر، صرح وزير التوحيد الوطني الكوري الجنوبي، كيم يونج -هو بأن الإجراءات التي اتخذها الزعيم كيم جونج أون لمحو الإنجازات التي حققها الزعيمان الكوريان الشماليان السابقان، كيم إيل سونج وكيم جونج إيل، قد يؤدي إلى حدوث ارتباك أيديولوجي بين فئة النخبة في بلاده.
وشدد وزير التوحيد الوطني الكوري على أن السلام في شبه الجزيرة الكورية لا يمكن الحفاظ عليه من خلال استرضاء كوريا الشمالية، مجددًا تأكيد سياسة سول الهادفة إلى السلام بالقوة.
في أول تعديل لصيغة توحيد المجتمع الوطني الكوري، المتبعة منذ عام 1994، تخطط حكومة الرئيس الكوري الجنوبي، يون صوك-يول، لصياغة رؤية جديدة للتوحيد قائمة على مبدأ "الديمقراطية الليبرالية للتمتع بالحرية والازدهار"، تمشيًا مع "مبادرة يون الجريئة في أغسطس 2022"، الهادفة لمساعدة الشطر الكوري الشمالي–الفقير- في تحسين اقتصاده، مقابل خطوات مطلوبة لنزع السلاح النووي.
في الوقت نفسه، أكدت وزارة التوحيد الكورية الجنوبية أنه: "ردًا على تحول سياسة كوريا الشمالية إلى موقف مناهض للقومية وللتاريخ، سيكون عام 2024 هو الوقت الأنسب لعرض رؤيتنا للوحدة وقيادة التغيير في الشمال".
قال الوزير كيم يونج-هو: "الحرية هنا تشير إلى أهمية حقوق الأفراد، وتعني تهيئة ظروف تمكن كل شخص كوري شمالي من العيش بحرية وبشكل جيد".
وفقًا لرؤية الشطر الجنوبي، تقوم صيغة توحيد المجتمع الوطني الكوري على 3 مبادئ هي: السعي إلى الاستقلال والسلام والديمقراطية، و3 مراحل، هي: السعي لتحقيق المصالحة والتعاون، وخلق كومنولث كوري، وتأسيس الدولة الموحدة، بالإضافة إلى نزع السلاح النووي، وتعزيز الحرية وحقوق الإنسان للشعب الكوري.
في التقرير الذي نشرته مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية بعنوان "الحرية في العالم عام 2024"، حصلت كوريا الشمالية على صفر من أصل 40 نقطة، فيما يتعلق بالحقوق السياسية، و3 نقاط -من أصل 60- فيما يتعلق بالحريات المدنية.
الدول الوحيدة التي جاءت خلف الشطر الشمالي بالمؤشر هي سوريا بنقطة واحدة، وجنوب السودان بنقطة واحدة، وتركمانستان بنقطتين، وحصلت إريتريا، على النقاط الثلاث –نفسها- التي حصلت عليها كوريا الشمالية، وفي المقابل، حصلت كوريا الجنوبية على 83 نقطة، وتم تصنيفها كدولة "حرة".
يمنح التقرير كل دولة درجة من 1 إلى 100 بناءً على مؤشرات مستمدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ثم يصنفها إلى ثلاث فئات: "حرة" و"حرة جزئيًا" و"غير حرة".
[email protected]