المرأة تحب في الرجل شهامته وتضحيته، وتحترم القيادة في الرجل، وتحتقر التابع الإمعة، وتٌسرف في عطائها كلما أحست بصدقه، وبه يسكن قلبها، وتفقد الأمان، وترتجف فرائصها حين يمعن رجلها في الكذب، وتشعر وقتها أنها وقعت في فخ خداعه.
وتبريق الرجل لعينيه وتوسيع حدقتيهما كلما تحدث حجة على ضعفه، ويظن باطلا أنه يرسم صورة الرجل الصارم بجحوظ عينيه، ويفتعل الكثير من أشباه الرجال هذا الجحوظ كأسلوب للتهديد وهز ثقة مناظريه، وبمرور وقت قليل يكتشفون زيف رجولته وجبن شخصيته، ومن جانب آخر المبالغة في التجمل واستعراض بطولات من ورق تعكس صورة شخص مهزوز.
وتٌنتزع صلاحية الرجولة ممن تسبب في قتل نيرة طالبة الطب البيطري بالعريش، ويزعم القاتل أنه رجل، بينما يحمل بين جنبيه عفونة الضباع، استغل ضعف ضحيته وبراءتها، وهتك عرضها، كذلك برغم شوارب ولحى الصهاينة قتلة الشعب الأعزل، ينظر إليهم أحرار العالم كمسخ من الرجال وأشكال باهتة من البشر.
وتتجلى أجل سمات الرجولة في نصرة المظلوم، والثبات على كلمة الحق، وينعت البعض من يغيث الملهوف بالرجل الشهم، والملهوف الذي سلبت منه أرضه، والذي تكاثرت عليه كلاب الأرض، والذي ينهش جسده الفقر والقهر.
وما القول في زوج استدرج زوجته لتستخرج له توكيلًا عامًا؟ ثم تمكن من تحويل كل أملاكها إليه، قولًا واحدًا لا ينطبق عليه سوى وصفه بالخسيس، ويقولون عنه واطي لا يصون أي حرمات، ولا يؤتمن على عود برسيم، وبماذا نعبر عن شخص استولى على ميراث أبناء شقيقه الأيتام؟ نجزم بأنه شخص القمامة والوحل يحتقرناه، ووسط مستنقع الانحلال فيجب من تمحيص الرجولة بين الناس، أفضل وسيلة قياس نسبة الوفاء في مواقفهم عبر مشوارهم في الحياة.
والأوائل الشرفاء كانوا يعضون على الرجولة بالنواجذ، ويحرصون على توارثها لأبنائهم، فلا تستهينوا أيها الآباء بغرس أخلاق الرجولة في نفوس أحبابكم، وكان لزامًا أن تؤتي ثمارها بفتيان كالأوتاد، توحد لحمة الأسرة، وتصون سلامة كيان المجتمع، وتمنحه الصمود أمام الأعداء، وتمد الرجولة من فترة مناعة المجتمع، فكلما ترهلت أخلاق الرجولة في بنيان المجتمع، صار لقمة سائغة لأعدائه.
وفي مدرسة غزة تبزغ مشاهد أطفال غزة وهم يكتبون أسماءهم على أجسادهم، ينتظرون لقاء الشهادة في أي وقت بقلوب آمنة مطمئنة، إنها بحق صور أبكت الرجال ليالي طوال، ويأخذ الألباب مِشهد آخر طفل ينزف، والطبيب يطلب منه الثبات ليخيط جرحه بدون بنج، فيقرأ القرآن الكريم، وظل يتلوه حتى فرغ الطبيب من المخيط.
[email protected]