5-3-2024 | 18:04

تتسارع الأمور في منطقة الشرق الأوسط، لما بعد حرب غزة، نتنياهو يرتب الدنيا على مزاجه، بنفس العقلية القديمة التي عفا عليها الزمن، فهو الديكتاتور الذي يحكم دولة، أطلق عليها «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»، ومعه زمرة من المتطرفين الذين قتلوا إسحاق رابين.

اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل منذ الأربعينيات في القرن الماضي، وجدوا أنفسهم فريسة التخويف من هذه المجموعة المتطرفة، التي تكره نفسها، وتتصور أنها الوحيدة التي تمتلك إسرائيل، حاولوا أن يغيروا القوانين التي حكمت هذه الدولة منذ قيامها، واعتقدوا أنهم فشلوا، استغلوا حادث 7 أكتوبر 2023، وشنوا حربًا على المدنيين في قطاع غزة.

الحدث الذي شكل نقطة جوهرية في مستقبل هذه الدولة منذ نشأتها حتى الآن، ترتيبات نتنياهو وحكومته المتطرفة، تتصور أنه الحاكم الوحيد الذي يتحكم في إسرائيل، أي أنه «الملك»، إسرائيل في حالة خوف من المستقبل، ويتزايد الخوف يوميًا، في اتجاهات مختلفة، جنون الانتقام مصحوب بجنون الفشل، ومتزامن مع حالة من الهيستريا لدى الحكام أو الفاعلين في إسرائيل حتى الآن، رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير دفاعه وزمرة المتطرفين بن غفير وسموتريش، حتى الجناح المعارض في مجلس الحرب وغيرهم، بل ظهر أخيرًا رئيس الوزراء الأسبق (باراك)، إسرائيل المرتبكة، وتوحي لرئيس الوزراء نتنياهو أنها ترقص على أنغامه خوفًا من المستقبل، بينما الدنيا تتربص بهذا الفريق وسوف تأكله، وسوف يكون الانتقام منه بحجم الجرم الذي ارتكبه في الشرق الأوسط، وتحديدًا لأطفال غزة، ونسائها والمدنيين، ركام المدينة (غزة)، سوف ينافس في مخيلة الإسرائيليين حادث 7 أكتوبر.

نتنياهو سيدفع الثمن، مستقبل المنطقة وغزة ما بعد الحرب، التي يرتبها على مزاجه، لن تكون كما يتصور؛ لأن العالم تغير، كانت صورة الجندي أرون بوشنل 30 ثانية، أمام سفارة إسرائيل في واشنطن ممسكة بخناق كل الإسرائيليين لن تمحوها ترتيبات نتنياهو، أو حرب غزة، التي دخلت شهرها الخامس، بلا توقف أو المستشفيات والأطفال، الذين احترقوا في غزة.

كانت صورة الجندي الأمريكي، ممسكًا بقارورة تحوي سائلاً ما، وسجل الفيديو بنفسه قائلا: أنا عنصر من سلاح الجو الأمريكي، ولن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية، سأنخرط في فعل متطرف للتظاهر، لكن مقارنة بما يمر به الناس في فلسطين على يد المستعمر، فهو ليس عملا متطرفًا على الإطلاق، هذا ما قررت طبقتنا الحاكمة أنه طبيعي.

وعندما وصل إلى بوابة السفارة الإسرائيلية، وضع الكاميرا مقابله على الأرض، وارتدى قبعته لتصبح بذلته العسكرية الأمريكية مكتملة، ثم سكب ما يوجد في القارورة على نفسه، ليتضح أنه نوع من المواد المشتعلة، وأضرم النار بجسده وصرخ «فلسطين حرة».

استمر صراخه لتحرير فلسطين نحو دقيقة، وهو يذوب واقفًا على قدميه، قبل أن يهوي أرضًا ويطفئ نيرانه أفراد من الخدمة السرية، ونقل إلى المستشفى في حالة خطيرة ليفارق الحياة، في وقت لاحق، حادث أرون بوشنل غير عادي، هذا الجندي أقوى من نتنياهو وحكومته، بل أقوى من بايدن وحزبه، وأقوى من ترامب وحزبه، هذا الجندي البطل، هو أطفال غزة ونساؤها، وضعفاء فلسطين، الذين كتبوا سجلًا جديدًا لمنطقة الشرق الأوسط، هؤلاء سوف يهزمون جيش الدفاع الإسرائيلي، وسوف يوقفون كل ترتيبات نتنياهو لما بعد غزة، أو حرب الإبادة، التي نظرت أمام المحكمة الدولية، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله.

تحية لأطفال غزة، وللمهندس الجندي الأمريكي في سلاح الجو - عمره 25 عامًا، ينتمي إلى الجيل Z - الذي نزل إلى شوارع الغرب منذ أكتوبر الماضي، ضد حرب الإبادة والتطهير العرقي الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة.

لم يكن هذا الجندي البطل الشجاع هو الأول، لكننا نتذكر الناشطة الأمريكية راشيل كوري، التي قتلها جيش الاحتلال عام 2003، عبر دهسها بجرافة عسكرية إسرائيلية أثناء محاولتها منع هدم منزل فلسطيني في رفح.

الموساد الإسرائيلي، سخر من قتل الجندي الأمريكي نفسه، بقوله إن أعداءنا يقتلون أنفسهم، ثم عاد ومحا هذه التغريدة؛ لأن هذا الجندي سوف يعيش بعدهم، هذا الجندي هو الذي سيرتب الأوضاع لما بعد الحرب في غزة، وفي الشرق الأوسط كله، تصاعد الغضب وتفاجأ الأمريكيون والإسرائيليون بردود الفعل التي لا تزال تتواصل ولن تتوقف، ولا تزال ردود الفعل، تتوالى، وكان لافتًا للنظر أن الأمريكيين يتدفقون للدفاع عن حقوقهم، فقد رأوا في «بوشنل» بطلاً استطاع من خلال ما حدث أن يعيد التذكير بما يحدث مع الشعب الفلسطيني، منذ قرن من الزمان، إن السؤال من يرتب إسرائيل لما بعد الحرب، بوشنل أم نتنياهو وزمرته، هذا الجندي وأطفال غزة، هم بريق العالم، هم أمل الحياة، هم أمل قيام نظام عالمي جديد قائم على احترام الإنسان، أعتقد أن فلسطين بلا جيش أقوى من إسرائيل، وأمريكا وجيوشها والناتو جميعًا.

صيحة الجندي الأمريكي «فلسطين حرة لن تسقط»، بل ستحيا الدنيا بها ومعها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة