نستقبل بعد أيام شهر رمضان المبارك الذي يتسلسل فيه الشياطين التي يعتقد البعض أنها سبب ما يرتكبه الإنسان من معاصي وذنوب! فالبعض منّا يلقي اللوم دومًا على الشيطان ولا يعلم بأن الشيطان من الممكن أن يغري الإنسان ولكن لا يُجبره! كما أن الله سبحانه وتعالى قال: "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً"، فإذا كان الشيطان يغري الإنسان ويوسوس له على ارتكاب الفواحش أو المعاصي فهو بالتأكيد لا يفعل ذلك مع الكل، أو بمعنى أدق لا يفلح مع كل الناس، فهو ينجح مع البعض منهم وهؤلاء هم من لديهم استعداد وأيضًا ليس لديهم مبادئ أو تحصين من الوقوع في ذلك، لذا قيل لا يصغي للباطل إلا من كفر بالآخرة، لا يتأثر بالباطل إلا من أراد الدنيا فقط، لا يقتنع بالنظريات الهدامة إلا من أراد الشهوة، المؤمن لا يتأثر، المؤمن مُحصِن لا يتأثر بالباطل!
فعندما يشعر الإنسان بالضعف، ويشعر أنه ارتكب ذنوبًا يقول الشيطان السبب! حتى يستريح فيبدأ بإلقاء اللوم على الشيطان، ولكن حدّثنا القرآن عن ذلك فعندما خاطب الشيطان الله: "فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ"، إذن الشيطان ليس له سلطان على الناس والدليل على ذلك قوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ"، والبعض لا يعلم أن الشيطان ليس فقط من الجن، بل القرآن تحدث أيضًا عن شياطين الإنس وتأثيرهم أقوى من شياطين الجن! "الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ"، فالشيطان ليس له سلطان كل ما في الأمر إنه دعى الإنسان إلى المعاصي وارتكاب الذنوب، فالنفس الضعيفة ستنساق إليه والنفس المطمئنة لا تستجيب، فقد دعا الشيطان الناس، البعض لبى الدعوة وآخرون لم يستجيبوا له وهم المخلصون، فلا تلوموا الشيطان بل لوموا أنفسكم، أما شياطين الإنس فما أكثرهم وتأثيرهم أقوى من شيطان الجن، فنراها، ونسمعها، وتتلون، وتتخابث بالكلام، وتتصور في أكثر من صورة، تنافق، تكذب، نتحدث معها، تُقيم الحجج الواهية الضعيفة، فالنفوس الضعيفة تستجيب إليها والنفوس القوية تنفرّ منها.
فقد نرى أصحابًا مع بعضهم وأحدهم يدعو البعض لارتكاب معصية أيا كان نوعها، ثم نجد من يستجيب له وآخرين لا يستجيبون فهؤلاء هم شياطين الإنس، وبرغم وجود شياطين الإنس إلا أنه لا يوجد إنسان يضر إنسانًا، فكل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، وكل عام والأمة الإسلامية بخير.