حينما تكون القيادة السياسية على قدر كبير من الوعي بأحلام المواطن وآلامه وأوجاعه، فإن ذلك تحرك حثيث صوب هذا الاتجاه الذي يُعبِّد الطريق ولو كان شاقًا، يُعبده أمام تلك الأحلام، ويزيل نتوءاته وأشواكه، فيتخفف الكاهل المثقل من أحماله، ويحدوه الأمل من جديد في حياةٍ عامرةٍ بالسلام والطمأنينة.
ولعلها الرسالة التي لا تخلف موعدها، رسالة الحب والطمأنة لذوي القدرات والهمم، "القادرين باختلاف"، الذين أصبحوا على يقين تام، بأن معاناتهم في عقودٍ سابقة من التهميش والإقصاء، تبدلت إلى واقعٍ مغاير تمامًا، صار فيه الحلم واقعًا ملموسًا وحقيقة يحتضنونها، منذ ذلك اليوم الموعود الذي وضعتهم الدولة قيادة وحكومة في مستوى مرمى النظر ونصب أعينها، تمامًا، إذ أن مكانتهم كبيرة في النفوس، والثقة في طاقاتهم وقدراتهم بلا حدود، وقد استطاعوا بالعزيمة أن يكونوا إضافة واضحة في مجالات الحياة الحيوية والضرورية والمختلفة، وعلى مستوى العلم والعمل والرياضة والفنون والآداب وغيرها، يحققون النجاحات تلو النجاحات، متمسكين بشعلة الأمل التي مُنحت بالحكمة والثقة والمحبة لوجودهم، وليبقى هذا الأمل نابضًا ومتجددًا وهم يشهدون احتفالية "قادرون باختلاف" في نسختها الخامسة، والتي كان الرئيس الأب الوفي على الوعد معها حاضرًا ومحتضنًا ومشجعًا ومهنئًا وداعمًا، ومعربًا عن شعوره الدائم بالفخر لاستمرار هذا المحفل واللقاء السنوي الذي صار تقليدًا وعلامة مؤكدة في التزام برعاية جميع أبنائها وإتاحة جميع الفرص أمامهم ليتقدموا ويواصلوا المسيرة المزدهرة، فهم جزء أصيل وبارز ومهم من تلك الثروة العظيمة لمصر المتمثلة في مواردها البشرية الفاعلة والمؤثرة والمنتجة، والحريصة دومًا على تحقيق العلامات الكاملة في محافل التنافس والتقدم والازدهار، ليثبتوا بجدارة أصالة المعدن المصري وقدرته الفائقة على تحدي الصعاب، وخلق الفرص والقبض عليها بيدٍ من عزيمة وإصرار وسط التحديات، فيجنون ونحن معهم المنحة من قلب المحنة، وقد أُحيطوا ببؤرة الاهتمام والعمل المستمر على أسباب دمجهم فى المجتمع بالصورة الطبيعية، وقد تكاتفت مؤسسات الدولة على تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي بالتوسع في مظلة الحماية الاجتماعية لذوى الهمم، وتوفير جميع السبل للحصول على جميع حقوقهم، حتى اعتدنا أن نشهد هذا العرس والمحفل الكبير، وأبطاله تملأ وجوههم وجباهم بهجة النصر والفخر والامتنان لكل مسعى نبيل وصادق نحو تمكينهم، وقد وجه القائد الأب القريب من همومهم باستمرار الحكومة في العمل على برامجها لدعمهم والبناء على النجاحات، التي تحققت خلال الأعوام السابقة وأهمها وأبرزها زيادة المنشآت المخصصة لخدمات ذوي الهمم، ومواصلة إصدار بطاقات الخدمات المتكاملة، والدعم النقدي واستمرار إجراءات توظيفهم في الجهات الحكومية، بما في ذلك الوظائف القيادية، فضلًا عن صدور القانون الخاص بدعم صندوق "قادرون باختلاف"، ليكون هذا اللقاء بين الأب وأبنائه بمثابة تأكيد وتجديد للعهد الذى بدأ قبل ستة أعوام، بإقرار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، الذي يُعد من أوائل الخطوات التشريعية الصادرة وقتها، وبعدها إعلانه عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة، ثم جاءت أول احتفاليات "قادرون باختلاف" عام 2019، وبقي عادةً وعيدًا سنويًا وطقسًا يتحدى التحديات، ويضيف جديدًا في ميزان ذوي الهمم وقد أعلن الرئيس خلال الاحتفالية عن تخصيص 10 مليارات جنيه لصالح صندوق "قادرون باختلاف"، بالتزامن مع تلك الخطوة الفارقة المتمثلة في اتفاقية مشروع تنمية "رأس الحكمة"، مؤكدًا بالدليل الحاضر كيف أن مصر بكل مكوناتها تواجه عالمًا مليئًا بالتحديات الجمة والأزمات الصعبة التي تفرض أوضاعًا تحتاج إلى التمسك بالصبر والجلد والتضحية، وتحتاج في المقام الأول الوحدة والتعاضد، وجميعها قيم تُستلهم من أبنائنا من ذوي الهمم، وقدرتهم التي نفخر بها في تحمل الصعاب والنجاح رغم كل المعوقات.
ولأن فلسطين الشقيقة بأبنائها الأشقاء والكرام، كانت ولم تزل وستبقى في قلب أبناء الأمة المصرية، كان لافتًا ومؤثرًا الحضور الفلسطيني بالاحتفالية وعرض الفيلم التسجيلي عن أحداث غزة، لدعم ومساندة الأبطال من ذوي القدرات، بعد كل هذا القصف والدمار الذي شهده القطاع المنكوب، على يد جيش الكيان المحتل الغاصب وأسفر عن استشهاد مئات الآلاف من الأطفال، وجاء حديث الفلسطينيين الذين استقبلتهم مستشفيات مصرية لعلاجهم دالا وممتنًا وشاعرًا بهذا التآخي والاحتواء الكبير، ومنه الحديث الشجي للطفل الفلسطينى عبدالله، وهو واحد من الأطفال الذين يتلقون العلاج في مصر بعد إصابتهم في الحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال ولا يزال على غزة، راويًا كيف شاهد الدماء والأشلاء تتناثر، وإخوته يستشهدون، ووصية الأطباء ببتر قدمه، وفي لفتة أبوية ملهمة احتضنه الرئيس بعد أن قال له:
"أهلا بك يا عبدالله، وحمدا لله على سلامتك وسلامة كل اللي اتصاب وأنت لسة صغير والدنيا لسة قدامك وهتشوف كتير حلو إن شاء الله"، ولتبقى "قادرون باختلاف" صورة طيبة من هذا "الحلو"، ودائمًا على الوعد مع الأبطال القادرين باختلاف.