مصائب حرب أوكرانيا عند الكوريين فوائد

3-3-2024 | 10:13

المقصود بكوريا هنا ليس -فقط- الشطر الشمالي، حيث كشفت تقارير عن أحجام هائلة من صادرات السلاح، تلقتها موسكو من بيونج يانج، لدعم روسيا في حرب الاستنزاف بأوكرانيا، فيما ترددت تكهنات -أيضًا- بدخول الشطر الجنوبي السباق.

صادرات السلاح الكورية الشمالية –الهائلة- لروسيا كشف عنها وزير دفاع الشطر الجنوبي، شين وان-شيك، بقوله: "إن بيونج يانج تقوم –حاليًا- بتشغيل مصانعها العسكرية بكامل طاقتها لإنتاج الأسلحة التي تصدرها لموسكو، مقابل تزويدها بالغذاء وبالضروريات الأخرى، كالمواد الخام والأجزاء المستخدمة في صناعة الأسلحة، بما يمثل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن، التي تحظر مثل هذه التجارة".

في مؤتمر صحفي عقده يوم الإثنين الماضي، قال الوزير شين: "بينما تعمل مصانع أسلحة في كوريا الشمالية بنسبة 30% من طاقتها، بسبب نقص المواد الخام والطاقة، تعمل مصانع أخرى بكامل طاقتها، وتنتج في المقام الأول أسلحة وقذائف لروسيا، فيما تواجه كييف نقصًا حادًا في الذخائر بسبب تأخر المساعدات الغربية". 

وأضاف: "من المقدر أن كوريا الشمالية شحنت حوالي 6700 حاوية لروسيا، منذ القمة بين الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج-أون، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في شهر سبتمبر الماضي، موضحًا أن الكمية تكفي لاستيعاب حوالي 3 ملايين طلقة من عيار 152 ملم، أو 500 ألف قذيفة مدفعية من عيار 122 ملم".

في الوقت نفسه، نشر موقع "بيوند ديفيجن" المتخصص في شئون كوريا الشمالية، التابع لمركز الدراسات الإستراتيجية الدولية الأمريكي، أنه تم التأكد من مشاهد الشحنات التجارية بين بيونج يانج وموسكو، في ميناء "نا جين" الكوري الشمالي على مدار 49 يومًا، من أصل 109 أيام، في الفترة من أغسطس، وحتى أوائل شهر فبراير، الماضيين. 

أوضح تقرير "بيوند ديفجين" أن السفن دخلت ميناء "مدينة نا جين" الكوري الشمالي 25 مرة على الأقل خلال تلك الفترة، لنقل الإمدادات العسكرية إلى روسيا، وتم رصد آخر مرة منها يوم 12 فبراير الماضي.

بالنسبة لميناء "دوناي" الروسي -الذي حددته واشنطن كميناء لعبور الإمدادات العسكرية الكورية الشمالية لروسيا- ذكر التقرير أن حركة السفن، ذات الصلة، توقفت –فعليا- منذ نهاية شهر ديسمبر الماضي، مؤكدًا أن هناك احتمالًا بالتغيير من ميناء "دوناي" إلى "فوستوشني" التجاري، الذي يقع على بعد 60 كيلومترًا إلى الشرق، وذلك لتجنب المراقبة، وقد تم توزيع وتخزين الذخائر الكورية الشمالية في مستودعات الأسلحة بمنطقتي "تيخوريتسكوموزدوك"، و"إيجورليكسكايا".

مزاعم قيام كوريا الشمالية بتزويد روسيا بالأسلحة والمعدات والذخائر في حربها بأوكرانيا، انتهاك لعقوبات الأمم المتحدة -طويلة الأمد- الناتجة عن تطوير بيونج يانج برامجها النووية والصاروخية، يجري توظيف عائداتها لتصبح طوق نجاة لها في مواجهة نقص مزمن في الغذاء، وانكماش اقتصادي للسنة الثالثة على التوالي.

مراقبو عقوبات الأمم المتحدة يشتبهون -كذلك- بأن كوريا الشمالية تمول تطوير برامجها النووية والصاروخية بأموال تتحقق من هجمات سيبرانية -بلغت نحو 3 مليارات دولار- نفذتها شركات للعملات المشفرة، تابعة لمكتب استطلاع شمالي.

فيما نددت واشنطن وشركاؤها بصفقات الأسلحة المزعومة بين كوريا الشمالية وروسيا، انتهاكًا لعقوبات الأمم المتحدة المفروضة على بيونج يانج، ترددت مزاعم قوية بأن الشطر الجنوبي يقوم -هو الآخر- بتزويد أوكرانيا بالأسلحة القتالية.

 تزامن ترديد هذه التكهنات مع قيام قائد حلف الناتو، كريستوفر كافولي، بإجراء محادثات -للمرة الأولى- بسول، في وقت يتركز فيه الانتباه على قدرات كوريا الجنوبية في إنتاج المدفعية وأنظمة الدفاع الجوي، وهو ما ترغب أوكرانيا في تزويدها بها، في ظل شح الذخيرة لدى قواتها، نتيجة لتوقف المساعدات الغربية.  

النائب الأول لمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون أوروبا وأوراسيا، يوري كيم، نسب إليه قوله بأن: "الولايات المتحدة رأت أن كوريا الجنوبية تقدم لأوكرانيا ليس –فقط- دعمًا سياسيًا، لكنها تقدم –بالفعل أيضًا- دعمًا دفاعيًا، وأن واشنطن ترغب في رؤية وصول المزيد من قذائف المدفعية، من عيار 155 ملم لأوكرانيا".

وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن كمية قذائف المدفعية التي قدمتها سول لكييف عبر واشنطن في ديسمبر، كانت أكثر مما قدمته جميع الدول الأوروبية.

ردًا على سؤال عما إذا كانت واشنطن تريد من سول تقديم قذائف المدفعية لكييف، رفضت المتحدثة الأمريكية، كارين جان بيير، التعليق على القرارات العسكرية لكوريا الجنوبية، وقالت: "إنه قرار ينبغي أن تتخذه سول، وأن الولايات المتحدة ممتنة لدعم سول لأوكرانيا، التي تواصل –ما وصفته- التصدي للعدوان الروسي".

سول تستهدف بلوغ نسبة 5% من سوق صادرات الأسلحة العالمية، بحلول عام 2027، وقد بلغت قيمة صادراتها –بالفعل- نحو 14 مليار دولار في العام الماضي، 2023، مع زيادة عدد المستوردين، ثلاث مرات إلى 12 مستوردًا، وتضاعف أنواع أنظمة الأسلحة إلى 12 نوعًا بفضل الطلب المتزايد على الأسلحة الكورية الجنوبية.

في عام 2022، ولتعزيز دفاعاتها وسط الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقعت بولندا -على سبيل المثال وليس الحصر- صفقات بقيمة 13 مليار دولار مع الشركات الكورية الجنوبية، لشراء دبابات K-2، ومدافع هاوتزر ذاتية الدفع K-9، وطائرات هجومية خفيفة FA-50، وقاذفات صواريخ متعددة K-239 تشومر.

تسارع التحالف العسكري والإستراتيجي بين كوريا الشمالية وروسيا ظهر جليًا في القمة التي جمعت بين زعيمي البلدين بقاعدة "فوستوشني" الروسية أواخر شهر سبتمبر الماضي. وقتها، قال الزعيم كيم: "إن روسيا تخوض معركة مقدسة ضد الغرب، وأن بيونج يانج ستقاتل مع موسكو ضد الإمبريالية، وأن العلاقات الثنائية تحظى بالأولوية القصوى، وأنه يدعم كل القرارات الروسية".

 في الوقت نفسه، أعرب الرئيس بوتين عن اعتقاده بوجود إمكانية للتعاون العسكري والتقني بين موسكو وبيونج يانج، وذلك في نطاق العقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة.

هذا التحالف العسكري والإستراتيجي- بين بيونج يانج وموسكو- أثار مخاوف الولايات المتحدة وحليفتيها، سول وطوكيو، خشية أن يتسع لنقل التكنولوجيا الروسية المتعلقة بأقمار التجسس الاصطناعية، والطائرات، والمعدات الأرضية.

مقابل التحالف الكوري الشمالي-الروسي، عززت كوريا الجنوبية مجالات الشراكة مع حلف الناتو، واتفق الجانبان على توثيق التعاون فيما بينهما "من خلال التنفيذ المخلص لبرنامج الشراكة المصمم بشكل فردي-ITPP-" ويتضمن 11 مجالا، أهمها: مكافحة الإرهاب وعدم الانتشار والتكنولوجيا الناشئة والدفاع السيبراني.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: