إبادة غزة بين "آيس كريم" بايدن ونيران آرون بوشنل

2-3-2024 | 12:59

مصطحبًا معه ممثلًا كوميديًا؛ تناول الرئيس الأمريكي بايدن "الآيس كريم" في سوبر ماركت بعد يوم من إشعال مواطنه الأمريكي والجندي في جيشه آرون بوشنل لنفسه أمام السفارة الصهيونية في ولاية تكساس بأمريكا..
 
كان بايدن مبتسمًا؛ وكيف لا يبتسم وهو الصهيوني، كما أعلن سابقًا باعتزازه بصهيونيته؟ كيف لا يبتسم وعدد شهداء غزة تجاوز الـ30 ألفًا والجرحى أضعاف ذلك، وغالبيتهم من الأطفال والنساء، والبيوت تتهدم فوق رؤوس أهل غزة ليلًا ونهارًا، ودمر الصهاينة مع الأمريكان 80% من بيوت غزة والجامعات والمدارس وبالطبع المساجد؛ بحثًا عن صورة نصر وترويعًا للغزاويين وضغطًا "آثمًا" ووحشيًا على المقاومة لتمنح الصهاينة الاستسلام بعد عجزهم على "الاقتراب" من أي نصر باعتراف قادتهم العسكريين قبل السياسيين..

تأخرت إدارة بايدن في إصدار بيان عن إشعال آرون النار في نفسه؛ أملًا في تجاوزه ما استطاعوا، وتجاهله الإعلام الأمريكي كثيرًا، ومارس التعتيم الإعلامي؛ ربما لأنه تلقى صفعة من آرون فهو "يجسد" خيبة وفشل هذا الإعلام في إيصال رسالته "المشبوهة" بشيطنة المقاومة الفلسطينية وجعلها في صورة المعتدي المتوحش، وتصوير الكيان الصهيوني "كمدافع" عن نفسه. 

ثم "أضطر" الإعلام الأمريكي للحديث عنه "قليلًا" بعد "التعاطف" معه في وسائل التواصل الاجتماعي في أمريكا والعالم؛ وكيف لا يتعاطف العالم بأسره مع شاب في الخامسة والعشرين من عمره، ويعمل بالجيش الأمريكي؛ حيث المستقبل المضمون والمركز المرموق، ولديه "كل" ما يمنحه حاضرًا رائعًا ومستقبلًا أجمل؛ لكنه "اختار" التضحية بكل ذلك، وتحمل بإرادته التامة أبشع أسلوب للموت؛ لأن "إنسانيته" كرهت وبغضت "واشمأزت"واختنقت من تواطؤ بلده وجيشه مع الصهاينة في إبادة غزة، وتأكد أن جنود بلده يقاتلون مع الصهاينة في غزة، فضلًا عن الدعم المادي والسياسي وإمدادهم بالأسلحة، ومحاولات "ترهيب" كل من يساعدهم في لبنان واليمن والعراق، ومنع وقف إطلاق النار بالفيتو.. و..و..و.

جرب بايدن "وجع" فقدان الابن؛ فمات ابنه الأكبر في عام 2015 متأثرًا بمرض السرطان، وتحدث منذ أشهر عن معاناة ابنه مع الدواء قبل موته؛ ولكنه "لم" يفكر، ولو لثانية، في معاناة مرضى السرطان في غزة، ومنع "حلفائه" الصهاينة الدواء عنهم ولإخراجهم رغمًا عنهم من المستشفيات؛ ليموتوا ببطء خارجها؛ ولا منع الصهاينة الدواء أيضًا عن مرضى السرطان من الأسرى، واختلط عليه الأمر مرة وقال إن ابنه مات في حرب العراق الذي "حارب" فيها؛ والحقيقة أنه مات بعد عودته منها بسنوات..

لم "ولن" يتأثر بايدن وأمثاله من حكام غالبية الغرب بوفاة آرون، ولا بشهداء غزة وفلسطين، كما لم يشكل قتل الصهاينة للأمريكية راشيل كوري "أي" أهمية لديهم..

وقفت راشيل أمام جرافات جيش الصهاينة؛ لتحاول منعهم من هدم بيوت في غزة في الانتفاضة الثانية عام 2003 والتنكيل بالفلسطينيين "وتوهمت" أنها ستردعهم فقاموا بسحقها تحت الجرافات..

كما سبق آرون في إشعال النار بنفسه احتجاجًا على اشتراك أمريكا في إبادة غزة مواطن أمريكي في ديسمبر في العام الماضي في ولاية أتلانتا الأمريكية؛ حيث أشعل النار في نفسه أمام قنصلية الصهاينة، ولم يتحرك أحد.

ولكن إشعال آرون النار في نفسه يعتبر أمرًا غير مسبوق؛ لأنه من الجيش الأمريكي، كما أنه ظل يردد بعد اشتعال جسده فلسطين حرة حتى لم يستطع الكلام؛ لم يقل أنقذوني، لم يصرخ من الألم؛ كان هاجسه "الوحيد" المسيطر عليه، رغم شدة الألم بالطبع، هو إيصال رسالته للعالم أجمع؛ فأي قلب جميل كان يحمله، وأي نبل واحترام "للإنسان" كان يتنفسه، مشى آرون بهدوء للسفارة الصهيونية، وقام بالبث على الهواء وسار مرتديًا زيه العسكري، كان يتكلم بهدوء وذكر اسمه وعمله وقال: "لن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية، أنا على وشك الانخراط في عمل احتجاجي شديد، ولكنها لا تقارن بما شهده الناس في فلسطين على أيدي مستعمريهم على الإطلاق؛ هذا ما قررت طبقتنا الحاكمة أنه أمر طبيعي، وماذا أفعل عندما ترتكب بلدي إبادة جماعية؟! سأفعل ذلك"، ثم صب مادة سريعة الاشتعال على رأسه وأشعل النار في نفسه، وبينما كانت النار تجهز عليه كان يهتف فلسطين حرة، وظل يكررها كثيرًا حتى انهار من وطأة النيران..

اللافت للنظر توجه شرطي أمام السفارة الصهيونية نحو آرون وهو يحترق "مشهرًا" مسدسه؛ مما يتحدى كل منطق ولا ندري هل يخاف "حراس" الصهاينة حتى من إنسان يحترق.

كما عارض آرون أيضًا احتلال الجيش الأمريكي لكل من العراق وأفغانستان، وفي نفس الموقع تجمع بعد وفاته مئات من الأشخاص، وعدد من الجنود تضامنوا معه وانتقدوا تعامل إدارة بايدن مع الحادثة، وتجمع ضباط سابقون في الجيش الأمريكي وحرقوا ملابسهم العسكرية وقالوا: "آرون ليس وحده تذكروه دائمًا".

أوصى آرون بالتبرع بمدخراته لأطفال فلسطين، وتركها لجمعية خيرية كان يتعامل معها، كان يرى الفلسطينيين "من" الناس وليسوا أرقامًا أو أشياء أو حيوانات أو صراصير كما قال الصهاينة..

أما بايدن؛ فيبدو أنه "يتنفس" مقولة الحاخام اليهودي عوفاديا يوسف: العرب أولاد أفاعي، والله ندم لأنه خلقهم وبالتالي يجب قتلهم".

أصدر البيت الأبيض بيانًا عن موت ابن بايدن قائلًا: "الكلمات لا تستطيع وصف الحزن وستعيش روحه في كل منا"، وقال بايدن عن ابنه: "كان أفضل رجل عرفه أي منا على الإطلاق"؛ ولكن في الحقيقة يصدق هذا الحزن وهذا الوصف "فقط" على آرون بوشنل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: