كونوا أنفسكم وحسب

27-2-2024 | 14:48

ستدفع الثمن يومًا لمجرد اختلافك عنهم، ستسدد كل ضرائبهم لتبرر غيابك الناتج عن عمق تفكيرك الذي حولك في أعينهم لمخلوق غريب، ستتحدث حديثًا غير حديثهم، ستسبح مرارًا خلف طرف خيطك الرفيع محاولًا التشبث به للنجاة منهم، ولأنك لا تعترف بالمستوى العادي، السطحي أو المألوف، سترهقك للغاية ضحالتهم وضآلتهم، سيزعجك ضيق أفقهم، هؤلاء الصغار الذين ملأوا الفضاء ضجيجًا وعبثًا، الذين سعوا بكل طاقتهم للتأثير فيك بحسب إرادتهم، هؤلاء الذين برعوا في أحاديثهم الجوفاء التي تشبههم.

عالمك المغاير سيؤلمهم، فكرك العميق سيؤذيهم، سطحيتهم الممتلئة غرورًا ستسحقهم، سيحدث هذا عما قريب، ثق في وجهتك التي خططت لها من قبل، انزع عن عينيك ضبابهم الكثيف، ضباب سخافتهم وخفة عقولهم، تلك العقول التي حولتهم من بشر إلى دمى يدفع بها التيار فيضعها حيثما شاء ويصنفها كما أراد، لاتبق على أحد يريد جذبك نحو الخلف مرة أخرى احذر شتات نفسك؛ فالأمر مخيف. 

أراك قد مللت هذا الحديث الذي يدور بداخلك ويصر على وضعك في عمق دوامة التفكير التي تؤرقك دومًا، أستمع إلى كل أسئلتك التي تتكرر في أعماقك باحثة عن علامة مضيئة في نهاية الطريق، كن نفسك وحسب، ضع يدك في يد من يشبهونك وأطح بكل هذا الكم الذي يفيض من حولك دون فائدة، تتبع هذا المنهاج معي، منهاج الأقوياء الذي يحمي، الذي يشير ويلهم، أراه الآن يمرر إليك مقترحًا بالوحدة التي استأنسها وأنس بها غيرك من قبل، اقبلها دون تردد فالوحدة هاهنا لم تعد تخيف.

أراك مع كل تجربة جديدة تتعرض لها تغادر مسرعًا ولاتعقب، أجدك تتوقف أمام أبسط التفاصيل، تضع البدائل وتفرض الفروض، تبحث لاهثًا عن جميع الحلول، تستجدي النتائج لكي تسمح لك بالإبقاء عليهم ولو بالقدر القليل، فيأتي حكمها القاطع العاجل بضرورة الابتعاد الفوري عنهم، بضرورة التحرر التام منهم، دون نقاش دون جدال أو تأجيل. 

كتب علينا أن نلتقي الغرباء عنا في كل طريق، فرض علينا أن نصارع الأفكار، نستمع ونصدق، أم ننكر ونكذب؟ حالة من حالات المد والجزر تبسط قوانينها علينا، تمر بين اللحظة والأخرى وهى ترتدي في كل مرة قناعها الجديد، تعتلي مسرحنا، تؤدي دورنا، تكاد تقنعنا ونحن لسنا بالمخيرين، دعونا ننجو بأنفسنا من هذا الشتات القادم والآتي مع كل مستحدث غريب، تعالوا نبقي على حاضر جمعنا وعلى مستقبل قريب نكون فيه أنفسنا أو لا نكون.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة