تُعد قضايا الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي من أهم التحديات التي تواجهها الدولة المصرية، لذلك كانت من أبرز المحاور على طاولة المحور الاقتصادي التي فرضت نفسها في ظل التحديات التي بدأت منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 مرورًا بجائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتهما في تعطل سلاسل الإمداد وانخفاض جانب العرض وزيادة الطلب مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء ليس في مصر فقط؛ بل في جميع دول العالم.
موضوعات مقترحة
وبهذا الصدد، يقول الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي، لـ"بوابة الأهرام": من أهم المحاور التي يجب الالتفات إليها خلال الحوار الاقتصادي، هي إيجاد حلول جذرية لأهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي والأمن الغذائي خاصة في ظل ما تواجهه من تحديات مختلفة والتي تعوق طريقها في تحقيق استقرار مستدام في ملف الغذاء.
وتابع: لذا يجب الاستمرار في جهود المراكز البحثية خاصة مركز البحوث الزراعية أكبر صرح علمي زراعي تطبيقي في الشرق الأوسط للعمل على زيادة الإنتاجية، من كافة المحاصيل الإستراتيجية وذلك لتحقيق درجة أعلى من الأمن الغذائي، كذلك العمل على إدخال المحاصيل البقولية خاصة محصولي الفول والعدس وهما من المكونات الرئيسية للأطعمة الشعبية للمصريين في منظومة الزراعة التعاقدية مع إعلان أسعار ضمان مناسبة لهما قبل موسم الزراعة بفترة كافية والعمل على توسيع نطاق الزراعة التعاقدية بحيث تشتمل على كافة المحاصيل الإستراتيجية.
وأضاف، يجب أن يكون دعم المزارع توجهًا اجتماعيًا ثابتًا لاستنفاذ كافة أساليب الدعم سواء النقدي أو العيني للمزارع؛ حيث إن جميع الدول سواء المتقدمة أو النامية أو حتى الأقل نموًا تقوم بدعم المزارع بشكل كبير، مؤكدًا الاقتداء بتجربة دعم مشروع البتلو وذلك بتقديم تمويل ميسر للمزارعين خاصة صغارهم بفائدة منخفضة لا تتجاوز 5% للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
ونوّه أستاذ الاقتصاد الزراعي بوجوب العمل على الاستمرار في المشروع الرائد "حياة كريمة" لتحسين أحوال أكثر من 50% مما يقطنون الريف من سكان مصر.
كما يجب العمل على زيادة الصادرات الزراعية التي كانت قصة نجاح خلال الأعوام الثلاثة الماضية والعمل على إحلال محل الواردات الغذائية. كلما أمكن ذلك ومهما بحث الاقتصاديون فلن يجدوا ملاذا أفضل من القطاع الزراعي لتوفير العملة الصعبة سواء بالإحلال محل الواردات أو زيادة الصادرات الزراعية.
وأكد كمال على ضرورة الاستمرار في مشروعات تنمية الإنتاج الحيواني للعمل على زيادة نصيب الفرد من البروتين الحيواني وتطوير الإنتاج السمكي والاستزراع السمكي.
الدكتور أشرف كمال
ومن جانبه، يضيف الدكتور عمرو عبد الحميد، أستاذ الاقتصاد الزراعي والتنمية المستدامة، أن ما خلفته الحرب الروسية والأوكرانية على جميع الدول المستوردة للحبوب بشكل عام وعلى مصر بشكل خاص؛ حيث لا تزال مصر تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج في بعض المواد الغذائية نتيجة عدم القدرة على تلبية الاستهلاك المحلى بنسبة كبيرة، وخاصة فيما يخص القمح والذرة، وهما المحصولان اللذان تستوردهما مصر من روسيا وأوكرانيا، وتسببت الأزمة الروسية الأوكرانية؛ في انخفاض المعروض العالمي من الحبوب وارتفاع أسعار الحبوب عالميًا، لافتًا إلى أن هذه التحديات ستجعل الدولة أكثر حرصًا على مواصلة جهودها لتحقيق الاستقرار الغذائي.
ولفت أستاذ الاقتصاد الزراعي والتنمية المستدامة، أن الدولة تستهدف التوسع في المساحات المخصصة لزراعات القمح لتصل إلى 3.43 مليون فدان، ولزراعات الذرة إلى 2.8 مليون فدان، ولزراعات الفول البلدي إلى 220 ألف فدان، لافتًا إلى أنه في إطار خطة 2023/2024 من المستهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح والذرة إلى 49%، ومن الفول إلى 30%، ومن اللحوم الحمراء إلى 70%، ومن الأسماك إلى 98%، مع تحقيق فائض تصديري لأصناف عديدة من محاصيل الخضر والفاكهة.
ويؤكد عبد الحميد على أننا في حاجة ملّحة للتحول السريع نحو الاقتصاد الأخضر لتحقيق الأمن الغذائي، وإن مصر قد بدأت التحول الفعلي نحو «الاقتصاد الأخضر»؛ حيث تم توجيه 14% من إجمالي الاستثمارات العامة لمشروعات الاقتصاد الأخضر بموازنة 2020/2021.
كما تستهدف الحكومة تحسين تنافسية مصر في مؤشر الأداء البيئي من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء الممولة حكوميًا إلى 50% بحلول عام 2025، كذلك كان المشروع القومي لتبطين وتأهيل الترع للحد من الفاقد المائي وتحسين منظومة الري والاستغلال الرشيد للموارد المائية المصرية، لذلك؛ فالتحول للاقتصاد الأخضر ضرورة لا رفاهية، لتبني مصر لإستراتيجية تكامل زراعي غذائي.