الاتحاد الإفريقي.. "ضجيج بلا طحين"

26-2-2024 | 14:25

علي مدار سنوات عديدة أتيحت لي فرص كثيرة لمتابعة وحضور اجتماعات الاتحاد الإفريقي على كافة مستوياته سواء اجتماعات القمة – على مستوى رؤساء الدول والحكومات – أو على المستوى الوزاري أو اجتماعات كبار المسئولين أو لقاءات المندوبين الدائمين للدول بالاتحاد سواء كانت تلك اللقاءات داخل مقر الاتحاد في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا أو في بعض العواصم الإفريقية الأخرى وكان القاسم المشترك في تلك  الاجتماعات – وما زال حتى اليوم – هو جدول الأعمال المزدحم والذي يتناول عشرات الموضوعات والقضايا التي تهم أبناء القارة السمراء، وبالطبع فإن تلك الاجتماعات يصدر عنها العديد من القرارات والتوصيات والتي بلغت آلاف القرارات ولكنها لم تتعد – في معظمها – لفظ قرارات فقط دون أن تجد طريقها للتنفيذ على أي مستوى وبالتالي تحولت معظم تلك الاجتماعات إلى ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح أو مقولة " ضجيج بلا طحين " وهو ما يعني كثرة الاجتماعات دون نتائج عملية على الأرض لها . 

و على الرغم من أهمية هذا الكيان الذي يضم كافة دول القارة، بالإضافة إلى عدد من الدول والمنظمات الدولية كمراقبين إلا انه فقد الكثير من مصداقيته  لدى الشارع الإفريقي نتيجة فشله في التصدي للأزمات التي تعيشها العديد من دول القارة خاصة في مناطق الصراعات والحروب وانتشار الجماعات الإرهابية في بعض اقاليم القارة سواء جماعة الشباب الصومالية أو تنظيم داعش أو جماعة بوكوحرام وغيرها من التنظيمات التي تعوق بل تدمر أي جهود للتنمية في القارة .

وأعتقد أن اجتماعات القمة الإفريقية الـ ٣٧ والتي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الأسبوع الماضي تحت شعار "تعليم إفريقي يواكب القرن الـ21″، بمشاركة 34 من قادة ورؤساء الدول والحكومات الإفريقية لم يخرج عنها باستثناء الإعلان عن الدعم الإفريقي للشعب الفلسطيني وإدانة العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة قرارات أخري يمكن ان تري النور بل أن رئيس مفوضية الاتحاد موسي فقي محمد – والذي تولي منصبه منذ ١٤ مارس ٢٠١٧ وهو دبلوماسي تشادي – قال في كلمته امام الاجتماعات  إن السودان يشتعل، والصومال لا يزال عرضة للتهديد المتطرف مشيرًا إلى أن الوضع في القرن الإفريقي لا يزال يثير القلق.. وكذلك التوترات الدائمة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية"، وعدم الاستقرار في ليبيا و"الخطر الإرهابي" في منطقة الساحل  وأنّ هذه العوامل "تهدّد بشكل خطير بتقويض مؤشرات نهوض إفريقيا التي نعتزّ بها". ولكنه وفي المقابل لم يشر إلى أي جهود حقيقية تذكر للاتحاد في تلك الملفات الشائكة .

ور غم هذه التصريحات التي تبدو قوية إلا انها ليست جديدة بل دائما ما يسمعها ويقرأها المواطن الافريقي ودائما ما تتصدر توصيات وقرارات اجتماعات الاتحاد ولكن تلك التصريحات والقرارات لم تجد اي متابعة او تنفيذ من قبل مفوضية الاتحاد الإفريقي بل انها تحولت إلى مجرد كومة من الأوراق داخل أروقة الاتحاد المتعددة دون ان تكلف مفوضية الاتحاد نفسها عناء البحث عن إمكانية تنفيذ تلك القرارات او بعضها بما يمكن أن يعيد بعض من الثقة المفقودة بين الاتحاد وأبناء القارة السمراء والذين عانوا – وما زالوا – يعانون من انتشار الصراعات والنزاعات واستمرار سماع " أصوات البنادق " والتي فشل الاتحاد الإفريقي في اسكاتها منذ سنوات وهو ما آدي إلى تغيب ست من الدول الأعضاء الـ55 عن القمة، بعدما تمّ تعليق عضويتها بسبب انقلابات، إذ انضمّت الغابون والنيجر عام 2023 إلى الدول المحظورة وهي مالي غينيا والسودان وبوركينا فاسو  وبالتالي فإن الاتحاد الإفريقي في حاجة ماسة إلى القيام بدوره المنوط به في دعم وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول القارة وبذل المزيد من الجهود في التصدي للنزاعات والصراعات التي تعصف بالكثير من مقدرات ومصائر شعوبها. 

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: