زاد النصف من شعبان

25-2-2024 | 14:55

يومًا بعد يوم.. نسمع نداء واستغاثة.. شكوى يليها الأخرى.. الكل يعاني من ارتفاع الأسعار.. كل يوم نسعى ونفكر في كيفية التعامل بحكمة فى مواجهة موجة الزيادة المبالغ فيها لأسعار السلع الأساسية.. الكثير منا لديه القدرة على المواجهة والتعامل بحكمة مع الموقف الصعب الذى يمر بنا جميعًا.. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه ونحن نتعامل بقدرة فائقة على مواجهة زاد البطون.. هل فكرنا وسط تلك الأمور في كيفة التعامل مع مواجهة زاد النفوس والقلوب؟ 

ذاك الزاد الذى يمنحنا الكثير من المعاني والطاقات الإيجابية في مشوار الحياة.. ذاك الزاد الذي يجعلنا أقرب إلى الله.. هل تعرف ما مواصفات ذاك الزاد؟ هو زاد أشبه بالحمولة التي نرتبها شيئًا فشيئًا بشكل جيد حتى نصل إلى الأمور التي نشعر معها بالتوافق والتناغم النفسي الذي يجعلنا في حالة ترابط وتماسك.. تلك الحالة من الزاد النفسي السليم نصعنها ونقويها لأنفسنا يومًا بعد يوم بشيء رئيسي ومهم في الحياة ألا وهو "الرضا" الذي يصنع ويفجر فينا كل الطاقات التي تلقي بظلالها الإيجابية على كل مصاعب الحياة.. هل فكرت يومًا وأنت تشتكي وتستغيث وتنادي بصوت مسموع أو منخفض فى زاد "الرضا" الذي يمنح حلاوة الحياة.. بالرضا وحده تستطيع ترتيب وتستيف أوراق اعتماد أوراقك أمام الحق سبحانه وتعالى فى تلك الليلة المباركة التي ترفع فيها أعمالنا إلى الله سبحانه وتعالى.. هل تحب أن ترفع أعمالك إلى الله ومعك زاد البطون؟ أم ومعك الزاد الذي يرفع مكانك ومقامك عند الله عز وجل.. ربما يقلل البعض من قيمة وأهمية زاد الرضا الذي أتحدث عنه اليوم..! 

لا يا عزيزى.. زاد الرضا هي العتبة الرئيسية التي تدخل منها إلى كل شيء يقربك ويجعلك فى رعاية الله سبحانه وتعالى.. "الرضا" يا صديقي يمنحك الصبر على كل ابتلاء تواجهه في الحياة.. والصبر مفتاح من مفاتيح زاد الدنيا والآخرة وكثير من الآيات القرآنية تحثنا عن الصبر، وتعطينا الكثير من التفاؤل والبشرى على تحمل الصعاب التي تواجهنا في مشوار الحياة.. منها على سبيل المثال لا الحصر قوله سبحانه وتعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة 15
 
 وقوله تعالى: (وَأَطيعُوا اللَّـهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم وَاصبِروا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصّابِرينَ) الأنفال 28 

وفي سورة لقمان: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) 31

وفي سورة فصلت: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). ٣٢

هذا عن الصبر فقط.. فما بالك من باقي الأمور التي تولد معه من رحم الرضا الذي يعد الأساس لكل العبادات.. مع الصبر يولد الذكر.. والشكر.. والحمد.. ومع كل إحساس تعيشه معهم تشعر بأنك ترتب أوراق اعتماد أعمالك أمام الحق سبحانه وتعالى والذي ذكرنا دائمًا بقيمة وأهمية كل تلك الأمور في حياتنا.

بنظرة بسيطة فى القرآن الكريم كان علينا وسط معاناة ارتفاع الأسعار الشعور بالرضا والاطمئنان؛ لأن الحق سبحانه وتعالى أكد لنا أنه سواء فى غلاء أو رخص فى الأسعار الأمر بيده وحده لقوله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات 22.. وفى الذكر قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد 28.. وفى الشكر قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ إبراهيم 7.. وفى الحمد لنا كامل العظة فى فاتحة الكتاب أكبر عظة والتى بدأت أول آياتها بقوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين.. الرحمن الرحيم) إلى آخر الآيات.. الحمد هنا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالرحمة الإلهية.. فإذا استقر اليقين في قلوبنا أن الأمور كلها بيد الله ولله لارتاح الجميع واستقرت نفسه وقدم أوراق اعتماد أعماله في النصف من شعبان وهو مطمئن القلب والسريرة دون الانشغال بأمور الدنيا التي يملكها الحق سبحانه وتعالى.

وكل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة وأمان وامتنان لله الواحد القهار.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة