لابد أن يعي الجميع في ذكرى الإسراء والمعراج أن حرب الإبادة على غزة كانت بسبب مقاومتها ضد تدنيس المسجد الأقصى ومسرى الرسول, الأم الفلسطينية الغزاوية تقول بصوت عالٍ خذ يا الله من دمائنا فداءً للأقصي, والرجل الغزاوي يقول ودموعه تمتزج بالفرح: "معلش ابنتي الوحيدة بعد 12 سنة جبتها.. ولكن فداءاًللقدس".
استحضر رجال غزة وكل فرد من أهلها مشهد الرسول الحبيب وهو يقف إماما ومن وراءه الأنبياء والرسل, يعلنون تتويجهم النبي الخاتم قائداً لهم, وانتفضوا لنصرة أولى القبلتين وثاني الحرمين, وانتفضوا لنصرة أقصاهم وتحرير الحائط الذي أحتضن براق النبي.
إنه آية ومعجزة من خلاله برق برسول الله من مخدعه في مكة إلى الأقصى في فلسطين, وبرق به إلى السماء الدنيا, يقوده الأمين جبريل عليه السلام, ويٌسأل جبريل على أبوابها: من معك؟ ويجيب: محمد, ويأتي الرد: فنعم المجئ جاء.
ويتدرج البراق في الصعود إلي بقية السموات وعليه أشرف الخلق, ويتجول بين آيات الرحمن, حتى يختم بلقاء سيدنا إبراهيم عليه السلام, ويقول له جبريل: هذا أبوك, ويسلم عليه, ويرحب به إبراهيم قائلا: ونعم الابن الصالح.
ثارت أهل غزة غضبا على ما وصل إليه الأقصى, الذي شهد هذه الاحتفالية الإلهية المقدسة, وأصبحت قلوبهم تعتصر ألما من انتهاكات المستوطنين الإسرائيليين للأقصى وتدنيسهم لساحاته, واعتدائهم الممنهج لسكان القدس.
وقدمت غزة شهداءها الأبرار لتعيد ريادة الأقصى, وتحيي في القلوب قيادة الرسول, وما وصل إليه من رفعة إلى قمة هذا الكون عند سدرة المنتهي, ويتقدم أبطال غزة الميدان نصرةً للمسجد الأقصى, وليخبروا الأمة الإسلامية بل العالم كله أن رحلة الإسراء والمعراج جاء بعدها الانطلاق لبناء دولة الإسلام, والاستعداد للهجرة, وتكون الرحلة تثبيتًا للمؤمنين وبشرى لنصر قريب.
قدم أبطال غزة من نساء وأطفال ورجال أرواحهم فداءً لأقصاهم, كما قدم السلف الصالح من حول الرسول حياتهم فداءً لربهم ورسوله, وأنهم ناصروا النبي بتصديقهم في مسراه ومعراجه قبل أن يقدم ويقيم الحجة على المشركين, ويخبرهم بالتفصيل عن معالم بيت المقدس.
أراد أهل غزة الرفعة كما رفع الله نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام, ورأى الأرض من فوق والمخلوقات عليها مجرد ذرة وسط كون فسيح, ومن بينهم من حاربه من المشركين, فأرتفع عليهم الرسول, وكان النصر حليفه, فسبحان الذي أسرى بعبده, ودعا أبطال غزة الله أن يرفعهم كما رفع نبيه, فكانوا فداءً للقدس.
[email protected]