في ظل التصاعد المستمر للتوترات بين مصر وإسرائيل، تثار قضية حساسة تتعلق بمستقبل اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين في عام 1979. وفي أعقاب الهجوم الأخير على مدينة رفح الفلسطينية، يطالب بعض الخبراء بتعليق هذه الاتفاقية.
موضوعات مقترحة
يشير الخبراء إلى انتهاكات إسرائيل المستمرة للبنود الأمنية والقانون الدولي كسبب لهذا الطلب.
يعتبر القصف المتكرر لرفح انتهاكًا صارخًا للملاحق الأمنية المتفق عليها في الاتفاقية. كما أن الهجمات المستمرة على قطاع غزة تهدف إلى دفع سكانه إلى الهجرة قسريًا من أراضيهم إلى سيناء، مما يعتبر اعتداء على السيادة المصرية. تتطلب هذه التطورات تحركًا سريعًا من مصر لإعادة النظر في الاتفاقية وفتح حوار مع إسرائيل لضمان احترام البنود الأمنية والقانون الدولي.
قال اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجي، إن الساعات المقبلة من الممكن أن تكون أكثر أيام الحرب دموية بسبب إصرار إسرائيل علي تنفيذ العملية البرية، مشيرا إلي هناك ثلاث هما من يريدوا استمرار الحرب، نتنياهو لأنه يعلم جيد أنه أذا الحرب انتهت سوف يتقدم إلي المحاكمة ويتم سجنه ورئيس الأركان لأنه أهمل ورئيس الموساد، سوف يتقدموا إلي المحاكمة لذلك مصرين علي استمرار الحرب.
اكبر تصفية جسدية في التاريخ الحديث
وأضاف اللواء سمير فرج، أنها اكبر تصفية جسدية في التاريخ الحديث لو استمرت العملية البرية لأن هناك مليون ونصف في رفح في مساحة 64 كيلو متر مربع أي 8 كيلو في 8 كيلو، موضحا أن هناك إجماع دولي على رفض خطة الهجوم على رفح الفلسطينية وهذا ما أعلنته فرنسا وألمانيا ووزارة خارجية مصر، كما أن الشعب الأمريكي يتعاطف ويتضامن كليا مع الشعب الفلسطيني، وهناك محاولات من قبل إدارة الرئيس جو بايدن لوقف الهجوم على رفح وإعادة المفاوضات.
وأشار إلي أن البعض يقول إن نتنياهو يصعد هذه النبرة لكي يتم إجبار حماس أن تكون أكثر تساهل عند الوصول إلي حل، مؤكدا أن قيام دولة الاحتلال بعملية عسكرية للضغط على الفلسطينيين نحو الحدود المصرية من شأنه أن يهدد أمننا القومي، ومن حق مصر في هذه الحالة تعليق اتفاقية السلام.
واستكمل اللواء سمير فرج، إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) ويليام بيرنز يزور العاصمة المصرية القاهرة غدا الثلاثاء، بشأن المفاوضات المتعلقة بالرهائن المحتجزين في غزة، كما يحضر أيضا رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ومدير الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) ديفيد بارنياع.
وقال اللواء سمير فرج إن حركة حماس لديها 98 رهينة، و30 جثة ستفاوض إسرائيل عليها، لافتا إلى أن تل أبيب تصل الآن للمرحلة الرابعة من القتال وهو الهجوم على رفح الفلسطينية، بالتزامن مع قصف الشمال ودير البلح واستمرار القتال في خان يونس.
د. مهران: هجوم رفح خرق صارخ للمناطق محدودة التسليح في اتفاقية السلام
وفي سياق متصل، ندد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام، بانتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي ولالتزامها ببنود اتفاقية السلام الموقعة مع مصر عام 1979، وقصفها لمدينة رفح الفلسطينية.
وقال مهران "لبوابة الأهرام" إنه لطالما ادعت إسرائيل التزامها التام بالبنود الأمنية الواردة في ملاحق اتفاقية كامب ديفيد، ومن بينها إنشاء مناطق محدودة التسليح على الحدود بين البلدين، غير أن هجومها الأخير على رفح يُعد انتهاكًا صريحًا لتلك المناطق".
وأضاف أنه كان من المفترض أن تلتزم إسرائيل بعدم نشر قوات عسكرية أو مدفعية ثقيلة على طول الحدود مع مصر بموجب الملاحق الأمنية، لكن قصف رفح من الأراضي الإسرائيلية يؤكد أنها لا تلتزم بتلك البنود أصلًا".
وأشار الدكتور مهران، إلى أن استمرار إسرائيل في انتهاك بنود اتفاقية السلام يعطي الحق لمصر وفقاً لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 بتعليق العمل بالاتفاقية أو الانسحاب منها، مشيرًا إلي المادة 60 من الاتفاقية التي تنص على أنه يجوز تعليق تنفيذ معاهدة أو الانسحاب منها إذا طرأ "تغيير جوهري" على الظروف التي أُبرمت المعاهدة في ظلها.
كما بين أن المادة 62 من الاتفاقية الأخيرة أكدت حق أي طرف في الانسحاب من المعاهدة بسبب "خرق جوهري" من جانب طرف آخر يؤثر على موضوع المعاهدة وغرضها، موضحًا انه من حق مصر - وفقاً لقانون المعاهدات - تعليق العمل باتفاقية السلام مع إسرائيل أو الخروج منها احتجاجاً على انتهاكاتها المستمرة.
وحذر الدكتور مهران، من أن الهدف الحقيقي وراء استمرار إسرائيل في انتهاك بنود اتفاقية السلام مع مصر وشن الهجمات على قطاع غزة، هو محاولة دفع سكان غزة للهجرة قسريا من أراضيهم إلي سيناء تمهيدًا لضم هذه المناطق إلى إسرائيل، مشددًا على أن ذلك يمثل اعتداء على السيادة المصرية في سيناء، ما يستدعي إعادة النظر الجذرية في علاقتها مع إسرائيل.
وختم الخبير الدولي قائلا: "الأحداث الأخيرة أثبتت أن إسرائيل تتلاعب بنصوص اتفاقية السلام متى ما اقتضت مصالحها ذلك، ما يستدعي إعادة النظر في هذه الاتفاقية وفتح باب الحوار مع الجانب الإسرائيلي لضمان التزامه الفعلي بكل البنود والملاحق، أبرزها صيانة المناطق محدودة التسليح واحترام القانون الدولي او الانسحاب منها".
وفي بيان لوزارة الخارجية أمس، شددت مصر على رفضها الكامل للتصريحات الصادرة عن مسئولين رفيعى المستوى بالحكومة الإسرائيلية بشأن اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، محذرة من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، لاسيما فى ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة.
وطالبت مصر، بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التى باتت تأوى ما يقرب من 1٫4 مليون فلسطينى نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع.
واعتبرت أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى فى تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته، فى انتهاك واضح لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.
وأكدت مصر أنها سوف تواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين، داعيةً القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب فى الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء.
اللواء سمير فرج
صورة أرشيفية