رحلة الإسراء والمعراج فى وجدان كل مسلم. وفى ظلال الأزمة الطاحنة التي تعيشها منطقتنا، جددت حرب طوفان الأقصى ولهيبها على أبناء غزة وأطفالها ذكرى هذا الحدث التاريخي المقدس فى قلب كل عربى، بل كل إنسان فى عالمنا، هذه المعجزة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، جاءته فى عام الأحزان، انتقل بها بالسرعة الخارقة المذهلة من الرحلة الأرضية من المسجد الحرام في الجزيرة العربية إلى المسجد الأقصى بالقدس في فلسطين، هذه السرعة والقدرة اللتان لا يستطيع الإنسان مهما أوتى من علوم أن يحيط بهما، لا يمكن أن تحدثا لبشر عادي بكل المقاييس العلمية، والآن فإن معجزة الإسراء والمعراج، تتجدد في ظلال النكسة أو النكبة الثانية التي تعيشها الأراضي المقدسة وأهالينا في فلسطين يموتون.
والعالم يشاهد إبادة جماعية، ويمعن فى تأييد إسرائيل، وعلى الرغم من أهمية المعجزة فى رحلة الإسراء والمعراج، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يركز عليها، ونهى عن التعلق بالمعجزات المادية، فقد حدث في زمن الرسول، صلى الله عليه وسلم كسوف للشمس عندما مات ابنه إبراهيم، من مارية القبطية المصرية، فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته.
نعود مع رحلة الإسراء والمعراج، ونتذكر كلمات الله سبحانه وتعالى: «سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير» (الإسراء)، نحن نعيش في ذكرى الرحلة المقدسة، انتقال الرسول، صلى الله عليه وسلم، في رحلته الأرضية، كان بين مسجدين، أولهما المسجد الحرام بمكة في الجزيرة العربية، وهي أحب بيوت الله فى الأرض، والصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد.
والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة في غيره من المساجد، ونعيش مأساة المسجد الأقصى، وقد كان القبلة الأولى للمسلمين قبل أن يأتيهم الأمر بالتحول شطر المسجد الحرام.
هو المكان الذي قال الخالق، عز وجل، الذي باركنا حوله، أي الذي أفضنا عليه وعلى ما حوله بالبركات، دنيوية ومعنوية. «لنريه من آياتنا»، أي الآيات الدالة على قدرة الله وعظمته.
رحلة الرسول، صلى الله عليه وسلم، الذي أسرى بعبده، أي (روحا وجسدا)، وهكذا يكون الإنسان بشقيه الروح والجسد.
كلنا أمان وثقة في الخالق، عز وجل أنه سيحمي بيت المقدس وسيحمي القدس من العدوان العالمي عليها، وأن المسلمين سوف ينتصرون هناك على كل المتطرفين وأعدائهم.
نتذكروكلنا يقين الرحلة الأرضية «الإسراء»، والمعراج «الرحلة السماوية»، الرحلة العلوية التى ذهل الناس عندما أخبروا بها، ونقف أمام كلمات الخالق.
«والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى» (سورة النجم)، إلى أن نقف، «لقد رأى من آيات ربه الكبرى»، ونحن نعيش في رحاب ليلة السابع والعشرين من رجب، قبل الهجرة بعام واحد، نعيش الذكرى في عامنا 2024، ونتألم لرحيل الأطفال، لكننا نتذكر ابن ماشطة فرعون الرضيع الذى تكلم فى المهد، فأخبرنا أن أطفال غزة فى الجنة، يستقبلوننا، وتخبرنا المعاني الباطنة للقصة، أن أطفال غزة وفلسطين انتصروا لشعبهم وهزموا العدوان، وأنهم عمليا يذيقون العدوان والهمجية والإبادة بأسا شديدا، لأن المقتول الحقيقى ليس الأطفال، لكن قتلة الأطفال وقتلة الرضع، فهم المقتولون، هم الذين يتعذبون ويتألمون دنيا وآخرة، ليست لهم حياة أو دنيا، ولن تكون لهم آخرة، سيتذكرهم العالم بأنهم وحوش القرن الواحد والعشرين، أنهم يقتلون بلا رحمة وبلا هوادة، ولا يشبعون من القتل، ومن الكذب على الفلسطينيين وعلى العرب، هم المجرمون المذنبون في الدنيا والآخرة.
كل سنة وكل ذكرى خالدة باقية في الضمير والوجدان