تشهد الأسواق المصرية هذه الأيام حالة من عدم الاستقرار الكبير وموجة من الارتفاعات المتتالية فى الأسعار بصورة غير مسبوقة وبشكل يومى بما يتنافى مع أي منطق اقتصادى، ولهذا جاء هذا الحوار مع رائد الحركة التعاونية وشيخ التعاونيين ورائد الحركة التعاونية الاستهلاكية الدكتور أحمد عبد الظاهر رئيس الاتحاد التعاونى العربى والاتحاد العام للتعاونيات والاتحاد التعاونى الاستهلاكي للتعرف من خلال خبرته الكبيرة فى مجال ضبط الأسواق، على الجهود التى تبذلها التعاونيات الاستهلاكية لإحداث التوازن داخل السوق وهو الدور المنوط بها القيام به.
ما الأسباب التى أدت إلى هذه الزيادة الكبيرة فى الأسعار داخل الأسواق؟
هذه الزيادة فى الأسعار غير مقبولة ومستفزة جدا للمواطن وصعب جدا لهم التعايش معها وأهم سبب للوضع القائم حاليا هو غياب الرقابة على الأسواق وهو ما ادى إلى حالة الفوضى القائمة فى الأسواق الآن وارتفاع الأسعار لبعض السلع يكاد يكون اكثر من مرة خلال الشهر الواحد وهو ما جعل هناك حالة من الغضب وسط المستهلكين إلى جانب عدم الاطمئنان على وجود السلع فى الأسواق وهو ما يجعل البعض يحاول الحصول على أي قدر من السلع خوفا من اختفائها أو زيادة سعرها مرة أخرى.
كيف يمكن تعاونيات الاستهلاكية التعامل مع هذه الازمة؟
التعاونيات الاستهلاكية تنحت فى الصخر لاننا نحاول تدبير مصادر تمويل للسلع خاصة بنا ومصادر تسويق للسلع دون غطاء حكومى وهذا بخلاف توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، إلى الحكومة والوزراء المعنيين بضرورة حل مشاكل التعاونيات والاستعانة بها لانها سفينة النجاة وهى الآلية المناسبة لضبط الأسواق.
الجمعيات التعاونية الاستهلاكية رأس مالها محدود نوعا ما كيف يمكن لها الصمود فى ظل هذا الارتفاع الكبير للسلع؟
الموارد المالية لا تعد مشكلة بالنسبة للجمعيات التعاونية الاستهلاكية فلديها موارد مالية نستطيع بها تغطية احتياجات المواطنين ولكن المشكلة هى الحصول على السلع ولذلك دائما نحاول الحصول على السلع من المنتج الأصلى لها بحيث لا يكون هناك حلقات وسيطة فى محاولة للسيطرة على الأسعار إلى جانب أن الجمعيات لا تهدف للربح وهو ما يتيح لنا تقديم السلع بأسعار اقل من السوق.
ما الدور الذى يقوم به الاتحاد التعاونى الاستهلاكى المركزى لدعم الجمعيات خاصة فى هذه الفترة؟
هناك لجنة اقتصادية داخل الاتحاد التعاونى الاستهلاكى من الاتحاد والجمعية العامة للسلع الاستهلاكية ومهمتها توفير السلع الغذائية مع التركيز على السلع الاساسية مثل الأرز والمكرونة والزيت وغيرها للجمعيات التعاونية الاستهلاكية فى كل المحافظات وذلك تبعا لاحتياجاتهم وطبيعة الاستهلاك فى كل محافظة على أن تكون السلع كما ذكرت سابقا من مصادرها المنتجة بعيدا عن الوسطاء.
هل سينظم الاتحاد التعاونى الاستهلاكى معارض للسلع الغذائية قبل شهر رمضان؟
لقد اتخذنا قرارا فى مجلس الادارة منذ فترة بألا تقتصر المعارض على شهر رمضان لان هناك مناسبات عديدة طوال العام وعليه فان المعارض مستمرة منها ما هو دائم ومنها ما هو متغير سواء فى المكان أو التوقيت ولكن على فترات قريبة بحيث لا يشعر المواطن فى اى وقت بعدم تواجد التعاونيات الاستهلاكية خاصة أن نشاط الجمعيات وتوفيرها للسلع يعطى الطمأنينة للمستهلك على توافر السلع.
ما أهم القرارات التى تعتقد انه يجب على الحكومة اتخاذها فى هذا التوقيت؟
المفروض أن تساند الحركة التعاونية الاستهلاكية والتى دورها ضبط الأسعار فى السوق وذلك من خلال توفير السلع لها وعدم تركها للحصول على السلع من التجار والمستوردين حيث أن هناك بعض الممارسات الاحتكارية من البعض تؤثر على الأسعار إلى جانب أن الحكومة لا تتدخل الا فى الازمات وتفعيل قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار لحماية المواطنين فدور الحكومة فى اقتصاد السوق هو الحماية الاجتماعية للفئات التى لا تستطيع المنافسة ولذلك لابد لها من التدخل من البداية من خلال شراء السلع من المزارعين بأسعار عادلة واعلان السعر قبل الزراعة وذلك للسيطرة على السلع الاستراتيجية وضمان وصولها للمواطن بأسعار جيدة .
هل أنت راض عن اداء التعاونيات الاستهلاكية فى جميع المحافظات؟
بصراحة أنا دائما اطمح فى المزيد مهما كان الأداء وأتمنى دائما الأفضل، لأن ذلك يعود بشكل كبير على المواطنين ويحدث توازن فى الأسواق ولكن لكى يكون تقييمى موضوعيا، فإن هناك محافظات متميزة جدا فى الأداء حتى أن المحافظين يتعاونون ويعتمدون على التعاونيات الاستهلاكية بها مثل قنا وسوهاج وبورسعيد والغربية وغيرها وتعد امثلة متميزة جدا فى الاداء وطبعا هناك محافظات اقل ومحافظين غير متعاونين ولكن إجمالًا، الأداء جيد خاصة فى ظل الظروف الراهنة ونأمل فى المزيد أن شاء الله.
أين التعاون بين التعاونيات خاصة فى ظل الظروف الراهنة؟
التعاون بين التعاونيات مهم جدا ويجب تفعيله بشكل سريع خاصة بين التعاونيات الاستهلاكية والزراعية والإنتاجية للقضاء على الحلقات الوسيطة والتعاون مع المنتج الأصلي للسلع وهو ما نسعى اليه دائما وما يجعل هناك تميزا للتعاونات الاستهلاكية فى الأسعار أنها تتعامل مع المنتج الاصلى أو المستورد بمعنى اليد الاولى للسلعة إلى جانب إننا لا نهدف للربح ولذلك نحافظ دائما تميز المنتجات بالجودة والسعر إلى جانب التنوع فى مصادر السلع وتنوعها بما يرضى جميع الأذواق.
أعلنت الحكومة عن ضرورة الاهتمام بالانتاج والاتحاد التعاونى الانتاجى المظلة التى تضم الصناعات الصغيرة والمتوسطة كيف يمكن تقديم الدعم لها؟
نحن فى أمس الحاجة إلى دعم الصناعات المنتجة لزيادة الانتاج وزيادة التصدير وقد ارسلنا للاتحادات التعاونية لارسال مشاكلهم التى يتعرضون لها فى إطار عملهم خاصة التى تتعلق بالجهات التنفيذية والحكومة لمحاولة حلها مع المسئولين وتذليل هذه العقبات لمنحها الفرصة للعمل بكفاءة واهم هذه المشاكل هو فتح الباب للاستيراد فى بعض الصناعات التى تتميز بها المنتجات المحلية مثل صناعات الاثاث والاحذية والمصنوعات الجلدية وخان الخليلى وغيرها وهو ما يمثل تهديدا لاستمرارية هذه الصناعات لصعوبة المنافسة لان المنتجات المحلية تتميز بالجودة وهو ما يجعل أسعارها اعلى قليلا عن المستورد وفى ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة فان المنافسة تكون لصالح السعر الأقل بالرغم أن هذه الصناعات يمكن لها أن تكون نافذة على العالم من خلال التصدير ايضا نريد أن تمتد المزايا الموجودة فى القانون للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر إلى الجمعيات التعاونية الانتاجية حتى تستطيع اداء دورها بشكل متميز خاصة أن هناك دولا عديدة قام اقتصادها على هذه المشروعات.
بوصفك عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك اين دوره من الأوضاع الراهنة فى الأسواق؟
البعض لا يعرف الدور المنوط بجهاز حماية المستهلك القيام به فى القانون فهو دوره أن السلعة يكون عليها السعر والصلاحية وحماية المواطن من الغش التجارى هذا هو دوره ولكن فى الفترة الاخيرة كان أداؤه متدنيا قليلا وقد أقيل رئيس الجهاز أخيرًا وهناك رئيس جديد ونأمل أن يكون هناك نقلة نوعية فى عمل الجهاز خلال الفترة المقبلة.
فى ظل الأزمات التى تلاحق الدول العربية، أين الاتحاد التعاونى العربى؟
فى الاتحاد العربى نقوم بكل ما يسعنا من جهد للوقوف مع اهالينا فى غزة وقد تم تجهيز قافلتين للبطاطين والمراتب لارسالها اليهم كما أن السودان يطالب بمعونات غذائية سوف نقوم بتجهيزها فى اقرب وقت هذا على الرغم من أن معظم الدول العربية لم تدفع اشتراكاتها ولكن دورنا هو الوقوف معهم فى الازمات وسوف ننظم قريبا ندوة للتعاونيات العربية ندعو بها كل المنظمات العربية اعضاء الاتحاد التعاونى العربى للمشاركة ويتم عقد مجلس ادارة للاتحاد وبحث كافة المشاكل التى تواجههم وكيفية تذليلها خاصة اننا نعمل على بحث التعاون المشترك بين الاتحادات التعاونية العربية للتخفيف عن الشعوب العربية فى ظل هذه الازمات.
لماذا توقف مشروع إنشاء الاتحاد التعاونى الإفريقي؟
عندما تأسس الاتحاد التعاونى الإفريقي كنا نعد ونأمل أن يكون له دور كبير وكان هناك ترحيب كبير من معظم الدول الافريقية به وتوسم الجميع بان يكون هناك دور كبير له خاصة فى التبادل السلعى والتعاون بين التعاونيات الافريقية ولكن للاسف حدثت جائحة كورونا فاصبح هناك نشاط فردى مع بعض الدول مثل غانا وغينيا ولكن سيكون هناك فاعلية قريبا بعد شهر رمضان لإعادة تنشيط دور الاتحاد التعاونى الإفريقي وان شاء الله تشهد الفترة المقبلة نشاطا ملحوظا فى أدائه.
ما السبيل لحل مشاكل التعاونيات؟
لابد أن يصدر قانون التعاون الموحد وترفع الوصاية عن الحركة التعاونية ويتم تفعيل دور المجلس الأعلى للتعاونيات برئاسة رئيس الوزراء وعضوية ممثلين عن الاتحادات التعاونية بانشطتها الخمسة والوزراء الفنيين والذى لم ينعقد منذ قرار تشكيلة حتى الان وذلك لبحث إذا كان هناك مشكلة فى السماد مثلا يتم مناقشتها مع وزير الزراعة أو مشكلة فى الاسكان يتم دراستها مع وزير الإسكان وهكذا ويكون كل اتحاد تعاونى هو الجهة الإدارية المشرفة على الجمعيات التابعة له والاتحاد العام للتعاونيات هو المشرف على الاتحادات التعاونية جميعا طبعا مع الاحتفاظ برقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
لماذا لا تشارك التعاونيات فى المشروعات القومية؟
الحركة التعاونية المصرية بمختلف أنشطتها «الزراعية والإنتاجية والمائية والإسكانية والاستهلاكية» تتطلع إلى المشاركة فى المشروعات القومية الكبرى، وذلك من خلال استصلاح الاراضى أو زراعتها أو إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة وتقديم الخدمات لتوفير احتياجاتها من المساكن والسلع والخدمات الاستهلاكية والإنتاجية والمنتجات الحرفية والإنشاء والتعمير ونقل البضائع والاستزراع السمكى والصيد وطالبنا بالفعل من خلال العديد من الخطابات إلى مجلس الوزراء والوزراء المعنيين المشاركة من خلال الانشطة التعاونية فى هذه المشروعات وغيرها.
ونطالب القيادات السياسية بمشاركة التعاونيات فى هذه المشروعات الكبرى والذى يكفل إنجازها بأقل تكلفة وفى اقصر وقت ممكن، حيث أصبح الزمن عنصرا حاسما فى تحقيق سرعة تعافى مصر واقتصادها.
إضافة إلى أن المشروعات التعاونية توفر الوسائل التنظيمية التى يمكن من خلالها لقطاع كبير من الناس أن يكونوا قادرين على خلق فرص عمل منتجة ومحاربة الفقر وتحقيق التكافل الاجتماعى
وما السبيل لحل مشاكل التعاونيات؟
لابد أن يصدر قانون التعاون الموحد وترفع الوصاية عن الحركة التعاونية فيكون لدينا المجلس الأعلى للتعاونيات برئاسة رئيس الوزراء وعضوية ممثلين عن الاتحادات التعاونية بانشطتها الخمسة والوزراء الفنيين بحيث إذا كان هناك مشكلة فى السماد مثلا يتم مناقشتها مع وزير الزراعة أو مشكلة فى الاسكان يتم دراستها مع وزير الإسكان وهكذا ويكون كل اتحاد تعاونى هو الجهة الإدارية المشرفة على الجمعيات التابعة له والاتحاد العام للتعاونيات هو المشرف على الاتحادات التعاونية جميعا طبعا مع الاحتفاظ برقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
أخيرًا كيف يمكن اصلاح مسيرة القطاع التعاونى بحيث نحصل على أقصى استفادة من جهوده؟
لابد أن تعلن الدولة موقفها من القطاع التعاونى بصراحة بعيدا عن العبارات المنمقة اذ يجب أن يكون هناك اعتراف صريح باهمية دور التعاونيات كشريك اساسى فى عملية التنمية بالاضافة إلى التمسك بما جاء فى دستور 2014 بشان التعاونيات وخاصة المتعلقة بدعم دور الدولة للانشطة التعاونية واعتبارها ركيزة اساسية من ركائز التنمية واصدار اعلان مبادئ يوضح التزام الدولة بما جاء فى الدستور حول الملكية التعاونية والنشاط التعاونى بما يلزم كل المسئولين بالعمل على تحقيق هذه النصوص الدستورية فى تصوراتهم حول خطط العمل ومناهجه فى مختلف قطاعات ومؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية ولابد من تمثيل القطاع التعاونى فى اللجان المتخصصة والمجالس المتنوعة المسئولة عن اعداد القرارات المتصلة بالشان الاقتصادى والسماح بتأسيس بنك للتعاون وتشجيع تأسيس تعاونيات متخصصة وظيفيا فى مجالات مثل التسويق والتوريد والنامين والتصدير بالاضافة إلى دخول مجالات التعليم والعلاج والسياحة وغيرها من الانشطة الاقتصادية.