Close ad

فسطاط البيئة الوطني..

4-2-2024 | 15:58

كيف تغير حال منطقة "الفسطاط" التاريخية، جنوب شرقي القاهرة، لكي تتحول من منطقة تجميع القمامة المركزية للقاهرة، الي مصدرا للطاقة المبدعة ومنبرا للإشعاع الثقافي والتراث المتحفي.. كانت الفكرة والهدف هما وجهي العملة لجوهر قضية التفاعل مع البيئة، بمعني البحث عن حلول لتحويل النقمة الي نعمة، والحالة السلبية إلى إيجابية، لكي تستعيد هذه المنطقة العريقة مكانتها التاريخية، والتي كانت عاصمة مصر الأولى أثناء الحكم العربي، وأسس فيها أول مسجد في مصر وإفريقيا.

كان السر في هذا التحول هو "البصمة البيئية"، التي أسس لها جيل الرواد الأوائل ورموز العمل البيئي، مثل د.محمد القصاص، د.مصطفى كمال طلبه، وصلاح جلال، ثم حمل المسئولية  بعدهم خبراء نادرون من بينهم  د.صلاح حافظ، د.المحمدي عيد، د.إبراهيم عبدالجليل، بالإضافة إلى وزراء تصدوا للتحديات البيئية وهم، د.ياسمين فؤاد، د.خالد فهمي، د.ليلى إسكندر، د.مصطفى حسين، د.ماجد جورج، د.ممدوح رياض، ثم د.نادية مكرم عبيد، إلى أن ظهرت قامات ووجوه متجددة أحبت العمل البيئي وعملت، ومازالت تعمل  بصبر ووعي واجتهاد مثل  د.علي أبوسنة، د.مجدي علام ود.عماد الدين عدلي، وغيرهم العديد من رموز الشأن البيئي والمجتمع المدني.

لعل تفاصيل تحول منطقة الفسطاط من حال إلى آخر، باعتبارها رسالة بيئية قابلة للتطبيق والمحاكاة في مناطق أخرى، يحتاج إلى التأمل والسرد في موضع آخر، ألا أن تراكم هذه الخبرات العديدة والنادرة، أنتج لنا البصمة البيئية، وكأنها "فسطاط" أو "راية" يقف وراءها رموز ومشروعات ومبادرات ناجحة قدمت الحالة المصرية في مجال البيئة إلى مركز الصدارة عربيًا وإقليميًا وإفريقيًا.

 من بين التحولات التي شهدتها هذه المنطقة العتيقة، ولدت مبادرة إنشاء "المركز الثقافي البيئي – بيت القاهرة" كمنارة بيئية ثقافية تعليمية، أحد مبادرات المجتمع المدني، وكما تمكن د.عماد الدين عدلي رئيس "المكتب العربي للشباب والبيئة"، من انتزاع مشروع "بيت القاهرة الثقافي" من ركام الماضي، الي آفاق الغد، فقد استطاع أيضًا، على مدى يزيد علي 4 عقود، من إنجاز تخصيص يوم وطني لخدمة البيئة وقضاياها، برعاية ودعم د.ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، التي رعت هذا اليوم ليصدر رئيس الوزراء قرارًا باعتماد هذا اليوم يومًا وطنيًا لكل عام، مجسدًا التكامل والتناغم بين العمل البيئي الرسمي الداعم والمشجع للجهود والمبادرات الأهلية في مجال البيئة، وقد انعكس الدعم الرسمي لجهود الوزارة ومبادرتها نحو تطوير قطاع المحميات الطبيعية، وقد حقق تناغم هذا الدعم، مع جهود الوزارة، ارتفاع إيرادات المحميات إلى 1600%، خلال 4 سنوات فقط.

الأسبوع الماضي، شهد فعاليات، كل من وزارة البيئة والمكتب العربي، يوم البيئة الوطني الموافق 27 يناير من كل عام، تحت عنوان "البلاستيك أحادي الاستخدام: تحدٍ عالمي وحلول مستدامة" في "بيت القاهرة"، فى إطار احتفالات مصر بيوم البيئة الوطني 2024 برعاية رئيس مجلس الوزراء تحت شعار "مصر في مسارها نحو الأخضر".

حظيت الفعاليات بالقضايا المهمة، والتأمل في حصاد الحالة البيئية علي مدار عام بيئي مضي، والبحث عن حلول مستقبلية للتنمية المستدامة، وأجمع "فسطاط البيئة" خلال الفعاليات، علي تقدير جهود وزيرة البيئة، وتوجيه الشكر لها، لجدارتها في هندسة بيئة المستقبل، بعد ان تجاوزت الفكر التقليدي المرتكز على الحماية للبيئة وصيانة مواردها، ورفع الوعي بقضاياها، الي آفاق مفهوم "الحوكمة البيئية" وتطبيقاتها، والتي ترى ان العالم كل مترابط، والحفاظ عليه ككل مسئولية تشاركية في الاساس، لتنتقل إلى أهداف هذه الحوكمة، من دوائر حماية البيئة ورفع الوعي بقضاياها، إلى الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، وحماية صحة الإنسان، والتأكيد على ارتباط ودمج الناس بالنظم البيئية التي يعيشون فيها، والأهم هو وصولها إلى نقطة تضافر البعد البيئي في كافة القطاعات والأنشطة بالدولة، ليصبح نسيجًا واحدًا.

كما أكدت الفعاليات، أن الاهتمام بالبيئة يمنح الكثير من المدخلات الإيجابية، وهذا الاهتمام يعطي أكثر مما يأخذ، كما الاقتصاد الدائري وتطبيق وسائل الصناعات النظيفة، فإنها توفر الكثير من الجهد والطاقة والموارد لمستقبل مستدام.. نعم هذه حقيقة إيكولوجية.

ولأهمية يوم البيئة السنوي، نقترح اختيار هذا اليوم وتنفيذ فعالياته في مدينة بإحدى المحافظات، ويطلق له "شعار ومدينة"، ويتم تدوير فعالياته يوم البيئة الوطني في مدينة جديدة بإحدى المحافظات، بهدف تطبيق التنمية الحقيقية على أرض كل محافظة، والتي تبدأ "المحافظة المعنية، في المدينة المختارة"، بتدشين الفعاليات فور انتهاء فعاليات اليوم الراهن، وبدء خطة وبرنامج عمل لتحويلها إلى "مدينة دائرية خضراء"، على نمط المدن الدائرية العالمية.

ويشمل الاقتراح، الإعلان عن جائزة لمشروع تم تنفيذه على الأرض يخدم التنمية الدائرية والمستدامة عبر المشاركة المجتمعية، وأن يتم الإعلان عن الجائزة أو المشروع الفائز، وليكن مشروعًا شبابيًا أو تعليميًا، تدمج فيه الشعارات الواسعة لتغير المناخ والصحة والتنوع البيولوجي، تحت مظلة واحدة، ولتكن "صحة الكوكب"، باعتبارها تؤثر على كافة التحديات الإنسانية والحياتية، وأن يتم الإعلان عن المدينة المرشحة لفعاليات الاحتفال بـ"المدينة الدائرية"، يوم "البيئة الوطني المقبل 2025".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: