غير كل الناس كنت أعيش حياتي، أحلق خارج السرب في دنيا غير تقليدية خلقت لي وخلقت لها فقد أتيت إلي الدنيا بقلب ولد علي فطرة الحب لكل الناس وعشت بفطرتي هذه لم تلوثها الأيام.
موضوعات مقترحة
كنت ساذجا عبيطا في نظر المحيطين بي ولكنها حياتي التي أسعد بها ولا يشغلني كيف يراني فيها الناس، أعرف نفسي جيدا وأعرف أيضا طريقي، أمضي فيه بكل جد واجتهاد، تخرجت في الجامعة وسافرت إلي أوربا وعملت في باريس بمهن كثيرة، كنت أسعي بكل ما لدي من عزم وإرادة لبناء مستقبلي بالصورة التي أراها مناسبة، ووفقني الله عز وجل في حياتي هناك حيث استقر بي العمل في إحدي شركات النقل البحري مهندسا ميكانيكيا علي مركب أجوب العالم كله وتيسر بي الحال وكان راتبي كبيرا إلي حد الحلم.
في ذلك الوقت قررت أن أتزوج فحلم البيت كان يراودني ودفيء الزوجة ولمة الأولاد ولكني كنت أمام اختيار صعب فلو أني تزوجت من امرأة أوربية كما اعتاد من هم مثلي أن يفعلوا بعد أن نقلوا حياتهم للغربة سأفقد ارتباطي بجذوري إلي الأبد غير أن شخصيتي مازال يسكن فيها ذلك الفلاح القروي بطباع الغيرة علي كرامته ونزعة العصبية تجاه أخلاقيات لم نعتد عليها في مجتمعاتنا الشرقية.
عدت إلي بلدي أتزوج منها وأربي عيالي فيها واستعنت بأسرتي في البحث عن بنت الحلال، حتي تزوجت زواجا تقليديا ما يطلقون عليه زواج صالونات وكانت حياتي سعيدة في بدايتها فزوجتي كانت من بيت طيب وتحاول أن تسعدني بقدر ما تستطيع ولم يكن يشغلها أني كنت أتركها وأسافر إلي عملي في أوربا لأكثر من 4 أشهر وأتيها في أجازة أربعة أشهر، كانت تسعد بالهدايا وما أغدقه عليها من مال ورفاهية عيش وحدث أن رزقنا الله بطفل كان فرحة العمر كله وبدلا من أن تستمر سعادتنا بدأت طباع زوجتي تتغير، تنفر مني بلا سبب، تسرف في الإنفاق بما قد يصل إلي حد السفه ورغم ضيقي من تبدل حالها صبرت عليها كنت أتحمل من أجل ابني.
وأقول إن غيابي عنها شهورا طويلة ربما يشكل ضغطا نفسيا علي أعصابها وأن المال الذي ترفل فيه سعادة وترفا لم يغنها عن وجودي برفقتها واجتهدت كل قوتي أن أكثف من حبي ورعايتي لها كي أعوضها غيابي، كنت أكلمها من كل بلد أسافر إليه بالسفينة الملاحية التي أعمل عليها، آتي لها من كل بلد أمر به بالهدايا التذكارية لعلي أسعدها وجاءنا الطفل الثاني وتبعته طفلتين توءما وبدأت حياتها تنشغل بالأطفال عني بعض الشيء ومضت سنوات كبر فيها الأطفال والتحقوا بالمدارس كانت زوجتي خلالها تبدو طبيعية إلي حد ما، لكن فجأة رجعت إلي غيها ونفورها مني وليت الأمر توقف عند ذلك ولكنها كانت تسحب أموالا من الفيزا كارد خاصتي دون علمي ويعلم الله وحده أين كانت تذهب بها، كنت قد وثقت فيها إلي حد أني حررت لها توكيلا رسميا عاما للتصرف والبيع والشراء في غيابي وكيف لا أثق فيها وهي أم أولادي ولكنها غافلتني وباعت بالتوكيل قطعة أرض كنت قد اشتريتها لأبني عليها فيلا نسكنها.
واجهتها ولم تنكر.. قلت لها أني لم أحرمها من شيء وأن كل ما أملك لها ولأولادنا ولكنها قالت إن ما حصلت عليه حقها ثمنا لعذابها في عشرتي، لم تخجل أن تقول لي أنها لم تعد تحبني وأنها لا تطيق العيش معي، استحلفتها بأولادنا والصبر من أجلهم فمازالوا صغارا وفي حاجة لرعايتها ولكنها قالت أنها ستتركهم لي وتذهب لحالها لعل حظها يكون أفضل مع غيري.. كانت تعلم أنني سأضطر لأن أترك عملي الذي يستلزم سفري كل أربعة أشهر رحالة حول العالم، وكأنها تنتقم مني.
أصرت علي الانفصال تاركة لي مسئولية الأولاد لكي تربطني بهم في مصر وتعييني رعايتهم عن السفر لعملي وبكل غلظة قلب فوجئت بها تتزوج من رجل آخر ما أن انتهت العدة مباشرة وتنفق علي زوجها الجديد من مالي.
كانت تجربة حياتية قاسية أماتت في نفسي كل شيء حلو في الدنيا وأحاطتني بسياج من اليأس والضياع.. استقلت من عملي، وانغلقت علي نفسي، حتي أولادي لم أعد قادرا علي رعايتهم الرعاية الكاملة وأنا ممزق النفس تائه.
هل حقا كوني طيب القلب فطري التعامل مع الناس جعلني فريسة سهلة وإنسان ضعيف تعتلي الناس حائطه؟ هل كان حتميا أن يكون للحمل بداخلي أنياب يذود بها عن نفسه؟
لست أدر من نفسي شيئا فالطريق أمامي مظلم والإحباط يسلسلني بأغلال اليأس.
م. ن.
يا أخي كل منا تمتحنه الأيام في كثير مما يعز عليه أو يؤلمه وما مررت به من محنة ليس مبررا لتلك الحالة التي أنت عليها من يأس وإحباط وإذا كانت محنتك شديدة القسوة لكنها أبدا ليست بالنقمة التي تدمر حياتك فلا تبقي ولا تذر ولعمري هي في النهاية مرحلة مضت من حياتك بحلوها ومرها خرجت منها بأربع زهور هم الدنيا بأسرها والسعادة الكاملة ومازالت أمامك مرحلة قادمة من العمر ومسئولية كبيرة علي كاهلك لابد وأن تقوي عليها.
و إذا كانت زوجتك لم تقدر قيمة البيت الذي أنشأته لها ولا نعمة الأولاد فمن حقك أن تتزوج من امرأة أخري علي أن تتخير لنطفتك وتعمل عقلك أكثر من عاطفتك في الاختيار وأسلوب إدارة حياتك القادمة فطيبة القلب وحدها لا تنفع ولابد لها من حكمة العقل وتذكر قول الله تعالي من سورة الروم ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون(21) فالزوجة الصالحة هي التي تكون لزوجها سكنا ورحمة لا شقاء ونكدا وفقك الله لما فيه خير نفسك وأولادك.