300 مجموعة اقتصادية إسرائيلية تواجه أزمة حادة وتتخوف من أن تتجاوز المقاطعة إيجاد منتجات بديلة
موضوعات مقترحة
الشركات المؤيدة للاحتلال تعرض منتجاتها بنصف الثمن ولا تجد من يلتفت إليها
د. أمانى الجندي: المقاطعة عنصر ضغط مؤثر لتغيير السياسات تجاه قضية معينة
د. وليد جاب الله: الحملات الحالية لا تقف وراءها جهة معينة وإنما نابعة من إرادة شعبية عالمية
فى ظل استمرار وحشية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والصمت الدولى على تلك الإبادة الجماعية، التى يرتكبها الكيانى الصهيونى فى حق سكان القطاع، كانت دعوات المقاطعة الشعبية للمنتجات الأجنبية خاصة الشركات التى تساند إسرائيل، سلاحا فاعلا فى معظم دول العالم العربية والإسلامية، حتى تكبدت هذه الشركات المؤيدة خسائر فادحة وباتت بضاعتها تملأ أرفف المتاجر، رغم تقديمها لعروض بنصف ثمنها ومع ذلك لا تجد حتى من يلتفت إليها.
أتت المقاطعة الاقتصادية، لمنتجات الشركات المؤيدة للكيان الإسرائيلى ثمارها، وتسببت فى خسائر فادحة ليس فقط لتك الشركات، إنما على الاقتصاد الإسرائيلى نفسه، الذى يتدهور أيضا من مقاطعة منتجاته أكثر من تدهوره بفعل الحرب نفسها، فطبقا لتصريحات وزير مالية الكيان الإسرائيلى، هناك نحو 300 مجموعة اقتصادية إسرائيلية تواجه أزمة اقتصادية حادة، كما أن هناك تخوفات من أن تتجاوز المقاطعة إيجاد منتجات بديلة عن منتجاتهم والاستغناء عما يصدرونه إلى الأبد.
وقد تكبدت شركات عالمية متخصصة فى مجالات الأغذية، والماركات العالمية من الأجهزة الكهربائية والملابس، والمشروبات الغازية والمنظفات والمساحيق غسيل ومنتجات الشعر، خسائر فادحة، وهى شركات تقدم دعما مباشر وغير مباشر لإسرائيل فى حروبها على قطاع غزة. هذا الدعم أثار غضب الشعوب العربية والإسلامية، ومع استمرار الحرب وتصاعدها، وصمت المجتمع الدولى تتزايد حملات المقاطعة لمنتجات هذه الشركات.
وتقول د. أمانى فوزى الجندى، أستاذ الاقتصاد المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: تعد المقاطعة الاقتصادية سلاحا ذا حدين، فهى تعنى رفضا منهجيا، وامتناعا طوعيا عن استهلاك منتجات شركة أو دولة ما، كذلك رفض إقامة أى علاقة اقتصادية أو تبادل تجارى معها، وبعبارة أخرى يقصد بالمقاطعة الاقتصادية الامتناع عن معاملة الآخر اقتصاديا، بهدف الضغط عليه لتغيير سياسته تجاه موضوع أو قضية من القضايا.
وتضيف الدكتورة أمانى قائلة، إن مثل هذه المبادرات وحملات المقاطعة الاقتصادية تؤثر على سلوك واتجاهات المستهلكين، وقد تعمل على توجيه المستهلكين إلى المنتجات التى تتوافق أكثر من غيرها مع تفضيلاتهم، بل وعندما تكون الدعوات الإعلانية قوية وذات تأثير وفاعلية، يمكنها أن تغير أنماط تفضيلات المستهلكين على المدى الطويل، وهو ما تفعله إعلانات المقاطعة الاقتصادية للمنتجات، حيث يتم ربط دعوة المقاطعة بقضية ما، ثم ربط القضية بمنتج ما.
وحاليا وفى ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا يمكننا تقدير حجم خسائر هذه الشركات من المقاطعة، التى ستكون كبيرة ومؤثرة بشكل كبير، ولا يمكننا أيضا تقدير حجم تراجع المبيعات فى الوقت الراهن، حيث تحتاج هذه المقاطعة إلى دورة إنتاج لا تقل عن 3 أشهر وقد تصل إلى 6 أشهر لتحديد حجم تراجع المبيعات من خلال عمل إحصاء يقارن بين حجم المبيعات، قبل بداية الأحداث الراهنة على الصعيد الدولى.
وتوضح د. أمانى فوزى أنه يوجد العديد من الدوافع وراء مقاطعة بعض المنتجات الأجنبية، ومن أهمها الدوافع والاعتبارات السياسية، حيث تمثل الهدف لدى العديد من المستهلكين، من مقاطعة المنتجات الأجنبية فى الاحتجاج على سياسات بعض الدول الغربية، وكذلك محاولة فرض العقوبات الاقتصادية عليهم، أيضا مقاطعة المنتجات الأجنبية يهدف إلى دعم المنتجات الوطنية، وتعزيز الصناعات المحلية، مما سيؤدى إلى نمو الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
وبالتالى يمكن القول، إن من أبرز النتائج الإيجابية لحملات ومبادرات المقاطعة هى دعم الصناعة المحلية، إذ أسهمت مقاطعة المنتجات الأجنبية فى دعم الصناعة المحلية، حيث أدى تراجع وتدنى الطلب على المنتجات الأجنبية إلى زيادة الطلب على المنتجات المحلية، مما أدى إلى زيادة الإنتاج وتحسين جودة المنتجات المحلية.
وعلى الصعيد العالمى، فإن هذه المقاطعة ستؤثر حتما على الاقتصاد العالمى، حيث تؤدى إلى انخفاض الصادرات العالمية وزيادة البطالة فى بعض الدول. ويمكن القول: إن استمرار مقاطعة المنتجات الأجنبية من القضايا المهمة فى الوقت الراهن بشكل عام، لما لها من آثار وتداعيات إيجابية على الاقتصاد القومى لكل دولة، حيث يكون الإقبال على شراء المنتج المحلى كبير، وهنا لابد من وجود تنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة لتوفير المنتجات المحلية البديلة، وتوفيرها بأسعار مناسبة أقل من الأجنبية.
جدير بالذكر أن وفقًا لتقرير أعدته مؤسسة “راند كوربوريشن”، الأمريكية عام 2015، تسببت المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل فى 2014 فى أعقاب شن إسرائيل حملتها العسكرية “الجرب الصامد” التى أطلقتها على قطاع غزة، فى خسارة كبيرة قدرت بنحو 15 مليار دولار، مما أدى وقتها إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالى للفرد فى إسرائيل بنسبة 3.4 ٪، ومن المرجح أن تتسبب المقاطعة الحالية، التى تعد أكثر انتشارا من حملات المقاطعات السابقة، فى أضرار اقتصادية أكبر بكثير لإسرائيل.
المشاركة فى المقاطعة ليست واجبا أخلاقيا فقط، بل هى واجب إنسانى أيضا
وهنا يقول الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع: مما لا شك فيه أن مقاطعة المنتجات الأجنبية التى تنتجها دول أو شركات تدعم إسرائيل سلاح فاعل وناجع، وله فوائد إيجابية على المستوى المحلى، ويرى دكتور وليد أن حملات المقاطعة الحالية لا تقف وراءها جهة معينة، إنما نابعة من إرادة الشعوب العربية والإسلامية ومن المهم تنظيمها بشكل أكثر دقة حتى لا تترهل وتتآكل مع الأيام، بحيث تكون هناك مبادرات وإعلان عن قوائم الشركات التى لها مواقف مؤيدة للكيات الإسرائيلى والامتناع عن شراء منتجاتها، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، بات من السهل انتشار دعوات المقاطعة وسهولة مراجعة تلك المنتجات، وستظل المقاطعة سلاحا فعالاً إلى الأبد طالما تمت إدارتها بصورة جيدة، فمن المؤكد أن الشركات التى تتعرض منتجاتها للمقاطعة تتكبد خسائر كبيرة، ويؤثر على العمالة فى تلك الشركات، وبكل عام فإن مقاطعة السلع الأجنبية يفيد الدولة ويخفف عنها عبء الاستيراد والحاجة إلى العملة الأجنبية التى تستورد بها هذه المنتجات.