ندخل الشهر الرابع فى أكبر حرب بشعة ضد الفلسطينيين، تلك الحرب التى تشنها إسرائيل انتقامًا من حماس، هذا الفصيل الذى لا تستطيع إسرائيل أن تتسامح معه لا سيما بعد أحداث 7 أكتوبر 2023.
كانت حماس قد أبرمت - بمساعدة أشقائها العرب المصريين والقطريين - مع إسرائيل أكثر من اتفاقية هدنة متقطعة، سمحت خلالها بالإفراج عن رهائن إسرائيليين من المدنيين والنساء.
حماس سبق لها أيضًا فى 5 حروب مع إسرائيل أن تبادلت معها الاتفاقيات والإفراج عن أسرى، إسرائيليين وفلسطينيين، حماس مثلها مثل أى فصيل مقاوم في صراع مع عدو قوى مدجج بكل الأسلحة الأمريكية والغربية، ولايمكن أن ينكر أحد أن الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني، بين الضفة وغزة، كانت وراءه إسرائيل، ودعمته للتخلص من فكرة حل الدولتين، ويعنى ذلك سيطرتها على الضفة الغربية، وأن تترك غزة تحت الحصار بلا ميناء أو مكان للفلسطينيين.
واقعة أكتوبر، صدرت ورقة عسكرية حولها، اعترفت بأنها كانت ضرورية لتحفز إسرائيل للاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، وتفرض عليهم احترام المسجد الأقصى المقدس لدى كل المسلمين.
تدمير غزة، وتشريد سكانها وقتل الأطفال، وجعل الحياة مستحيلة في هذا الشريط الضيق الذى يكتظ بـ 2 ونصف مليون فلسطيني محاصرين في غزة بهذا الأسلوب الهمجي، سوف يعطل أي تعايش إقليمي في الشرق الأوسط، وتجعل طموح السلام بين الشعوب المتعايشة في هذه المنطقة شبه مستحيل، وتؤدي إلى احتدام الحروب والصراعات الدموية في هذه المنطقة الحيوية لأهلها وللعالم.
ونحن والعالم تتفاجأ بأن الجنون الإسرائيلي يصل مداه بتجمع حثالة من اليمين الإسرائيلي الحاكم مع نتنياهو، وبالدعوة إلى إعادة الاستيطان في غزة في سياق الحرب بما لا يتوافق مع الصورة المراد تسويقها عن إسرائيل أمام المجتمع الدولي، نظمت المؤتمر حركة «نحالا» اليمينية التي تدعو إلى التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية ومنها الضفة الغربية التي تشهد اشتباكات متكررة بين المستوطنين والفلسطينيين.
هؤلاء المتطرفون لا يرون أن النصر في الحرب لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إعادة توطين اليهود فى قطاع غزة. يقود هؤلاء المجانين، وزير الأمن إيتمار بن غفير الداعي الأول إلى تهجير الفلسطينيين وتسليح الإسرائيليين على نطاق واسع.
يعودون اليوم يقودهم أمثال بتسلئيل سموتريش، مشجعي الأطفال أن يكونوا أسودا، لدينا أمة من الأسود، هكذا تكلم المجنون وزملاؤه فى الائتلاف الحاكم، هكذا يعترف العالم أن الحكومة الإسرائيلية تحطم رقما قياسيا جديدا في الانحطاط باعتراف المعارضين الإسرائيليين أنفسهم، وفي مقدمتهم يائير لابيد.
منطقة الشرق الأوسط وضعتها إسرائيل والمتطرفون بكل أشكالهم في أزمة خانقة، وحرب إقليمية محتدمة.
العقل يقول إن الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هو الطريق السليم لوقف هذا التدهور، وأمامنا فصائل فلسطينية تستطيع التغير والتكيف مع متغيرات المفاوضات.
هل يتدخل المجتمع الدولي الذي لم يسبق له المشاركة في هذا الصراع مثل الصينيين والهنود بدعم أوروبي لتشجيع الأمريكيين والروس على عقد مؤتمر دولي يضم شعوب الشرق الأوسط القديمة لإحلال مصالحة إقليمية تعترف بالحقوق المشروعة المهدرة للشعب الفلسطيني منذ أكثر من قرن من الزمان، ليعود الاستقرار إلى هذه المنطقة.
هذه أسئلة تصعب الإجابة عنها، لكن المنطقة مليئة بالعقلاء الذين صنعوا السلام والاستقرار، ويستطيعون إكمال المهمة، لكنهم يحتاجون إلى دعم دول العالم حتى ينجحوا فى هذه المعادلة الصعبة التى لم يستطع الزمن حلها حتى الآن مع أبناء الديانات القديمة وأصل حضارات العالم.