تزيد إنتاجية المحاصيل والإنتاج على مدار العام وتعيد الحياة للمناطق القاحلة
موضوعات مقترحة
إعادة تدوير مياه الصرف ضرورة للحفاظ على البيئة وزيادة الموارد المائية
تحافظ على مصادر المياه العذبة وتعزز كفاءة الاستثمار بالتخلص من مياه الصرف الصحي
مياه الصرف المُعالج ترفع معدلات خصوبة التربة وتخفّض تكاليف استخدام الأسمدة
التوسع فى إنشاء محطات التحلية يعزز الموارد العذبة ويُسهم فى تلبية الاحتياجات
تعد ندرة المياه واحدة من أهم القضايا التى تشغل العالم فى الوقت الراهن، وهو ما يدفع لمضاعفة الجهود والنفقات للمعالجة الفعالة لمياه الصرف الصحي، كما أن زيادة الطلب المستقبلى على المياه الصالحة للشرب سيؤدى إلى زيادة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، ووفقًا للدراسات سيكون التحدى الأكبر فى قطاع المياه والصرف الصحى على مدى العقدين المقبلين هو تنفيذ معالجة مياه الصرف الصحى منخفضة التكلفة والتى تسمح فى الوقت نفسه بإعادة الاستخدام الانتقائى للنفايات السائلة المعالجة للأغراض الزراعية والصناعية.
وخلال القرن الحادى والعشرين أدت التطورات الصناعية السريعة إلى تعقيدات خطيرة فى النظم البيئية الطبيعية حيث يتم إطلاق التفريغ من العديد من أنشطة التصنيع مثل الطلاء المعدنى والمجمعات الغذائية ومصانع الأدوية وهندسة البطاريات والتى تحتوى على أيونات المعادن الثقيلة والأصباغ والمكونات العضوية مباشرة فى البيئة المائية، وفى السنوات الأخيرة، تمت زيادة معايير الجودة لمعالجة مياه الصرف الصحى السائلة، مما أدى بالتالى إلى زيادة تكاليف بناء وتشغيل وصيانة هياكل المعالجة، ومتطلبات الطاقة والتقدم التكنولوجي.
وخلال السنوات القليلة الماضية، نفذت مصر العديد من المشروعات لمعالجة مياه الصرف الصحى وإعادة استخدامها فى القطاع الزراعى وكذلك تحلية مياه البحر، فى الوقت الذى يبحث فيه العالم عن تقنيات معالجة مياه الصرف الصحى التى توفر تكلفة أقل ومدخلات طاقة منخفضة وصديقة للبيئة مثل طرق المعالجة الطبيعية والجمع بين الطرق التقليدية والطبيعية فى طرق المعالجة المختلفة.
«الأهرام التعاوني» تنشر تفاصيل الإدارة المتكاملة للمياه الملوثة والمعالجة، ومميزات وعيوب واشتراطات استخدام مياه الصرف الصحى المعالجة فى الزراعات وآثارها الإيجابية والسلبية على الإنسان والتربة والنباتات، وكذلك جهود الدولة فى تحلية مياه البحر لتلبية احتياجات المدن السياحية والمناطق الصناعية.
أكد الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أن الدولة بذلت جهودًا كبيرة فى مجال إعادة تدوير ومعالجة مياه الصرف الصحى والصرف الزراعى وإعادة استخدام هذه المياه فى الزراعة وخاصة فى الأراضى حديثة الاستصلاح، خاصة مع التحديات التى نشهدها فى ملف المياه فى الوقت الراهن والمتمثل فى محدودية الموارد المائية، وتمتلك مصر موارد مائية تقدر بحوالى 60 مليار متر مكعب معظمها من نهر النيل بواقع 55.5 مليار متر مكعب، رغم أن الاحتياجات تتجاوز 114 مليار متر مكعب سنويًا، ومصر تعمل على قدم وساق فى مجال?معالجة وإعادة تدوير المياه بما يصل إلى 20 مليار متر مكعب من المياه، وتعد محطة بحر البقر الأكبر على مستوى العالم فى مجال المعالجة بطاقة 5.6 مليون متر مكعب، وهى تجمع مياه الصرف الزراعى فى شرق الدلتا لمعالجتها والاستفادة منها، ومحطة الحمام والتى تأخذ جزء كبير من مياه الصرف الزراعى فى غرب الدلتا لمعالجتها.
وأضاف الدكتور أشرف كمال، أن محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر والتى تعد أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعى فى العالم وتعد الأضخم من نوعها، تقع على بعد ١٠ كيلو مترات جنوب أنفاق بورسعيد فى سيناء وشمال مدينة القنطرة شرق بحوالى ١٧ كيلو مترا وتعد من أهم مشروعات برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء وتعظيم مواردها الطبيعية حيث ستساهم فى استصلاح ٤٥٦ ألف فدان من خلال إعادة تدوير وتشغيل مياه الصرف الزراعى والصناعى والصرف الصحى التى سيتم تحويلها من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية أسفل قناة السويس، وبعد المعالجة سيتم تصريفها ?ى قناة الشيخ جابر.
الزيادة الأفقية
وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أن حرص مصر للحفاظ على مواردها المتاحة من المياه وتحقيق أقصى استفادة منها والعمل على معالجة مياه الصرف الصحى والزراعى وإنفاق مليارات الجنيهات فى هذا الشأن، يأتى تعزيزًا للأمن الغذائى المصرى من خلال استصلاح ملايين الأفدنة الصحراوية الصالحة للزراعة للعمل على زيادة معدلات الإنتاج أفقيًا تماشيًا مع جهود زيادة الإنتاج الرأسية التى تتمثل فى استنباط أصناف تقاوى عالية الإنتاجية وصالحة للزراعة والإنتاج فى الأراضى المستصلحة حديثُا، وتمكنت مصر بتوجيهات القيادة ?لسياسية من زيادة رقعتها الزراعية بحوالى 3.5 مليون فدان خلال السنوات القليلة الماضية، وخلال الفترة المقبلة تخطط الدولة لاستصلاح ما يزيد على 4 ملايين فدان إضافية لزيادة الإنتاج وضمان توفير الغذاء الصحى والآمن للمواطنين فى ظل ما يشهده العالم من تحديات أثرت على أمنه الغذائى وسلاسل الإمداد.
مياه البحر
وفى سياق متصل، أكد الدكتور على عبد النبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، أنه فى إطار سعى الدولة لتعزيز مواردها من المياه العذبة تم تنفيذ عدد كبير من محطات التحلية وخاصة فى المدن الساحلية، ومنها محطات تحلية فى مطروح والضبعة تعمل على تحلية 100 ألف متر مكعب يوميًا بالإضافة إلى محطات فى جنوب سيناء تنقى الواحدة منها 20 ألف متر مكعب يوميًا، كما تم تنفيذ أكبر محطة تحلية مياه فى العالم بمنطقة العين السخنة فى فبراير 2019 تعمل على تنقية 136 ألف متر مكعب من المياه يوميًا من خلال محطتين يعملان على تغذية المنطقة?الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس بتكلفة تصل إلى 2,5 مليار جنيه، إضافة إلى 3 محطات عملاقة أخرى بطاقة 150 ألف متر يوميًا إحداها فى الجلالة والأخرى فى شرق بورسعيد والأخيرة فى العلمين الجديدة، وتحتاج مصر سنويًا ما يزيد عن 120 مليار متر مكعب من المياه توفر منها 55,5 مليارًا عبر نهر النيل، ونحو 6 مليارات من التحلية والآبار، وتعانى من فجوة فى الكميات المتبقية، ويستحوذ القطاع الزراعى على نحو 75% من الاستهلاك السنوي، ولا تزال الجهود مستمرة لإنشاء العديد من محطات التحلية من مياه البحر، وهناك اهتمام كبير من القيادة ا?سياسية بملف تحلية مياه البحر لتعزيز مواردنا من المياه العذبة وتلبية احتياجات المناطق الصناعية والسياحية من المياه، خاصة وأن الدولة تتوسع أفقيًا فى الرقعة الزراعية لتلبية احتياجات المواطنين من الغذاء وهو ما يزيد الطلب على المياه العذبة بشكل عام.
المعالجة الطبيعية
أما الدكتور عطية الجيار، الأستاذ بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة فى مركز البحوث الزراعية، فأكد أن أنظمة معالجة المياه الطبيعية تعتمد فى المقام الأول على العمليات الطبيعية لتحقيق الغرض المقصود؛ فى حين أنها قد تحتاج إلى ضخ وأنابيب لنقل مياه الصرف الصحي، إلا أنها لا تعتمد على مصادر الطاقة الخارجية للمعالجة الرئيسية، وتبلغ تكلفة معالجة جالون واحد من مياه الصرف الصحى بالطرق التقليدية 6.5 دولار أمريكى بينما تبلغ تكلفة المعالجة بالطريقة الطبيعية لكمية مساوية من مياه الصرف الصحى 0.6 دولار أمريكي، وتكون كفاءة إز?لة الملوثات ومسببات الأمراض باستخدام الطرق الطبيعية عالية جدًا عندما تتم معالجة النفايات السائلة على مستويات ثانوية.
وأضاف الدكتور عطية الجيار، أن أساليب معالجة مياه الصرف الصحى الطبيعية تتعامل على نطاق واسع مع الاستدامة البيئية، وإدارة مكونات محددة من مياه الصرف الصحى أثناء معالجة مياه الصرف الصحي، وتتميز تقنيات معالجة مياه الصرف الصحى الطبيعية بأنها قادرة على الصمود أمام تغير المناخ، مما يعنى أنها لا تطلق أى انبعاثات كربونية فى الغلاف الجوى كما أنها فعالة من حيث التكلفة، وتتوافق الطرق مع المعايير البيئية، وهى منخفضة التكلفة، على الرغم من زيادة متطلبات الأراضي، ومن إجمالى الأراضى الصالحة للزراعة فى العالم هناك 17% منها ?روية وتنتج 34% من المحاصيل، وتقع ثلاثة أرباع المساحة المروية فى البلدان النامية، ونتيجة لذلك هناك اعتماد كبير على المياه لإنتاج الغذاء، وفى كثير من الأحيان تُستخدم مياه الصرف الصحى فى هذه البلدان لرى الأراضى بسبب ارتفاع الطلب على المياه، وتوافر مياه الصرف الصحى وزيادة الإنتاجية التى توفرها المغذيات المضافة والمواد العضوية، وإمكانية الزراعة على مدار السنة، يجعل الرى بمياه الصرف الصحى مهمًا جدًا على المستوى المحلي.
المياه العادمة
وأشار الجيار، إلى أن مياه الصرف الصحى تستخدم للرى بأشكال عديدة، فيمكن استخدامها كمياه معالجة (مياه مستصلحة) أو غير معالجة (مياه الصرف الصحى الخام) ويمكن تطبيقها مباشرة على المحاصيل أو بشكل غير مباشر بعد تصريفه وتخفيفه بمياه الأنهار أو الخزانات، ويمكن أيضًا استخدام مياه الصرف الصحى فى الرى الزراعى فى المدن، وتمارس هذه «الزراعة الحضرية» فى المناطق الحضرية وشبه الحضرية فى البلدان القاحلة أو الرطبة، اعتمادا على توافر مياه الصرف الصحي، والطلب المحلى على المنتجات الغذائية الطازجة، والأشخاص الذين يعيشون على حافة ?لفقر والذين ليس لديهم فرص عمل.
وتستخدم المياه العادمة المتدفقة فى القنوات المفتوحة لرى قطع صغيرة جدًا من الأراضى حيث يتم زراعة الأشجار أو الأعلاف أو أى منتج آخر يمكن طرحه فى السوق بكميات صغيرة (الزهور والخضروات) أو استخدامه كجزء من النظام الغذائى للأسرة، واستخدام مياه الصرف الصحى للرى له مزايا وعيوب.
وأوضح الدكتور عطية الجيار، أن من مزايا مياه الصرف الصحى المعالج فى الرى الزراعي، السماح بزيادة إنتاجية المحاصيل والإنتاج على مدار العام وتوسيع نطاق المحاصيل التى يمكن ريها، خاصة فى المناطق القاحلة وشبه القاحلة، وإعادة تدوير المواد العضوية والمواد المغذية إلى التربة وبالتالى فهو يقلل من تكلفة الأسمدة.
وكذلك تقليل استخدام الأسمدة الصناعية، ويساعد ذلك أيضًا فى تجنب تصريف الملوثات إلى المسطحات المائية السطحية، وزيادة الكفاءة الاقتصادية للاستثمارات فى التخلص من مياه الصرف الصحى والري، والحفاظ على مصادر المياه العذبة والتقليل من تأثيراتها السلبية على المسطحات المائية، ويمكن إعادة تغذية طبقات المياه الجوفية عن طريق التسلل، وتحسين خواص التربة من حيث الخصوبة التربة، كما أن تكلفة ضخ المياه العادمة من القنوات القريبة أقل من تكلفة ضخ المياه الجوفية، ويسهم ذلك أيضًا فى تحقيق فوائد إضافية منها دخل أكبر من زراعة وتسو?ق المحاصيل ذات القيمة العالية.
وأشار الدكتور عطية الجيار، إلى عدد من المخاطر والعيوب المتعلقة باستخدام المياه العادمة فى الرى الزراعى والتى تتطلب التخطيط بعناية لإعادة استخدام مياه الصرف الصحى حيث إن تأثير التلوث عادة ما يكون أقل ويستغرق وقتا أطول فى التربة منه فى المياه السطحية، وتزداد ملوحة الماء والمحتوى المعدنى فى التربة على المدى الطويل، وهناك حاجة إلى سعة تخزينية للتكيف والتوفيق بين إنتاج مياه الصرف الصحى المستمر والطلب على المياه للمحاصيل والمياه التى يتم توفيرها عن طريق هطول الأمطار، وفى ظل ظروف غير خاضعة للرقابة يمكن أن تسبب مس?بات الأمراض الموجودة فى مياه الصرف الصحى مشاكل صحية للإنسان والماشية؛ وبعض المواد التى قد تكون موجودة فى مياه الصرف الصحى يمكن أن تكون سامة للنباتات أو الماشية أو البشر الذين يستهلكون المحاصيل؛ وبعض المواد التى قد تكون موجودة فى مياه الصرف الصحى يمكن أن تقلل من إنتاجية التربة؛ وقد يؤدى تسرب المياه العادمة إلى طبقات المياه الجوفية إلى تلوث طبقة المياه الجوفية بمسببات الأمراض والمواد العضوية.
صحة الإنسان
وأوضح الدكتور عطية الجيار، أن هناك آثار إيجابية وسلبية لاستخدام مياه الصرف الصحى المعالجة فى الزراعة على صحة الإنسان حيث تتعلق الآثار الإيجابية بالأمن الغذائى فى المناطق الفقيرة وبفضل مياه الصرف الصحى من الممكن أو قد تكون الطريقة الوحيدة لإنتاج الغذاء وزيادة الدخل فى المناطق الفقيرة، وبالتالى زيادة التغذية ونوعية الحياة، ويلعب سوء التغذية دورًا مهمًا فى وفاة 50% من جميع الأطفال فى البلدان النامية.
أما الآثار السلبية لاستخدام مياه الصرف الصحى المعالجة على صحة الإنسان فتعود إلى وجود مسببات الأمراض والمركبات الكيميائية السامة فى مياه الصرف الصحي، وهناك أربع مجموعات معرضة للخطر هى العمال الزراعيون وأسرهم؛ ومعالجات المحاصيل؛ ومستهلكى المحاصيل واللحوم والألبان؛ أولئك الذين يعيشون بالقرب من المناطق المروية بالمياه العادمة، وخاصة الأطفال وكبار السن، وتحتوى المياه العادمة على مجموعة متنوعة من الكائنات الحية التى تفرز، وتختلف الأنواع والتركيزات اعتمادًا على مستويات المرض لدى السكان، ويمكن للعديد من مسببات الأ?راض البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة بما فيها الكفاية فى التربة أو على أسطح المحاصيل، وبالتالى تنتقل إلى البشر أو الحيوانات، علمًا بأن أكثر مسببات الأمراض مقاومة للبيئة هى بيض الديدان الطفيلية، ويُعترف بها باعتبارها الخطر الصحى الرئيسى فى استخدام مياه الصرف الصحى لأغراض الرى بسبب مقاومتها واستمراريتها، وخاصة بالنسبة للبلدان النامية حيث المستويات الموجودة فى مياه الصرف الصحى مرتفعة.
وأضاف الدكتور عطية الجيار، أن هناك أمراضا أخرى مرتبطة باستخدام مياه الصرف الصحي، منها الكوليرا، والتيفوئيد، وقرحة المعدة التى تسببها هيليكوباكتر بيلوري، وداء الجيارديات، وداء الأميبات، والأظافر على شكل ملعقة، وهناك آثار تتعلق بالجنسين لاستخدام مياه الصرف الصحي، لأن المحاصيل مثل الخضروات تحتاج إلى مدخلات عالية من العمالة، والتى غالبًا ما تكملها الأسر النسائية، ويمكن أن يتم نقل مسببات الأمراض إلى أفراد الأسرة الآخرين إذا لم يتم الحفاظ على معايير النظافة الأساسية عند عودة المرأة إلى الأنشطة المنزلية والقيام ب?عمال الطبخ المسائية.
وفيما يتعلق بالمركبات الكيميائية الموجودة فى مياه الصرف الصحى فإن مصدر القلق الصحى الرئيسى يرجع إلى المعادن، فالعديد منها مفيد بيولوجيًا بكميات صغيرة ولكنها تصبح ضارة عند مستويات عالية من التعرض بالنسبة للبعض، وتشمل الآثار الصحية البشرية التى من المحتمل أن ترتبط بالتعرض لهذه المواد الكيميائية سرطان الثدى والبروستاتا والخصية؛ وانخفاض كمية ونوعية السائل المنوي؛ وضعف الوظائف السلوكية العقلية والمناعية والغدة الدرقية لدى الأطفال.
تأثيرها بالتربة
وقال الدكتور عطية الجيار، إن التربة عبارة عن خليط معقد للغاية من المواد المعدنية والعضوية بتركيزات تتباين بشكل كبير باختلاف المناطق والمناخات، ولهذا السبب من الصعب تحديد ما إذا كانت مركبات مياه الصرف الصحى وبأى تركيزات تسبب مشاكل أو توفر فوائد، ومع ذلك فمن المعروف حاليًا أن التأثير الأكثر وضوحًا لاستخدام مياه الصرف الصحى فى الرى هو زيادة الإنتاجية بسبب محتواها من العناصر الغذائية والمواد العضوية.
وتابع: تجعل العناصر الغذائية مياه الصرف الصحى سمادًا فعالًا بينما تعمل المواد العضوية على تحسين نسيج التربة، ويوجد النيتروجين فى عدة أشكال كيميائية «النترات، ونيتروجين الأمونيا، والنيتروجين العضوي، والنتريت»، ومعظم المحاصيل تمتص النترات فقط ولكن الأشكال الأخرى منها تتحول إليها فى التربة، والنترات قابلة للذوبان بشدة فى الماء ونتيجة لذلك يتم غسلها من التربة عن طريق الرى وتلويث طبقات المياه الجوفية أو المسطحات المائية السطحية، لذلك من المهم ضبط كمية النيتروجين المضافة مع مياه الصرف الصحي، وتعتمد هذه الكمية عل? محتوى التربة الأصلى من النيتروجين.
أما الفوسفور فهو نادر جدًا فى التربة ويجب إضافته دائمًا تقريبًا، وتحتوى مياه الصرف الصحى عادة على كميات أقل من الفوسفور مما تحتاجه المحاصيل، ولا تؤثر سلبًا على البيئة حتى لو تم استخدامها لفترات طويلة من خلال النفايات السائلة، لأنها مستقرة ويمكن أن تتراكم فى التربة، أما المغذيات الكبيرة الثالثة وهى البوتاسيوم فتوجد بتركيزات عالية فى التربة (3%) لكنها ليست متاحة بيولوجيا للنباتات، كما أن الرى بمياه الصرف الصحى يثرى المحتوى الدبالى عن طريق توفير المواد العضوية، مما يزيد من رطوبة التربة، ويحتفظ بالمعادن ويعزز النشاط الميكروبي.
وبالنسبة للآثار السلبية على التربة، فإن الرى بمياه الصرف الصحى يتسبب فى زيادة المحتوى المعدنى الذى قد يكون أو لا يكون ضارًا، اعتمادًا على المستوى، ويؤدى استخدام مياه الصرف الصحى المنزلية معالجة أو غير معالجة إلى تراكم المعادن فى الطبقات العليا من التربة دون أى آثار سلبية على المحاصيل، حتى عند تطبيقها على مدى فترات زمنية طويلة، ومع ذلك فإن مياه الصرف الصحى التى تحتوى على النفايات الصناعية السائلة ذات المحتوى المعدنى العالى لا تؤدى إلى تراكم المعادن فحسب بل تسبب أيضًا أضرارًا للمحاصيل وفى نهاية المطاف للمستهلكين.
وعلى المدى الطويل فإن المشكلة الرئيسية التى تسببها إعادة استخدام المياه هى تملح التربة والمياه الجوفية، ويحدث ذلك حتى مع المياه العذبة إذا لم يتم توفير غسل التربة وتصريف الأراضى بشكل مناسب، وبهذا المعنى فإن إعادة استخدام مياه الصرف الصحى ستؤدى إلى تسريع العمليات بسبب ارتفاع محتوى الملح، وتعتبر آثار الملوحة مثيرة للقلق خاصة فى المناطق القاحلة وشبه القاحلة حيث لا يتم التخلص من الأملاح المتراكمة من التربة عن طريق هطول الأمطار الطبيعية وحيث تكون إعادة استخدام مياه الصرف الصحى أمرًا ضروريًا.