نهاية حتمية للتوابع

24-1-2024 | 11:14
الأهرام العربي نقلاً عن

ظاهرة التوابع قديمة جدًا، تزامنت مع نشأة المجتمعات والدول والأمم، بعضهم يسميها «الطابور الخامس».

ومع اندلاع الحرب الباردة بين الشرق والغرب تتحول إلى وظيفة معتمدة، يتمتع شاغلها بمرونة لاعب سيرك، يتجول بين المعسكرات والأفكار حيث تدفق الأموال.
أدوات الوظيفة قليلة، ليست في حاجة إلى مؤهلات علمية رفيعة، بل إلى حنجرة قوية صالحة للهتاف، وترديد الشعارات المطلوبة.

فى العقود الأربعة الماضية نجح شاغلو الوظيفة «المرموقة» فى المهمة، كانوا الطلائع فى عدد من الغزوات التى ارتكبتها قوة التوظيف، دعمًا، وتبريرًا، وكانوا في مقدمة جماهير الثورات الملونة.

نراهم فى كل منعطف، أو كل محنة تضرب المنطقة العربية، حدث هذا مع اندلاع العدوان الإسرائيلى على فلسطين، طفوا على السطح، تركوا الجلاد الإسرائيلى ينفرد بضحيته الفلسطينية، وتفرغوا لغرس أنيابهم فى الأمة التى تقف بشجاعة وثبات وصلابة  ضد العدوان النازى، وجعلوا من أنفسهم دروعًا لأكاذيب المحامين الإسرائيليين فى محكمة العدل الدولية، وزعوا أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى شاشات التليفزيون القادمة من عواصم الغزو، الداعمة للرواية الإسرائيلية المزيفة.

منذ اندلاع الحرب نصب «التوابع»، سيرك التحليلات الملفقة، تناقلوها على صفحاتهم الشخصية، بطريقة واحدة، اعتبروها  حقيقة لا يرقى إليها الشك، بينما هي قادمة من المختبرات الساخنة، ومراكز التفكير التى يعملون فيها.

كنت أتصور أن ساعة الانقضاض على الإقليم ستجعل الجميع يصطفون صفا واحدا، يمنعون الإقليم العربى من الانهيار المجهز، وأن البصيرة السياسية تتطلب روية في اتخاذ المواقف، خوفا من توثيق التاريخ.

كان تصورا واهما، فالتابع لا يتخلى عن مهمته المرسومة، وقد ارتكبها كثيرا، وكلما جد فى وظيفته حاز على اللقب السامى، كان يسمى أيام الاتحاد السوفيتى السابق «مقاتل الحرية»، وفيما بعد انهيار الكتلة الشرقية يسمى « ناشطا»، وأيا كانت المسميات، فإن هؤلاء التابعين هم الأخطر على الإقليم من الكوارث الطبيعية أو الحروب المباشرة.

قبل غزو العراق عام 2003، كانوا في طليعة الجنود، مهدوا الرأى العام لقابلية الاستعمار والغزو، وكانوا في الثورات الملونة قبل عقد من الزمان، قد حملوا الرايات، ومع انهيار الإقليم، ووقوعه فريسة للفوضى، واعتراف الشعوب بفداحة الخسارة الوطنية والإنسانية، ظل هؤلاء «التابعون» ينتظرون فرصة جديدة لدور آخر، وها هم يظهرون خفيفا، يتسللون إلى الشوارع، يتجرأون ويخرجون من جحور الشاشات والكيبورد إلى الشوارع.

اللغة واحدة، والشعارات واحدة، والهدف واحد.

إمعانا فى التلفيق والتزييف راحوا يرفعون شعارات تبدو مناهضة للاستعمار، وباحثة عن الحرية، ومدافعة عن الوطن!

الشاهد أن هؤلاء التوابع يسبحون فى قناة نتنياهو الدموية، ويعبرون فوق جسره المهشم، وقد قال فى اليوم الأول من العدوان على الشعب الفلسطينى: الآن بدأ تغيير الشرق الأوسط للأبد.

يفشل نتنياهو، ويتعرض للمحاكمة هو وأركان حكومته أمام محكمة العدل الدولية، فيحاول «التوابع الوظيفيون» أن ينصروه بأدوارهم الوظيفية الخطيرة، وقد بدأت تتسلل بجرأة إلى الشوارع العربية بعد المحاكمة النادرة في لاهاي بهولندا.

يبدو أن نتنياهو كان فى ساعة تجل، فالشرق الأوسط يتغير بالفعل ليس من أجل أحلامه، ويتغير معه النظام الدولى، وتنتهى وظيفة التوابع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة