تعد قضية الإدمان واحدة من القضايا المهمة التي تتطلب تضافرًا مجتمعيًا من أجل حماية الشباب من السقوط في براثن المخدرات التي أصبحت تشكل خطرًا داهمًا على المجتمعات بعد أن تحولت المخدرات إلى سلاح ضد الشعوب.
موضوعات مقترحة
لكن كثيرين يعتقدون أن رحلة الإدمان تبدو بلا عودة، حيث يجدون أنفسهم في عالم مظلم وكابوس لا ينتهي ويخضعون لجرعات متزايدة من المواد والعقاقير المخدرة حتى يصلوا إلى حالة من الخضوع التام، لكن في المقابل هناك البعض ينجح في السيطرة على الإدمان ويتعافون منه بفضل قوة الإرادة والعزيمة.
ونعرض في التقرير التالي بعض التجارب والنماذج التي نجحت في التغلب على الإدمان:
تكشف الأرقام والإحصائيات الصدارة حديثاً عن معدلات كاريثة للادمان في مصر، حيث قال الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، التابع لوزارة التضامن، إن مشكلة تعاطي المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب، خاصة بعدما وصل معدل الإدمان إلى 2.4% من السكان ومعدل التعاطي إلى 10.4% وإن آخر الإحصائيات لمعدلات الإدمان في مصر حوالي 10% منهم 7% ذكور و3% إناث أي حوالي 10مليون مدمن ومتعاطي مخدرات في مصر.
ويوجد عدة طرق للعلاج من الإدمان مثل ( برنامج cpt- والعلاج بالعمل - وبرنامج المدمنين المجهولين NA)، ومن أنجح الطرق برنامج المدمنين المجهولين الذي يتكون من ١٢ خطوة للامتناع عن كافة أنواع المخدرات حيث يتبع أسلوب جديد في التفكير ويجعل منه شخص مسئول ومنتج في المجتمع.
وإذا عدنا إلى إحصائيات عام 2020 التي أعلنتها مصر، خلال كلمتها في أعمال الدورة 64 للجنة المخدرات بالأمم المتحدة، سنجد أنها تمكنت من ضبط 44 ألفا و416 كيلوجراما من الحشيش، و1282 كيلوجراما من الهيروين و259 كيلوجراما من الأفيون، و4 كيلوجرامات من الكوكايين، و13 مليونا و733 ألف قرص ترامادول، و14 مليونا و657 ألف قرص كبتاجون.
للتعاطي خسائر عديدة
يكشف حازم أسامة تفاصيل رحلته مع الإدمان وتعافيه في السطور التالية إذ يقول: بدأ الأمر بحب الاستطلاع للمخدرات وخلال ما يقرب من ٢٠ عاما تحول الإدمان إلى جزء أساسي من اليوم، وكانت حالتي الصحية في انحدار شديد وامتنعت عن ممارسة بعض الألعاب الرياضية التي كنت أمارسها.
ويضيف: كنت أنفق المصروف على المخدرات وكنت أخترع القصص والمبررات مثل السفر وشراء ملابس جديدة من أجل توفير أموال لشراء المخدرات، وايضاً كنت أسرق من أهلي وأصدقائي.
بالطبع كنت أشعر في البداية بالسعادة والطاقة، لكن مع مرور الوقت بدأ التدهور الصحي والنفسي، بعدما أصبحت أسيرًا للمخدرات، وكدت أن أضيع.
وعندما بدأت رحلة التعافي، وجدت دعمًا كبيرًا من شقيقي، وبعد فترة من العلاج بدأت أشعرا بآدميتي، واستعدت صحتى البدنية والنفسية تدريجيًا.
كارثة حب الاستطلاع
يروي الشاب أحمد . ع رحلته الطويلة مع الإدمان والتي بدأت كالعادة بكارثة الفضول وحب الاستطلاع، ويقول: عام 1990 بدأت في التعاطي وكنت وقتها في الصف الثالث الإعدادي، وسريعًا بدأت حالتي الصحية في الانهيار، وأدت تصرفاتي إلى ابتعاد الناس عني.
في فترة الدراسة كنت أنفق أموال الدروس على المخدرات وكنت أسرق الأشياء الثمينة من المنزل ومن أصدقائي لشراء المخدرات، وتسببت في إيذاء أهلي كثيرًا معنويًا وماديًا، حتى أصيبت أمي بشلل مؤقت بعدما اكتشفت أنني أسرق منها الذهب والمال.
وبعد هذه الرحلة المشينة مع الإدمان قررت العودة إلى الحياة واتخدت قرار التعافي، بعد أن وجدت نفسي في طريق الضياع الكامل حتى أن شقيقيتي بدأت تخاف من وجودي في المنزل، وكدت أدخل السجن بسبب بعض التصرفات غير المسئولة، وبعد التعافي بفضل الله أصبحت حالتي الصحية جيدة، وأصبحت قادرًا على عمل و السفر وممارسة الرياضة وبفضل الله لدي طفلين.
وهم المخدرات وأصدقاء السوء
فيما قال م . عبد العزيز: كانت الرياضة كانت أولوية في حياتي، وكنت أتجنب أي شخص يدخن السجائر لأنني أكره رائحة الدخان، وكان لدي قناعة قوية بأن المخدرات، وخاصة الحشيش الذي كان أصدقائي المقربون يتعاطونه، مجرد وهم.
وأقدمت على التجربة أمامهم لإثبات صحة كلامي ولكن كانت المفاجأة أنني كنت أفقد الوعي، وأصبحت هذه التجربة أسبوعية، ثم يومية، وبدأت اتعاطى مواد أخرى.
وبالنسبة للحالة النفسية والصحية بالتاكيد في الفترة الأولي لا تظهر أي علامات واضحة لكن مع مرور الوقت والسقوط في بئر الإدمان يتزايد الاعتماد على المخدرات، وتبدأ الحالة المزاجية فى التغير، كما أن تأخر الجرعة يكون صعبً ويزيد العصبية والاندفاع والإقدام على ارتكاب العديد من الأخطاء.
ويضيف : بعد فترة من الإدمان انتابتني حالة من الندم وعذاب الضمير بعد أن وجدت نفسي معزولا وهو ما شجعني على خوض رحلة التعافي والعلاج، وقررت دخول مصحة علاجية بمساعدة بعض الأصدقاء المتعافين.
أما الحياة بعد التعافي، فهي حياة جديدة تمامًا فى كل شيء، ونعمة حقيقية وثقه فى النفس واحترام للذات، وأمور كثيرة يفهما كل متعاف، والحمدلله حصلت على الماجستير في التعامل مع السلوكيات الإدمانية، وخطتي المستقبلية إنشاء مقر لتقديم الدعم الكامل للحالات غير القادرة على تكاليف العلاج، مع تعليم حرفة للمدمنين ممن لا يملكون عملًا أو نشاطًا يدر عليهم دخلًا.
واختتم بنصيحه للشباب: قبل التعاطي انظروا إلى حال المتعاطين فى السجون والمصحات، قابلوا أطفال بلا أب أو أم، وتأكدوا أن هذه هي النهاية، وأنكم ستندمون ندمًا شديدًا إذا مشيتم في هذا الطريق المشئوم".