تتبدل المنتخبات الإفريقية وتتغيّر يومًا بعد يوم، ومن بطولة لأخرى، حتى بات من الصعب للخبراء إطلاق التوقعات، قبل أى بطولة عن شخصية البطل أو هوية منتخبات المربع الذهبى.. الاحتراف غيّر من ثقافة وشخصية لاعبى المنتخبات الأفريقية، ومنحهم خبرات وثباتًا داخل الملعب، وهو الأمر الذى يظهر فى البطولات الإفريقية، ومنها البطولة الحالية بكوت ديفوار.. مباراة مصر وموزمبيق قدمت دليلاً على هذا التغيّر، وكيف لمنتخب بعيد عن مرمى التوقعات، أن يُعلن عن نفسه بمجموعة اللاعبين بعضهم من المحترفين ويعود للمباراة من الهزيمة إلى التعادل، ثم تقدم فى النتيجة خلال دقيقتين، قبل أن يتعادل محمد صلاح للمنتخب من ضربة جزاء احتسبت لمصطفى محمد، الذى يبدو أنه أكثر اللاعبين استفادة من تجربة الاحتراف فى الدورى الفرنسى.
موضوعات مقترحة
تعادل منتخب مصر المفاجئ مع منتخب موزمبيق الذى تعثر فى الوصول إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية على مدار 14 عامًا منذ آخر مشاركة له فى نسخة 2010 التى حصدتها مصر.. لا يعنى بالطبع فقد منتخبنا فرصة الصعود.. لكن المباراة ونتيجتها كانت درسًا للتعلم ليس لأفراد المنتخب وجهازه الفنى فحسب، ولكن لمسئولى اتحاد الكرة الذين وجب عليهم ومع نهاية أحداث البطولة بغض النظر عن النتائج والفوز أو الخسارة أن يستوعبوا الدرس الذى تفوق به منتخبا السنغال والمغرب، سواء بالفوز بلقب البطولة الماضية لأسود التيرانجا أو بالوصول إلى المربع الذهبى لكأس العالم لأسود الأطلسي.
الاحترافية لعدد كبير من اللاعبين المصريين هى البداية الحقيقية للتطوير الذى تحدث عنه فيتوريا قبل السفر إلى كوت ديفوار، واستفاض فى أسباب الفشل الدائم لرحلة اللاعبين مع الاحتراف، ووضع يده على علة الكرة المصرية وتأخر تطورها أو تقدمها.. والغريب أن مسئولى اتحاد الكرة لم يتحرك لهم ساكن، ومرت عليهم تصريحات فيتوريا مرور الكرام، ولم يفكر واحد منهم فى المطالبة بعقد جلسة لمناقشة تصريحات المدير الفنى البرتغالى أو الإعلان عن ورش عمل، وعقد مجموعة من الاجتماعات لرؤساء قطاعات الناشئين فى الأندية، ومثلها مع رؤساء الأندية ومسئولى التعاقدات ووكلاء اللاعبين، للعمل على تذليل العقبات بشأن زيادة أعداد المحترفين..
التجارب عديدة فى الدول الأفريقية التى سعى مسئولو الكرة فيها لتطوير الكرة فى بلادهم بمضاعفة فرص السفر للاعبيهم إلى أندية أوروبا وآسيا وآخرها التجربة المغربية، التى أصبح لها عدد كبير من المحترفين فى الدوريات الأوروبية سواء الكبرى منها أو من دوريات أخرى تأتى كمحطة أو خطوة لأى محترف أفريقى يسعى إلى الحصول على رخصة اللعب فى أوروبا، وهى المشكلة التى واجهت عددًا كبيرًا من المحترفين المصريين من غير الدوليين الذين فكروا فى خوض التجربة من خلال وكلاء لاعبين.
أعداد المحترفين فى كأس الأمم الأفريقية بكوت ديفوار تخطت 140 محترفًا، ويأتى المنتخب السنغالى فى الصدارة بعدد 17 لاعبًا وخلفه المنتخب المغربى ويملك 15 لاعبًا، وتقترب من هذه الأرقام منتخبات الجزائر وكوت ديفوار ومالى ونيجيريا وغانا، هذا بخلاف أعداد أخرى أكبر لمحترفين تملكهم هذه الدول، ولم يترشحوا للمنتخب، يلعبون فى عدد من الدوريات الأوروبية بمختلف درجاتها.
فتح آفاق الاحتراف وليس أبوابه التى لم تغلق فى وجه من يملك الموهبة هو الأهم فى ملف الاحتراف، ويحتاج من رجال الاتحاد فى الجبلاية إلى بذل الجهد والوقت لمعالجة كيفية تغيّر فكر مسئولى الأندية قبل اللاعبين فى التعامل مع ملف الناشئين، خاصة أن الغالبية العظمى من المحترفين الناجحين وعلى رأسهم محمد صلاح ومحمد الننى ومن قبلهم هانى رمزى وأحمد حسن خاضوا التجربة فى مرحلة الناشئين، وغير هذا كان سيحكم على التجربة بالفشل.. لابد من تغيّر الفكر والثقافة لدى الناشئين من حلم اللعب للأهلى والزمالك وبيراميدز بحكم ما يدفعه من مقابل مادى كبير إلى حلم آخر أهم هو الاحتراف الخارجى واللعب فى أوروبا.. والاستعانة بندوات ومؤتمرات يحضرها نماذج من أصحاب التجارب الناجحة فى الاحتراف لعرض تجاربهم وتشجيع الصغار على الاحتراف..
أفكار كثيرة وأحلام كبيرة هدمها فكر الاحتراف المحلى وأضواء الشهرة والنجومية الزائفة، وكانت وراء فشل تجارب احتراف رائعة للاعبين معظمهم كانوا مشروعًا لمحترف عالمى سواء فى الجيل الحالى أو فى أجيال سابقة، أبرزها إمام عاشور صاحب أقصر تجربة وشيكابالا وعبدالله السعيد ورمضان صبحى وحسام غالى وكهربا وغيرهم من لاعبين كانوا نواة لمشروعات احتراف ناجحة.. الأمر يحتاج إلى تغيّر فى الثقافات وتغيّر فى الفكر وتغيّر فى القوانين.