كُنْ كَيْفَ شِئْتَ فَإنَّ اللهَ ذُو كَرَمٍ
وَمَا عَليْكَ بِمَا تَأتِيهِ مِنْ بَأسٍ
إِلَّا اثْنَتَيْنِ فَلَا تَقْرَبْهُمَا أَبَدَاً
الْكُفْرُ بِاللهِ وَالْإضْرَارُ بِالنَّاسِ
(ابن سينا)
ها هو عام جديد يهل علينا.. وتتزامن معه بداية جديدة، عام 2024 وبداية جديدة مع انتهاء الانتخابات الرئاسية، وبداية جديدة نستكمل فيها البناء الذى تم طوال السنوات الماضية .
فالتحديات الهائلة التى واجهتها الدولة المصرية منذ2011 ـ ومازالت ـ فرضت وتفرض على المصريين دوماً وأبداً التكاتف والوحدة والعمل والإنتاج .
فالمتابعة الدقيقة لما حدث ويحدث فى مصر وفى محيط مصر الإقليمى توضح للجميع التحديات التى تواجهها الدولة المصرية .
لم ننسَ بعد خطر الانقسام والحرب الأهلية الذي واجهته مصر بعد 2011 و 2013، ولم ننس بعد العمليات الإرهابية القذرة التى استهدفت المصريين، وكان يتم التخطيط لهذه العمليات لتكون فى ذكرى الأعياد والمناسبات الوطنية فى محاولة لتحويلها إلى ذكرى برائحة الدم، لم ننسَ استهداف الكنائس الذى كان يتم مع ذكرى أعياد الميلاد، ولم تسلم المساجد، فلم ننسَ ما حدث من عملية إرهابية فى مسجد الروضة فى سيناء، بل كان يتم التخطيط لمحاولة إفساد أى مناسبة وطنية، فتتحول 25 يناير من يوم وقوف الشرطة إلى جانب الشعب فى مواجهة المحتل الإنجليزى إلى يوم غضب للمصريين من النظام ودعوة لإسقاطه، وبعد ذلك تم استهداف مختلف الأعياد القومية والوطنية فى محاولة لإفساد أيام انتصار المصريين على المحتل، وامتد الأمر إلى ذكرى نصر أكتوبر.. فتم توجيه منصات ألكترونية وبعض الكتاب المحسوبين خطأ بأنهم مصريون؛ لتشويه هذا النصر بل قام محمد مرسى أثناء فترة حكمه وفى ذكرى نصر أكتوبر دعا واحتفى بقتلة بطل النصر الرئيس السادات فى مشهد أثار امتعاض المصريين.
ولم ننسَ محاولات خوارج العصر من استعداء العالم على الدولة المصرية ونظامها والمصريين، وراحوا يتنقلون من دولة إلى أخرى فى محاولات يائسة لتشويه وقفة المصريين لهم فى 2013.
محاولات تقويض ومحاصرة الدولة المصرية فى مقدراتها الاقتصادية والسياسية بدأت قبل 2011 وظهرت واضحة جلية أثناءها.. ولم تتوقف ..
فى مختلف اتجاهات مصر، وفى مختلف حدودها، تم إشعال نقاط صراع ونقاط مشتعلة فى الغرب المصرى وفى الجنوب وفى الشرق، بل فى منابع النيل.. وفى الداخل هناك محاولات مستمرة من خلال وسائط التواصل الاجتماعى لكسر وحدة وتلاحم المصريين، وهذه المحاولات بدأت مع الاحتلال الإنجليزى فى عام 1882، ولم تتوقف حتى اليوم ..
ومع اشتعال الحرب على غزة طفت على السطح أحلام الصهاينة غير المشروعة فى تهجير الأخوة والأشقاء الفلسطينيين من غزة إلى سيناء هذه المحاولات التى رفضها الشعب الفلسطينى وأيضاً رفضها المصريون بالكامل، ووقفت الأجهزة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي وقفة سيسطرها التاريخ تجاه هذه الأفكار وفندتها ورفضتها وحشدت المجتمع الدولى ضدها..
ها نحن فى عام 2024 ومازلنا نواجهه هذه التحديات والتى أصابت فيما أصابت الاقتصاد المصرى فالحرب فى غزة وتداعيتها إلى جانب تداعيات الصراع الغربى الروسى على الأرض الأوكرانية فضلاً عن آثار وباء كورونا السابق، إلى جانب شبه توقف الاقتصاد المصرى بعد 2011 كل هذه العوامل أثرت ومازالت تؤثر على الاقتصاد المصرى مثله مثل أى اقتصاد عالمى ضربته هذه الأحداث .
والتحدى الاقتصادى الذى تواجهه الدولة المصرية واحد من أهم التحديات التى تمس بصورة مباشرة المواطن البسيط، خاصة أنها أثرت فى مستويات أسعار السلع والخدمات بصورة كبيرة، مما أثر أيضًا فى الحياة اليومية للمواطن المصرى ..
وكلى ثقة بأن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى يدرك هذا الأمر جيداً بدليل عدد الاجتماعات التى عقدها مع المعنين بهذا الأمر سواء رئيس الوزراء أو وزراء المجموعة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزى.. ونحن نعلم أن السيد الرئيس يسابق الزمن فى العديد من المشروعات التنموية العملاقة، سواء فى استصلاح الأراضى أو الصوب الزراعية أو المدن الجديد وغيرها من المشروعات العملاقة، التى ساهمت بشكل كبير فى تخفيف حدة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية .
وعلى الحكومة هنا أن تقدم حلولاً غير تقليدية لمواجهة متتالية ارتفاع الأسعار، وإن كان القرار الأخير والخاص بـ 7 سلع استراتيجية وحظر التخزين أو التلاعب هو قرار صحيح، ولكنه كان متأخراً جداً.. وهو خطوة على الطريق الصحيح لضبط الأسواق المنفلتة...
يبقى هنا أن نشير إلى دور التعاونيات والتى قامت الحكومة الحالية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى بإنشاء مجلس أعلى لها منذ قرابة الـ 6 سنوات، وللأسف لم يعقد هذا المجلس أى اجتماع حتى كتابة هذه السطور.. وجميع خبراء الاقتصاد فى العالم يدركون جيداً الدور الذى تقوم به التعاونيات بكل صورها (زراعية، استهلاكية، إسكانية، إنتاجية، ثروة سمكية) فى خدمة محدودى الدخل ودورها فى السيطرة على الغلاء وتوفير السلع والخدمات بأسعار أقل بكثير مما يتم فى الأسواق .
ولهذا أعتقد أنه على الحكومة تفعيل أكثر لدور التعاونيات فى الاقتصاد المصرى لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
نعم.. التحديات الخارجية خطيرة، ولكن الحفاظ على لُحمَة وتكاتف ووعى المواطن المصرى على نفس درجة الأهمية من التحديات الخارجية..
وَللهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.
وَكُلُّ عَامٍ ومِصْرَ وَشَعْبَهَا وَجَيْشَهَا وَقَائِدَهَا بِكُلِّ خَيْر..