Close ad

قاتل من نوع آخر

15-1-2024 | 17:18

لم يولد إنسان مجرم بطبعه، فالسلوك الإجرامي يكتسبه الفرد، وقد يدفعه إلى القتل، ولا يعني أن كل قاتل مجرم، ولكن القاتل المجرم ينشأ في وسط اجتماعي شديد القسوة، وأحيانًا تسوده أفكار متحللة ومشبعة بالحقد، والفقر لا ينتج قاتلًا محترفًا، والفقير يتحول إلى قاتل مأجور عندما تتلقفه جماعات متطرفة أو عصابات إجرامية، تستغل سوء حالته المعيشية، والمجتمعات الفقيرة بيئة خصبة لاستقطاب بقايا بشر.

والقاتل الحاقد يتمتع بسمات إجرامية فريدة تميزه عن القاتل المرتزق، والحاقد يقتل بدوافع عقائدية متطرفة، تغمره لذة الإسراف في القتل، ويسعى حثيثًا للاستحواذ على كل المحيطين به والاستيلاء على مواردهم الاقتصادية، وينتهج القتلة الحاقدون قتل الأطفال والنساء من الفئة المستهدفة، رغبة منهم في وأد الأجيال القادمة لهذه الفئة.

وفضحت معركة "طوفان الأقصى" الوجه القبيح الحاقد للقتلة الصهاينة، فألقوا الفسفور الأبيض على أكثر من عشرة آلاف طفل غزاوي، ومارسوا أبشع إبادة جماعية في القرن الواحد والعشرين، وخلال الأيام الماضية صدح حاخامات الكيان بوجه سافر بكم من الفتاوى تٌبيح سفك دماء الفلسطينيين، لا تستثني منها طفلًا أو شيخًا أو امرأة.

فلا غرابة من وحشية القاتل الحاقد الصهيوني وهو يدمر ويحرق كل مظاهر الحياة لشعب اغتصب أرضه، فقد تربى منذ طفولته على مناهج عقائدية متطرفة، ترسخ في وجدانه حب القتل لكل عربي، ويفصح يهودي مهاجر إلى إسرائيل عن هذا النهج، ونشر تفاصيل رحلته إلى فلسطين في صحيفة يديعوت أحرنوت في يوليو 1972، وقال إن طائفته أثناء إقامته في الخارج أصلت فيه الاستهتار بالسكان العرب، وأقنعوه بأن العرب مجرد حثالة البشر، وحينما سافرت إلى فلسطين عام 1945 ظل القائمون على الكيبوتس في ترديد عبارات الكراهية تجاه الجار العربي على مسامعي.

وبدون خجل ينشر الصحفي "أميتاي بن أبا" مقالًا على موقع "كاونتربنتش" بعنوان "عقيدة الإبادة الجماعية في إسرائيل"، نشره في 21 مايو 2018، وبدأ بعبارة أنه بصفته إسرائيليًا من نسل الناجين من الهولوكوست، لا يرى مفارقة بين الظروف في فلسطين، وتلك التي سبقت المحرقة، وانتهى بمقولته أن إسرائيل مستعدة أيديولوجيًا لتنفيذ عملية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في الوقت الحالي، ويطالب بحسم الإبادة قبل أن يتجاوز عدد سكان فلسطين الـ 6 ملايين نسمة.

ولم يسأل بنو صهيون حين كانوا في الشتات الأوروبي علة اضطهاد المجتمع الغربي لهم، وذلك لأعتقادهم أنهم الأفضل ومن دونهم في خدمتهم، وأعلنوا عنها في كل كتبهم ومخططاتهم، وخلقوا من أنفسهم كائنًا حاقدًا على مجتمع يعيش فيه، وسكنوا "الجيتو" والحارات وبداخلهم رغبة انتقامية ضد الآخر.

وبرغم أن اليهود تمتعوا بحرية العيش بين العرب والمسلمين على مدار التاريخ، غير أنهم لاقوا كراهية وعنصرية من المجتمعات الأوروبية منذ القرون الوسطى، وأجبروا بني صهيون على ارتداء شارة صفراء، ويرجع عدد من حكماء أوروبا سبب الكراهية إلى التأثير الكبير لبني صهيون في تأجيج النزاعات والحروب في جميع أنحاء العالم.

وعنصرية الغرب ضد بني صهيون اشتدت ذروتها بعد الحرب العالمية الثانية، ونهض اليمين المتطرف في أوروبا رافضًا لكل مسلم ويهودي أو أي أجنبي، ويؤمن اليمين المتطرف بخبث بني صهيون وإثارتهم للفتن، وأن هدفهم الاستحواذ على مقاليد الاقتصاد في بلادهم، حتى يصبح لهم الهيمنة، ومن ثم فرض أنفسهم كفئة مختارة، وهو ما يفسر حقدهم الأسود لمن حولهم، ولما اغتصبوا أرض فلسطين، بدا ما بداخلهم من كراهية، فكان الإعلان عن ولادة أجيال من الحاقدين القتلة، ولذا فإن الحاقد قاتل من نوع آخر.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة