تعاني الكرة الأرضية في السنوات الأخيرة من مشكلة ارتفاع درجة الحرارة والتغير المناخي، والناتج من ارتفاع مستويات الغازات الدفيئة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون والذي يشكل طبقة عازلة في الجو تحبس الحرارة داخل الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية وهذه الظاهرة تسمى الاحتباس الحراري وارتفاع مستوى الغازات الدفيئة عن المستوى الطبيعي جاء نتيجة للتلوث الهائل الناتج عن أسباب كثيرة أهمها عوادم السيارات والمصانع ومخلفات الحيوانات وغيرها.
موضوعات مقترحة
وانتشر مؤخرًا مصطلح " شهادات الكربون" أو "الائتمان الكربوني"، وهي "أدوات مالية قابلة للتداول"، كوسيلة مبتكرة للتصدي للآثار السلبية للتغيرات المناخية، على أن تصدر لأي جهة تنفّذ مشروعات خفض غازات الاحتباس الحراري.
ويضع "الائتمان الكربوني أو شهادات الكربون" للشركات رصيدًا طنًا واحدًا من ثاني أكسيد الكربون أو كمية مكافئة من غاز دفيئة مختلف، ويكون لها الحق في انبعاثه من خلال أنشطتها، ولكنها إذا لم تنجح في إدارة الأمور بحكمة لا تجعلها تتجاوز هذا الرصيد، فإنه سيتعين عليها شراء أرصدة الكربون لتعويض انبعاثاتها.
الكربون كريديت
وبهذا الصدد، يقول الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين اتحاد خبراء البيئة العرب، لـ"بوابة الأهرام: أن الائتمان الكربوني أو الكربون كريديت" هو رصيد يسمح لشركة ما بإصدار كمية معينة من الغازات، وتحسب كل وحدة ائتمانية تسمح بانبعاث طن واحد من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من الغازات الأخرى.
متوسط الشهادات الكربونية قد يصل إلى 40 دولارًا
ولفت علام إلى أن الشركات تحصل على عدد محدد من الأرصدة الائتمانية، وإذا تمكنت من خفض انبعاث الغازات فيصبح لديها أرصدة فائضة، ويمكنها بالتالي بيع هذه الأرصدة الفائضة لشركات أخرى وكسب المال، موضحًا أن متوسط الشهادات الكربونية فقد يصل إلى 40 دولارًا، لأن الشركات التي تقوم بشراء للأرصدة غالباً تعجز عن تخفيف الانبعاثات، وهذا ما شجع على إيجاد سوق لتداول سندات للائتمان الكربوني بين الشركات.
الهدف هو تحفيز الشركات على تخفيض الانبعاثات
ويؤكد مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين اتحاد خبراء البيئة العرب، أن سوق الشهادات الكربونية هو سوق واعد، وأن هدف هذه الأسواق هو تحفيز الشركات على تخفيض الانبعاثات، لافتًا إلى أن نسب التلوث في الدول الصناعية كبيرة؛ فعلى سبيل المثال نسب التلوث في ألمانيا وصلت إلى 12%؛ حيث إن قارة إفريقيا نسب التلوث بها وصلت إلى 4%، ومصر نسب التلوث وصلت بها إلى 9.%، وتهدف مصر من هذه الخطوة إلى حشد "التمويل المناخي"، فضلا عن تعزيز الجهود العالمية في التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية.
الدكتور مجدي علام
تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية للمساهمة في حماية البيئة
ومن جانبه، يوضح خبير أسواق المال، عبدالله بركات، أن شهادات خفض الانبعاثات الكربونية هي مواكبة لاهتمام العالم أجمع للتصدي لمخاطر تلك الانبعاثات المضرة على البيئة، كما أعلنت مصر توليها هذا الملف في مؤتمر cop 27 عام 2022 بمدينة شرم الشيخ، والإعلان عن إنشاء سوق طوعي من خلال البورصة المصرية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية للمساهمة في المبادرات التي تعمل على حماية البيئة.
«شهادات الكربون» إضافة جديدة للأدوات المالية
وتابع: أن تلك الشهادات هي إضافة جديدة للأدوات المالية المتنوعة في سوق المال المصري، والذي يلقى اهتمامًا دوليًا ومحليًا في المرحلة الحالية والفترات المقبلة، مؤكدًا أن تلك الشهادات من "أدوات الجذب" للاستثمار في البورصة المصرية والتوسع والتطوير دوليًا ومحليًا، خاصة أن هذا الملف مرتبط بقطاعات وصناعات كثيرة جدًا الأسمدة ومواد البناء ومختلف الأنشطة، التي تود الحصول على الجودة والتطوير لذلك تسعى البورصة المصرية لتسهيل إجراءات التداول بالمشاركة مع شركات تداول الأوراق المالية والجهات المعنية بدور الوساطة بين البائع والمشترى لتحقيق أكبر استفادة للمستثمر في سوق المال المصري .
العائد على الشركات جيد للغاية
ولفت إلى أن العائد على الشركات جيد للغاية، من حيث التمويل الذي توفره البورصة المصرية لتلك الشركات لتطوير منتجاتها بالمعايير الدولية، التي تعمل على توسع نشاطها دوليًا ومحليًا في ظل زيادة تكلفة الالتزام بتلك المعايير ومن المؤكد أن تكون البداية بشركات ومشاريع مصرية ومن ثم شركات إفريقية.
عبد الله بركات خبير أسواق المال
أداة تمويلية
وفي السياق ذاته، يرى الدكتور محمد أنيس، المحلل الاقتصادي، أن شهادات الكربون هي أداه تمويلية لتمويل المشاريع المتماشية مع خفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة فيما يخص الحفاظ على البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية.
سوق واعد
ويتفق الدكتور محمد أنيس مع الدكتور مجدي علام، أن سوق شهادات الكربون «سوق واعد» وهو أداة تمويلية جديدة شبيها بالسندات الخضراء التي تصدرها الحكومات لتمويل مشاريع التنمية المتماشية مع أهداف الحفاظ على البيئة ومنع التغير المناخي.
الدكتور محمد أنيس